الأحد 8 ديسمبر 2024 02:33 مساءً
في خضم الأحداث المأساوية التي عصفت بسوريا خلال العقد الأخير، يطرح سؤال مصيري: هل سقط بشار الأسد، أم أن سوريا هي التي سقطت؟ يبدو أن الإجابة تحمل في طياتها مأساة أكبر مما يتخيله البعض، فالقضية لم تكن فقط عن سقوط نظام أو زعيم، بل عن سقوط وطن في مستنقع التمزق والدمار.
دروس من التاريخ العربي الحديث
منذ بداية موجة "الربيع العربي"، شهدنا نماذج متشابهة في ليبيا، والعراق، واليمن. قيل حينها إن القذافي، وصدام حسين، وعلي عبدالله صالح قد سقطوا، لكن الواقع أثبت أن تلك الدول هي التي سقطت في أيدي الجماعات المسلحة المتطرفة، وتحولت إلى ساحات للفوضى والتشرد.
سوريا بين التحرير المزعوم والاحتلال الفعلي
تحت شعارات "تحرير سوريا" و"إسقاط النظام"، أُغفلت الحقائق المؤلمة: الجولان المحتلة، التي لم تجرؤ الجماعات المسلحة على إطلاق رصاصة واحدة باتجاهها، بل بالعكس، كانت إسرائيل تدعم وتعزز وجودها هناك. فكيف نتحدث عن حرية أو انتصار في ظل تجاهل هذا الواقع؟
الثمن الإنساني الباهظ
المشاهد القادمة قد تكون أكثر قسوة اذا لم تعالج الأمور بشكل عاجل ووفقا لما يتمناه الشعب السورى، لاننى أخشى ام يطول الأمر و تظهر فى الأفق موجات جديدة من اللاجئين، أطفال بلا مأوى، عائلات تبحث عن الأمان في كل اتجاه. أن يعيش الإنسان بلا وطن أو تحت احتلال فكري وثقافي دخيل، هو مأساة لا يمكن وصفها. سوريا، التي كانت تاريخيًا رمزًا للحضارة والثقافة والانفتاح، تواجه الآن تهديدًا من فكر متطرف أشبه بالسرطان، يفتك بكل شيء جميل، و لا يترك الجسد الا مدمرا، اللهم الا اذا كان هذا الجسد متلاحم و قوى.
الحرية الحقيقية: مسؤولية وليست فوضى
ما حدث في العراق عندما أُسقط تمثال صدام حسين، وما يحدث اليوم في سوريا من تحطيم لتماثيل حافظ الاسد ، ليس تعبيرًا عن الحرية، بل هى مؤشرات نحو الانزلاق و للفوضى العارمة. الحرية مسؤولية تتطلب الحفاظ على الوطن ومقدراته، لا تدميره تحت شعارات عاطفية قد تفضي إلى نتائج كارثية.
الحرية مسئولية، و الحفاظ على الوطن مسئولية و ليست همجية و تحطيم المنشأت لأن الفاتورة سوف تكون باهظة و سوف يدفع ثمنها الشعب كله، لأن البناء يحتاج ايضا فاتورة بالتأكيد تتحملها خزينة الدول.
درس مصر: الشعب والجيش يدًا بيد
مصر مرت بتجربة قاسية خلال حكم الإخوان المسلمين، الذي لم يدم سوى عام واحد، لكنه كان كافيًا ليظهر خطر الفكر المتطرف. إلا أن الشعب المصري، بحماية جيشه العظيم، قال كلمته وأعاد البلاد إلى مسارها الصحيح. على الشعب السوري أن يتعلم من هذه التجربة، فالحفاظ على الوطن أولوية لا يمكن التهاون بها.
سوريا اليوم ليست بحاجة إلى شعارات بل إلى إعادة البناء وتلاحم بين أبنائها للحفاظ على ما تبقى. المعركة ليست فقط ضد نظام أو شخص، بل ضد محاولات تقسيم وتفتيت بلد له تاريخ طويل من الحضارة والانفتاح.
.
انا شخصيا لا يهمنى وجود بشار من عدمه، لكن كل ما يهمنى الا أشاهد دولة عربية جديدة تعيش التشرذم و التفتت و الانقسام. و الفكر المتطرف ينهش فى جسدها حتى ينهكها و تصبح اشلاء كما أصبحت دول أخرى كثيرة.