الجمعة 10 يناير 2025 10:48 مساءً
أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق، أن التوكل على الله يتطلب أولًا الثقة الكاملة به سبحانه وتعالى، لافتًا إلى أهمية أن تكون ثقتنا بالله أعظم من ثقتنا بما نملكه بأيدينا، وأضاف أن التوكل الصحيح يعني التسليم لأمر الله والرضا بقضائه، مما يمنح الإنسان راحة نفسية وسكينة داخلية تجعله يواجه العالم بقلبٍ مفتوح وابتسامة دائمة.
الرضا سر السكينة والهداية
وأشار جمعة إلى أن الرضا بفعل الله يعكس حالة من التسليم التام، موضحًا أن مشايخنا الكبار -رضي الله عنهم- كانوا قدوة في هذا المجال. فقد كانوا يتعاملون مع الناس برفق ولطف، حتى مع من جاءهم معترفًا بذنوبه، فلم يكونوا يعنفونه أو يوبخونه، بل يوجهونه نحو طريق الهداية دون أن يفضحوا سره أو يخوضوا في عرضه.
وأضاف أن هؤلاء المشايخ كانوا يرون أنفسهم دائمًا في حاجة إلى الله، ويرفضون الحكم على الآخرين. وكان أحدهم يقول: "أنا لا أعرف مكانة أي إنسان عند الله؛ قد يكون من ارتكب المعصية قد تاب وأصبح من كبار الأولياء".
التعامل مع الخلق بوعي التوكل
أكد جمعة أن مشايخنا علمونا أن "دع الخلق للخالق" هو أساس التعامل مع الآخرين، مشيرًا إلى أن الحكم على الناس أو التكبر عليهم بسبب الطاعة هو نوع من الفساد القلبي. واستشهد بحديث النبي ﷺ: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ».
التحذير من التكبر والانشغال بعيوب الآخرين
أوضح جمعة أن التكبر على الناس ورؤية النفس أفضل منهم هو فساد قلبي خطير. وأشار إلى أن انشغال الإنسان بعيوب الآخرين بدلًا من عيوبه هو علامة على فقدان التوازن الروحي والنفسي، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «طوبَى لمن شغلَهُ عيبُهُ عن عيوبِ النَّاسِ».
اختتم الدكتور جمعة رسالته بالتأكيد على أهمية التوكل على الله، والثقة برحمته وعدله، والرضا بأمره. فبهذا التوكل والرضا تهدأ النفس، ويصبح الإنسان قادرًا على التعامل مع الآخرين برحمة وحب، مما يفتح أبواب الهداية والخير.