01 مارس 2025, 10:08 مساءً
تبدأ "سبق" في نشر سلسلة "الله لا يحب" في شهر رمضان الفضيل؛ إذ إن هناك أكثر من 16 موضعًا في القرآن الكريم يوجِّه فيها الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين إلى أنه لا يحب هذه الأفعال، ولا هذه الصفات؛ فلذلك أمرهم باجتنابها، وتحريم فعلها.
ونبدأ بالآية رقم 190 من سورة البقرة {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.
وهذا خطاب لأهل الإيمان، وأمر لهم بالقتال في سبيل الله -تبارك وتعالى-؛ لنصرة دينه، أمرهم بأن يقاتلوا الذين يقاتلونهم، ونهاهم عن الاعتداء، ثم علل ذلك بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}، الذين يتجاوزون حدوده فيستحلون ما حرم الله -تبارك وتعالى-.
ولهذا فإن من أهل العلم من قال إن هذه الآية محكمة، وإن المقصود بالتقييد في قوله: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا} [سورة البقرة:190] يعني قاتلوا الذين يقاتلونكم دون غيرهم من الشيوخ والأطفال والنساء والرهبان، ونحو ذلك.
{وَلا تَعْتَدُوا} بتجاوز ذلك بقتل هؤلاء أو المثلة بقتلى المشركين، فهذا بناءً على أن الآية محكمة.
ويؤخذ من هذه الآية من الهدايات:
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}: أن يكون القصد والنية صالحة في ذلك، فإن هذه الجملة {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} تنتظم أمرين:
الأول: أن يكون القصد هو إعلاء كلمة الله -تبارك وتعالى-.
الثاني: أن يكون ذلك وفق شرع الله.
إن هذا القتال لا يكون في سبيل الله إلا إذا كان على ما شرَّعه وبيّنه ووضحه وهدى إليه. أما إذا كان ذلك على سبيل الحمية، أو العصبية الجاهلية، أو نحو ذلك مما يخالف هذا المقصود، أو كان ذلك على طريقة منحرفة، كالذي يستحل قتال المسلمين ودماءهم وأموالهم، ويعد ذلك قتالاً في سبيل الله، فهذا ليس في سبيل الله. وكذلك من يقتل بالظنون الكاذبة الفاسدة، ويتساهل في شأن الدماء، فإن عمل هذا ليس صالحًا، وليس في سبيل الله وإن اعتقد أو زعم صاحبه أن عمله في سبيل الله، فإن الله -تبارك وتعالى- قد بين شرائعه ووضحها غاية الإيضاح، وهدي النبي ﷺ يشرح القرآن، ويبينه بهديه وقوله، وسنته القولية، وكذلك العملية.
فالقتال المقصود به هو إعزاز الدين، وإعلاء كلمة رب العالمين، أن تكون كلمة الله هي العليا، فينتج عن ذلك الصلاح والإصلاح. أما إذا كان هذا القتال ينتج الفتن والفساد في الأرض فإن ذلك لا يكون مشروعًا.
أيضًا في هذه الآية تأديب وتربية لأهل الإيمان حتى في القتال: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} بأي صورة من صور الاعتداء؛ فإن الاعتداء محرم من عند الله دون تخصيص.
ولما كانت النفوس حينما تكون في حال من القتال قد يحصل لها التجاوز، وقد لا تنضبط، جاء التأكيد هنا على النهي عن الاعتداء: {وَلا تَعْتَدُوا}.