25 فبراير 2025, 11:31 صباحاً
قال الكاتب الإعلامي محمد بن عبدالعزيز الصفيان إنه بقرب حلول شهر رمضان شهر الرحمة والمغفرة والسكينة الذي ينتظره الجميع يصبح التبضع فيه أشبه بسباق ماراثوني داخل الأسواق والمخابز وكأن العروض على السلع ستختفي في لحظة تجد الازدحام على أشده والعربات تملأ الممرات والأعين متيقظة تبحث عن آخر كيس طحين والأيادي تمتد بسرعة عند قسم التمور وكأنها أصبحت ثروة نادرة فضلاً عن ركن الأجبان والألبان حيث يتحول البعض إلى خبراء وزن دقيق يقيمون كل قطعة وكأنهم يخططون لمعادلة علمية.
وأضاف الصفيان في مقال نشر في جريدة اليوم : بعد هذه الجولات المكثفة في التسوق يعود الجميع إلى منازلهم محملين بمختلف الأصناف التي تكفي لإطعام حي بأكمله وعلى مائدة الإفطار يبدأ استعراض الإنجازات حيث تملأ الصحون بكل ما لذ وطاب ثم تختفي في لمح البصر ولكن إلى أين؟ للأسف تذهب إلى القمامة وكأن السفرة الرمضانية تمتلك جاذبية خاصة تسحب كل شيء إليها وبعد ساعة من تناول الطعام يبدأ الندم والتساؤلات ليش أكلت كذا يا ليتني خففت فيأتي الرد التلقائي بكرة صائمين نعوض.
وقال : بعد صلاة التراويح تبدأ جولة أخرى ولكن هذه المرة في الشوارع والمقاهي، البعض يبحث عن "الفود ترك" وكأنه في مهمة استطلاعية والبعض الآخر يدخل في مناقشات حادة على الطوابير بسبب عصير أو صحن سمبوسة وأحيانًا تمتد هذه الحوارات الساخنة إلى مواقف السيارات حيث تتحول الأسباب البسيطة إلى جدالات طويلة على الرغم من أن الجميع في عجلة للوصول إلى نفس الوجهة الجلسة المسائية في مقهى مع كأس قهوة ونقاش أزلي عن أفضل محل لقيمات في الحارة.
وتابع : لكن أكثر ما يلفت النظر هو تغير المزاج العام في رمضان فتجد الشخص الذي كان متسامحًا هادئًا قبل الشهر يتحول إلى شخص سريع الانفعال يثور على أتفه الأسباب فإذا تأخر النادل في إحضار الطلب لبضع ثوانٍ يبدأ التذمر وإذا دخل أحدهم المصعد قبله يصبح الأمر أشبه بقضية اجتماعية تحتاج إلى تفسير وتحليل حتى الأحوال الجوية قد تصبح طرفًا متهمًا في بعض الحالات.
واختتم الصفيان ما إن ينتهي رمضان حتى يعود كل شيء إلى طبيعته تهدأ الأسواق تمتلئ الرفوف من جديد تتراجع الوجبات الثقيلة وتعود العبارات الوعظية حول أهمية الترشيد وكأن شيئًا لم يكن ثم يأتي السؤال الأزلي ليش رمضان دايم يخلص بسرعة ليأتي الجواب الأبدي لأنه كله راح في الأكل والطوابير والمواقف المحرجة وهكذا ندرك أن الصيام لم يكن عن الطعام فقط بل عن المنطق والسلوك أيضًا.