الجمعة 13 ديسمبر 2024 09:36 مساءً
الجمعة 13/ديسمبر/2024 - 09:25 م 12/13/2024 9:25:41 PM
رحل نظام عائلة الأسد بعد 54 عاما من من حكم سوريا؛ لتقف الدولة الشقيقة أمام مفترق طرق، وبين شقى رحى؛ تفكيك الدولة الوطنية وتقسيمها، أو شبح حكم الفصائل المسلحة النابعة من رحم داعش والقاعدة.
وعلى الرغم من تجاوز السلطة الجديدة فى سوريا ممثلة فى هيئة تحرير الشام بقيادة أبي محمد الجولانى - الذى عاد لاسمه أحمد الشرع – للتحدى الأول الخاص بتشكيل حكومة جديدة، فى مقابلته الأولى بعد السيطرة على مقاليد الأمور مع شبكة سى إن إن، عمل الجولانى على إرسال رسائل إطمئنان للعالم الخارجى أكثر من الداخل السوري، أشار الجولانى إلى نقطتين رئيسيتين. الأولى أنه وغيره من القادة فى الجماعة تطوروا فى نظرتهم وفهمهم الإسلامى مع تقدمهم فى السن، مما يشير إلى أن الآراء المتطرفة لدى شبابهم قد تضاءلت بمرور الوقت. كما أكد أن المعارضة ستكون متسامحة مع حريات وحقوق الأقليات الدينية والعرقية. وهو بالفعل بدأ فى اتخاذ بعض الخطوات ذات الصلة مثل اغلاق السجون والعفو عن المجندين فى الجيش السوري. لكن ما هو طبيعة النظام السياسى الذى ستنشئه قوى الحكم الان فى سوريا، وهل لنا أن نتوقع حكماً مدنياً ديمقراطياً؟؟. هنا سوف يكون من المثير للاهتمام الآن أن نرى كيف سيشرع محمد البشير، المهندس الكهربائى الذى كلف برئاسة الحكومة المؤقتة فى سوريا، فى وضع القواعد الأساسية للانتقال الديمقراطي، إن كانت هناك نية من الأساس للمدنية والديمقراطية.
التحدى الثانى يتمثل فى هذا العدد من الفصائل التى اتحدت معا لإزاحة الأسد عن حكمه، والتى تجاوز عددها الـ 37 فصيلا وتضم فى عضويتها أكثر من 50 جنسية، ومدى قدرتها على تشكيل قوة موحدة تكون نواة لجيش وشرطة وطنية سورية، أم أنها مرحلة نشوة مؤقتة بانتصار رحيل الأسد، ثم تبدأ بعدها مرحلة عدم استقرار جديدة نتيجة تحارب المنتصرين مع بعضهم البعض؟.
التحدى الثالث يتعلق بالأطراف الدولية الفاعلة فى سوريا وتقاطع وتشابك مصالحها وتضاربها، وانعاكاسات ذلك كله على الأرض ميدانيا والان سياسيا، ومعلوم للجميع طبيعة الأدوار، الروسية، الإيرانية، والتركية. لكن مع التطورات الجديدة للأحداث بدأت تفاعلات جديدة لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل؛ وهى تحركات أمريكية إسرائيلية مثيرة للشكوك، إسرائيل نفذت أكبر ضربات جوية فى تاريخها، استهدفت ما تبقى سلاح الجو السوري، والصواريخ والبحرية السورية، إلى جانب بقايا برنامج الأسلحة الكيميائية ، لحرمانها من أى كيانات معادية فى المستقبل. ومنذ الثامن من ديسمبر، استولت إسرائيل أيضًا على أراض فى العمق السوري، وللمرة الأولى منذ 1973 تتوغل قوات برية إسرائيلية إلى ما وراء المنطقة منزوعة السلاح فى سور يا. ونتنياهو تذرع بحجة الإرهاب المنتظر وقال إن التوغل والاستيلاء الإسرائيلى على الأراضى السورية جاء لضمان عدم وقوعها فى أيدى الجهاديين وكالعادة حماية لأمن إسرائيل المزعوم. وعلى نحو مماثل، شنت الولايات المتحدة غارات جوية ضد أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية فى شمال شرق سوريا. وبدأت الولايات المتحدة لعبة إزدواجية المعايير الأمريكية، وتوظيفها لأجندة الإرهاب، ومتى يتم تصنيفك كإرهابي، ومتى يتم التجاوز عن ذلك إذا ما توافق مع المصالح الأمريكية.
ما يحدث فى سوريا يفرض تحدياً أمنياً جديداً تماماً على المنطقة، والوقت وتطورات الأحداث وتحولات مواقف اللاعبين الرئيسيين فى سوريا سوف يكشفون كيف ستسير الأمور، ولكن هناك أمر واحدا مؤكدا أن الأوضاع لن تعود إلى ما كانت عليه أبدا. هو شرق أوسط جديد بتفاعلات وترتيبات أمنية وإقليمية جديدة، وعلينا الاستعداد لما هو قادم.