12 فبراير 2025, 12:23 مساءً
في إصرار سيؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في منقطة الشرق الأوسط، كرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال محادثته مع ملك الأردن عبدالله الثاني، إعلان خطته الخطيرة للاستيلاء على قطاع غزة، معتبرًا إياه مشروعًا استراتيجيًا يمكن من خلاله تحقيق استقرار أمني واقتصادي في الشرق الأوسط. بعبارات حادة ومباشرة، صرح ترامب: «سنأخذ غزة، وسنحتفظ بها، وسنديرها بشكل جيد للغاية»، مؤكدًا أن السيطرة الأمريكية على القطاع ستؤدي إلى تحويله إلى وجهة سياحية متطورة تُشبه «ريفييرا الشرق الأوسط».
ولم تكن هذه التصريحات مجرد كلمات عابرة، بل تجسيدٌ لرؤية ترامب التي تتماشى مع منهجه في صناعة الصفقات والابتكار في الحلول الإقليمية. واستند ترامب في تصريحاته إلى سلطته الأمريكية، مُشيرًا إلى أن «السلطة الأمريكية» ستضمن تنفيذ خطته دون الحاجة لشراء القطاع، ما أثار ردود فعل واسعة النطاق داخل وخارج الولايات المتحدة.
رد حازم
على الجانب العربي، لم يمر الكلام دون رد فعل حازم؛ فقد أكد ملك الأردن عبدالله الثاني موقفه الراسخ بعدم قبول أي خطة لتهجير الفلسطينيين من غزة، معتبرًا أن القضية الفلسطينية لا يمكن حلها إلا على أرضها. وفي تصريح صحفي عقب اللقاء، شدد الملك على أن مصلحة الأردن وأمنه لا يمكن أن يُعرضا للخطر، مشيرًا إلى أنه يجب انتظار خطة مصر والدول العربية لمناقشة الخيارات المطروحة، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الأردني أن الأردن لن يتحمل المزيد من أعباء اللاجئين، معتبرًا أن التغيير الديموغرافي قد يهدد استقرار المملكة التي تحتضن أكثر من نصف سكانها من أصل فلسطيني. هكذا، يبدو أن الرد العربي جاء واضحًا، إذ يتمسك بالحق الفلسطيني في العودة والحفاظ على الهوية الوطنية دون تقديم تنازلات مقابل أية ضغوط خارجية.
تحديات أمنية
وأثارت تصريحات ترامب حول تحويل غزة إلى مشروع تنموي جدلاً واسعًا، خاصةً في ظل المخاوف الأمنية التي يخيم عليها الوضع في المنطقة. إذ يشير ترامب إلى إمكانية بناء فنادق ومباني مكتبية ومساكن جديدة، ما يعكس رؤية اقتصادية تهدف إلى استغلال الإمكانات الاقتصادية للقطاع بعد إعادة بنائه من جديد. ومع ذلك، فإن الفكرة أثارت تساؤلات حول كيفية تنفيذها دون الإخلال بحقوق الفلسطينيين، خاصةً بعد سنوات من النزاعات والصراعات التي خلفت دمارًا واسعًا في غزة.
وتبرز هنا تساؤلات حول مدى قدرة الأطراف الدولية على إيجاد حل سياسي واقتصادي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني دون اللجوء إلى سياسات تهجير قسرية يصفها الكثيرون بمحاولة تطهير عرقي. وفي ظل هذا التصعيد، يظهر تباين الآراء بين مؤيد ومعارض للخطة، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في المنطقة.
توازن سياسي
يعتبر اللقاء بين ترامب وعبدالله الثاني بمثابة مفترق طرق في العلاقات الأمريكية – العربية، حيث حاول ترامب فرض رؤيته من خلال ضغوط اقتصادية ودبلوماسية غير مسبوقة. فقد تطرق ترامب إلى إمكانية تخصيص «قطعة أرض» في الأردن ومصر لاستقبال الفلسطينيين، وهو ما رافقه تهديد سابق بحجب مساعدات مالية ضخمة عن هذين البلدين إذا لم يتعاونا مع خطته. ومع ذلك، حاول ملك الأردن تلطيف الموقف بتأكيده على أن الأردن سيركز على مصالحه الوطنية ولن يرضى بزيادة أعداد اللاجئين الذين قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي.
من جانبه، جاء رد وزير الخارجية الأردني واضحًا حين أعلن أن الرد العربي على مثل هذه المقترحات قادم من مصر والدول العربية الأخرى، مشيرًا إلى ضرورة العمل الجماعي لإيجاد حل عادل وشامل يضمن حقوق الفلسطينيين ويحقق الأمن والاستقرار في المنطقة. وهكذا، يتضح أن التوازن السياسي في المنطقة يعتمد على قدرة الأطراف العربية على الرد بشكل موحد ومتماسك على محاولات التدخل الأمريكي في شؤون القضية الفلسطينية.