01 مارس 2025, 10:31 مساءً
يتوق الناس إلى شهر مضان المبارك؛ للتزود من الطاعات، والتقرب إلى الله -عز وجل- ابتغاء مرضاته؛ لعله يكتبهم ممن حفظ أجسادهم من أن تمسها النار.. وذلك هو حال أهل الرياض في الشهر الفضيل كما يصفه مقال كُتب قبل نحو 100 عام من الزمان.
ففي القصاصة الصحفية التي نشرتها صحيفة أم القرى في أحد أعدادها النادرة، بتاريخ 28 من ذي القعدة 1346هـ، الموافق 17 مايو 1928م، يصف الكاتب في مقال "رمضان في الرياض" مشاهد العبادة والتقى والصلاة في العاصمة السعودية، وقيام أهالي الرياض بالصيام والقيام حتى جاء العيد وهم ما زالوا في عبادتهم وتقواهم.
ويذكر الكاتب أنه بمجرد إطلاق المدافع إيذانًا بقدوم الشهر الكريم تمتلئ المساجد عن آخرها بالمصلين، وعددها نحو 14 مسجدًا، فلا تجد منها مسجدًا خاليًا، سواء في النهار أو الليل، بل تمتلئ بالرُّكَّع السجود، يتلون كتاب الله، كما يصف المقال.
ويعبر المقال عن إعجابه بهمة أهل الرياض؛ فهم في الصباح الباكر ينصرفون إلى أعمالهم ومشاغلهم ومتاجرهم، فإذا قارب وقت الظهر ازدحمت المساجد بروادها، فلا تلقى في الأسواق بائعًا ولا مشتريًا؛ فكلهم في بيوت الله التي تصدح بذكره وتلاوة القرآن، فإذا انقضت الصلاة انتشروا في الأسواق يبتغون من فضل الله.
وفي العصر تمتلئ المساجد مرة أخرى بالمصلين، الذين لا يغادرونها حتى أذان المغرب، فإذا غربت الشمس تناولوا حبات التمر وأدوا صلاة المغرب، ثم انصرفوا إلى أهلهم، ولا يقيم بعد العشاء إلا قليلا حتى يرجع للمسجد؛ لأداء صلاة الفريضة ثم التراويح.
وفي الفجر لا تجد متكاسلاً عن صلاته مع الجماعة.
ووفقًا للكاتب، فإن أهل الرياض ينصرفون عن كل ملذات الحياة مع دخول العشر الأواخر من شهر الصيام، فمنهم من يعتكف في المساجد فلا يخرج منها إلى العيد، ومنهم من يلازمها أكثر أوقاته، فيصلون ويبتهلون إلى الله في خشوع ابتغاء مرضاته.
ويسهب الكاتب في مقاله الطويل في وصف مشاعر المصلين، وخشوعهم، ومناجاتهم لربهم منصرفين عن كل ملذات الدنيا والجسد إلى ما فيه لذة الروح والنفس.
وإضافة إلى العبادات والصلوات يتقرب أهل الرياض إلى الله بغيرها من ألوان القربات، منها إعالة المساكين، وإطعام الفقراء، والصدقات بالأموال.. فكل منهم ينفق تقربًا واحتسابًا، فيما تجد عند قصر الملك عبدالعزيز آل سعود – طيب الله ثراه – الموائد وحولها آلاف المحتاجين والمساكين يأكلون من طيب الطعام، ويتناولون ما تيسر من المال، على حد ذكر المقال.