الجمعة 7 فبراير 2025 03:18 مساءً
في المؤتمر الصحفي الذي عقد قبل يومين بالبيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو, تهرب الرئيس الأمريكي مرتين من الإجابة على سؤالين للصحفيين حول إمكانية تطبيق مبدأ حل الدولتين مقابل إتمام التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية التي اشترطت قيام دولة فلسطينية قبل أي تطبيع واكتفى بالقول: نريد السلام و سيتحقق مع الشركاء، وهذا معناه أن الولايات المتحدة تستبعد حل الدولتين أوبالأحرى لا توافق عليه و هو الحل السياسي الوحيد وفقا للشرعية الدولية بالعودة إلى حدود الرابع من يونيه 1967 بقيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية, وبهذا المفهوم فالسلام الذي يتحدث عنه الرئيس الأمريكي و الذي يقول أنه عاد للبيت الأبيض من أجله و من أجل تصفير الحروب هو مجرد سلام على المقاس الإسرائيلي فحسب , بما يعني كلام في كلام, و ما يؤكد هذا أيضا ولا يدع مجالا للشك في أن الرئيس الأمريكي ماض قدما في مسلك هو بعيد تماما عن أي سلام حقيقي هو ما قاله أيضا في نفس المؤتمر الصحفي من أنه سيناقش مع نتنياهو سيادة إسرائيل على الضفة الغربية، وهذا في خطته من أجل فكرة توسعة إسرائيل التي لا يمل الرئيس الأمريكي الحديث عنها في أي محفل, أو حتى بينه و بين نفسه, ويقول أنه كلما نظر إلى خريطة الشرق الأوسط, و وجد مساحة إسرائيل صغيره ينتابه شعور بالحزن و كان آخرها عندما قال أن مكتبه هذا هو الشرق الأوسط و إسرائيل تمثل فقط القلم من مساحة هذا المكتب في استعارة عن صغر الحجم , و ما انفك الرئيس الأمريكي يذكر العالم متفاخرا أنه الرئيس الأمريكي الوحيد الذي جرؤ على الاعتراف بمرتفعات الجولان كأرض إسرائيلية و هي أرض عربية محتلة! ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس و اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل,هذا غير أنه صادق بالإيماء على كلام نتنياهو الذي طوال المؤتمر يقول الأرض اليهودية، الأرض اليهودية، في إشارة إلى غزة ويقول يهودا و السمراء في الإشارة إلى الضفة الغربية والقدس بالتسمية الإسرائيلية
[وفيما يخص قطاع غزة تحدث الرئيس ترامب كما لو أنه شرطي العالم! وقال إنه لا بديل لسكان قطاع غزة عن مغادرة القطاع والاستقرار في بلدان أخرى حتى يتم بناء المساكن و إزالة آثار الدمار و وهذا لا توصيف له سوى تهجير الفلسطينيين من أرضهم أي نكبة أخرى بعد نكبة ,1948 لذلك كشف الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة ستضع يدها على قطاع غزه، وتجعلها مكان قابل للحياة و ستنفذ فيه مشروع كبير يستوعب عددا كبيرا من العمالة و ستحوّله إلى ريفيرا الشرق الأوسط، مستغلة بحر و بر غزة و السؤال: كيف ستضع الولايات المتحدة يدها على غزة ؟ و ما معنى ذلك؟ , بالمنطق هذا لا تفسير له سوى أن الولايات المتحدة سوف تحتل غزة تحت مسمى إعادة الإعمار وهذه نسخة محدثة من الاستعمار في العصر الحديث, ومهما حاولنا تذويق الكلمات بحديث عن المستقبل العظيم والمشروعات وفرص العمل , فهذا أيضا لم يزل عن الفعل صفة الاستعمار! , ثم لمن سيتم توفير فرص العمل في إعادة الإعمار إذا كان الرئيس ترامب قد سبق بتأكيده على تهجير الفلسطينيين خارج وطنهم, ومن ثم فهناك آخرون غير أصحاب الأرض سوف يعملون في غزة و كأن غزة أرض مشاع لأي طرف يضع يده عليها, أو كان الأمر سهلا و نحن في بداية الربع الثاني من القرن الحادي و العشرين أن تحتل دولة دولة أخرى, في غيبة من القانون الدولي و المجتمع الدولي و مؤسساته
[مثلث قيام الدولة في القانون الدولي مكون من ثلاثة أضلاع هم: الشعب و الحكومة و الإقليم ثم الاعتراف الدولي,و إذا غاب ضلع سقطت الدولة و ما تحدث فيه الرئيس الأمريكي و ضيفه رئيس حكومة الاحتلال هو إخراج الشعب من أرضه بمعنى سقوط ضلع من مثلث الدولة فلا تقوم لا الآن ولا في المستقبل و هذا أيضا يؤكد على نية الرئيس الأمريكي وضيفه بقتل فكرة الدولة الفلسطينية [الرئيس ترامب يكرر كثيرا أنه يريد السلام و ارتدى رابطة عنق سماوية اللون ليدلل على أن هذا مقصده، في حين ارتدى ضيفه رابطة عنق دموية اللون و كأنه يقول أنه على استعداد لسفك المزيد من الدماء, صحيح أن الرئيس ترامب كرر كلمة السلام في هذا المؤتمر أكثر من عشرين مرة، لكن يبقى الأمر فقط مجرد ذكر حرفي للكلمة، و كل الكلمات الأخرى التي قالها الرئيس ترامب و ضيفه " المحتل" كانت ضد السلام ، فالحقيقة لم يكن البيت الأبيض في تلك الليلة أبيضا و لم يكن السلام حاضرا بالمرة