الاثنين 6 يناير 2025 02:25 صباحاً
في خطوة مثيرة، كشفت وسائل إعلام عبرية عن تفاصيل غير مسبوقة حول عملية اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله، التي وصفتها بأنها واحدة من أكثر العمليات تعقيدًا في تاريخ الصراع مع الحزب. الرقابة العسكرية الإسرائيلية سمحت بنشر هذه المعلومات، لتسليط الضوء على التخطيط الدقيق الذي استمر لسنوات وأدى في النهاية إلى إنهاء مسيرة أبرز رموز المقاومة اللبنانية.
خطة بدأت منذ حرب 2006
بدأت المخابرات الإسرائيلية، ممثلة بـ "أمان" و"الموساد"، تتبع حسن نصر الله منذ انتهاء حرب لبنان عام 2006. ورغم امتلاكها معلومات دقيقة عن تحركاته آنذاك، لم تتخذ القيادة الإسرائيلية قرارًا باغتياله بسبب حساسية الموقف الإقليمي والدولي. لكن التطورات التي أعقبت ذلك، ولا سيما دعم حزب الله للمقاومة الفلسطينية في غزة، دفعت إسرائيل إلى تسريع خططها.
في عام 2024، ومع تصاعد حدة التوترات في المنطقة، اتخذت القيادة الإسرائيلية قرارًا استراتيجيًا باغتيال نصر الله، بعد فشل محاولات دفع الحزب إلى التراجع عن دعم المقاومة الفلسطينية ووقف عملياته العسكرية ضد إسرائيل.
تصعيد عسكري وسياسي: الطريق إلى المواجهة
في 16 سبتمبر 2024، أعلنت إسرائيل عن عملية عسكرية واسعة تستهدف مواقع حزب الله في جنوب لبنان، وبدأت بقصف مكثف شمل مستودعات الأسلحة ومراكز القيادة. ووفقًا للتقارير الإسرائيلية، تسببت هذه العمليات في تدمير ما يزيد عن 80% من القدرات الهجومية للحزب.
بالتزامن مع التصعيد العسكري، اغتالت إسرائيل إبراهيم عقيل، أحد أبرز مساعدي نصر الله، وعددًا من القادة الميدانيين في الحزب. هذا التحرك كان جزءًا من استراتيجية تهدف إلى إضعاف البنية القيادية لحزب الله قبل الوصول إلى رأس الهرم.
استراتيجية الاغتيال: تضليل ومعلومات دقيقة
حسب موقع "واينت" العبري، عملت إسرائيل على استراتيجية تضليل محكمة لإخفاء نواياها، مما جعل نصر الله يعتقد أن اغتياله ليس أولوية. بالتزامن، قامت أجهزة الاستخبارات بجمع معلومات دقيقة حول موقعه في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وقبيل تنفيذ العملية بأيام، تمكنت المخابرات الإسرائيلية من تحديد مكان نصر الله في مجمع سكني مكون من 20 عمارة، وأعدت خطة عسكرية محكمة استهدفت شل أي محاولات هروب أو إنقاذ.
تنفيذ العملية: قصف مكثف يضمن النجاح
في مساء اليوم المحدد، 18 سبتمبر 2024، انطلقت العملية باستخدام 14 طائرة مقاتلة محملة بـ83 عبوة بزنة إجمالية بلغت 80 طنًا. استهدفت الغارات المبنى السكني بالكامل، بما في ذلك مداخل الطوارئ والمخارج، لضمان القضاء على الهدف.
واستمر القصف المكثف لعدة أيام متواصلة، بهدف منع تدخل فرق الإنقاذ اللبنانية أو انتشال أي ناجين من تحت الأنقاض. وصف مراقبون هذه العملية بأنها "إستراتيجية الأرض المحروقة"، حيث هدفت إلى القضاء على نصر الله وأي وجود قيادي مرتبط به.
ما بعد الاغتيال: تداعيات محلية وإقليمية
في أعقاب إعلان حزب الله عن مقتل حسن نصر الله، شهد لبنان توترًا سياسيًا وعسكريًا غير مسبوق. وأعلن الحزب أن تشييع جنازة نصر الله سيتم بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، ما يعكس استمرار الصراع كجزء من المشهد الإقليمي الملتهب.
على المستوى الإقليمي، أثارت العملية ردود فعل متباينة، حيث أدانت دول وحركات مقاومة العملية الإسرائيلية، واعتبرتها انتهاكًا صارخًا للسيادة اللبنانية.
تحليل ودلالات
تعكس عملية اغتيال حسن نصر الله تطورًا في العقيدة العسكرية الإسرائيلية، التي تعتمد على التصفية الجسدية للقيادات المؤثرة كأداة للردع. لكن هذا النوع من العمليات يحمل في طياته مخاطر استراتيجية، حيث يمكن أن يؤدي إلى تصعيد طويل الأمد، فضلًا عن احتمال ظهور قيادات جديدة قد تكون أكثر تشددًا.
رغم نجاح إسرائيل في تنفيذ العملية، يبقى السؤال الأهم: هل ستؤدي هذه الخطوة إلى إنهاء تهديد حزب الله، أم أنها مجرد بداية لمرحلة جديدة من الصراع؟