الخميس 26 ديسمبر 2024 07:12 مساءً
سورة القصص هي إحدى السور المكية التي تضم العديد من العبر والدروس المستفادة التي توجه المسلم في حياته اليومية، وتساعده في فهم العوائق التي قد تواجهه وكيفية التعامل معها بالصبر والتوكل على الله.
هذه السورة تروي قصة موسى عليه السلام، وتقدم العديد من الدروس التي يمكن أن يستفيد منها المسلم في جميع جوانب حياته. وفيما يلي أهم أربعة دروس من سورة القصص، التي تساهم في بناء شخصية المسلم والمجتمع.
1. التوكل على الله والتفويض الكامل
من أبرز الدروس المستفادة من سورة القصص هو أن التوكل على الله هو السبيل لتحقيق النجاح والتفوق. في قصة موسى عليه السلام عندما كان في موقف صعب، حيث طاردته جيوش فرعون، وعندما وجد نفسه أمام البحر الأحمر، رفع يديه إلى الله وقال: "كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ" [القصص: 62].
كان التوكل على الله مصدرًا لقوة موسى عليه السلام، وبدعائه وتفويضه لله سبحانه وتعالى، انفلق البحر أمامه. هذا يعلّم المسلم أن لا ييأس أبدًا، وأن يضع ثقته الكاملة في الله مهما كانت الظروف.
2. الصبر في مواجهة الابتلاءات
تعلمنا سورة القصص أن الصبر هو مفتاح الفرج. فحتى في أشد اللحظات صعوبة، كان موسى عليه السلام صابرًا، وقد مر بتجارب مريرة منها الظلم في مصر، والطرد، ثم الغربة والابتعاد عن وطنه، إلا أن الله عز وجل كان يبتليه ليصنع منه شخصية عظيمة.
قال الله تعالى: "إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ" [القصص: 14]، وهذا يعني أن الله يضع المؤمن في اختبارات ليزيد من قوة إيمانه ويُقويه ليحقق مهمته في الحياة.
3. العدالة والحق لا يتأخران
سورة القصص تسلط الضوء على أن العدالة لا بد أن تتحقق في النهاية، رغم ما يبدو من تسلط الظالمين أو الظلم الذي يعيشه المؤمنون في بعض الأحيان. في قصة فرعون الذي ظلم واستكبر، أرسل الله له موسى ليحاربه في الظلم، وفي النهاية، لاقى فرعون مصيره المحتوم. قال الله تعالى: "وَفَجَّرْنَا الْبَحْرَ لِمُوسَىٰ فَفَجَّرْنَا فِيهِمْ لِمُوسَىٰ" [القصص: 60]، وهذا يعني أن الله سينتصر للحق ويجعل الظلم زائلًا في النهاية.
4. التمسك بالهداية والابتعاد عن الغرور
في درس آخر من سورة القصص، نجد أن موسى عليه السلام يُظهر لنا كيفية التمسك بتوجيهات الله وعدم التكبر أو الغرور بعد أن حصل على مكانة عظيمة في مجتمع بني إسرائيل.
كان موسى عليه السلام يحذر من الكبر، وأخذ العبرة من هلاك فرعون الذي قادته غروره وكبرياؤه إلى الهلاك، بينما ظل موسى عليه السلام متواضعًا ومخلصًا في عبوديته لله. قال الله تعالى في هذا الصدد: "وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ" [القصص: 31]، ليعلم موسى عليه السلام أن العظمة لله وحده، وأن الإنسان لا يجب أن يفتخر أو يغرّه ما يملكه من نعم.
سورة القصص تقدم للمسلم دروسًا هامة تساعده على التوكل على الله، والصبر في مواجهات الحياة، والتفاؤل بتحقيق العدالة في النهاية، والابتعاد عن الغرور. هذه الدروس تعد مصدرًا هامًا لكل مسلم يسعى لبناء شخصية قوية مستنيرة بالإيمان.