06 ديسمبر 2024, 10:27 صباحاً
أصدر باحثون من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، بالتعاون مع "مجتمع أيون"، وهي مؤسسة غير ربحية مكرّسة للتنمية المستدامة والابتكار البيئي، دعوة عاجلة لقادة العالم؛ لإعطاء الأولوية لاستصلاح الأراضي والنظم الغذائية كإستراتيجية رئيسة في معالجة أزمتَي المناخ وفقدان التنوُّع الحيوي.
ونشر الباحثون ورقة سياسات بحثية جديدة، بعنوان "دعوة إلى العمل على استصلاح الأراضي واستدامتها"، تحدّد إطاراً شاملاً لتحقيق الحياد في تدهور الأراضي بحلول عام 2030، وخفض الأراضي المتدهورة بنسبة 50% بحلول عام 2050.
تهدف هذه المبادرة إلى عكس الآثار السلبية لتدهور الأراضي، والتي تشمل زيادة انعدام الأمن الغذائي، وانخفاض الموارد المائية، وتفاقم تغيُّر المناخ بسبب تضاؤل قدرة الأراضي على امتصاص الكربون.
يُشار إلى أن تدهور الأراضي ليس مجرد نتيجة لتغيُّر المناخ، بل هو أيضاً سبب رئيس له، فالأراضي المتدهورة تفقد قدرتها على امتصاص الكربون وعزله بشكلٍ فعّال؛ ما يزيد حدة الاحتباس الحراري. كما أنها تنتج محاصيل أقل مما يزيد الممارسات الزراعية غير المستدامة فيها.
ونُشرت الورقة في المؤتمر السادس عشر للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (COP16)، الذي تستضيفه العاصمة الرياض، ويُعقد لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط، مما يؤكّد أهمية المنطقة في مناقشات الاستدامة العالمية. ويهدف هذا المؤتمر إلى تسليط الضوء على أهمية الاستثمار في استعادة الأراضي وإتاحة الفرص.
ويؤكّد البحث الجديد لـ "كاوست"، الحاجة إلى تسريع جهود الحفظ، وآليات التمويل المبتكرة، وتعزيز التعاون الدولي في مجالات استعادة البيئات الأرضية واستصلاحها وحمايتها.
وتشمل التوصيات الرئيسة التي تضمنتها الورقة: تعزيز التعاون الدولي؛ تعزيز التآزر بين اتفاقيات الأمم المتحدة لتقديم توصيات مشتركة بشأن السياسات والإشراف على التنفيذ. ويشمل ذلك إنشاء فريق متكامل للاتفاقيات لضمان المساءلة وتتبع التقدُّم المحرز. تحفيز التمويل المبتكر: إنشاء سندات خضراء وصناديق استثمار مستدامة للأراضي لجذب رأس المال الخاص لمشروعات الاستعادة واسعة النطاق، علاوة على ذلك، تنفيذ مبادلات الديون مقابل الطبيعة ونماذج التمويل المختلط لدعم الإدارة المستدامة للأراضي في البلدان النامية. الاستفادة من التقنية والبيانات: استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ومراقبة الأرض للرصد والمساءلة في الوقت الحقيقي، ووضع معيار عالمي لرصد صحة الأراضي لتحسين الحوكمة وضمان الوصول إلى البيانات بشكلٍ متسقٍ في جميع أنحاء العالم.
كما تتضمّن تمكين المجتمعات المحلية: دمج معارف السكان الأصليين وتعزيز أطر الحوكمة الشاملة. ودعم صغار المزارعين أصحاب المزارع الصغيرة في الوصول إلى حيازة الأراضي والأسواق والتقنيات الزراعية المستدامة لتعزيز الإنتاجية والقدرة على الصمود. تعزيز النظم الغذائية المستدامة: تحويل ممارسات إنتاج الأغذية للحد من الأثر البيئي، مع التركيز على الزراعة المتجدّدة والحد من هدر الأغذية بنسبة 75% بحلول عام 2050. تشجيع التحولات الغذائية نحو خيارات أكثر استدامة، مثل زيادة استهلاك الأغذية النباتية والمأكولات البحرية من مصادر مستدامة. وضع أهداف طموحة لما بعد عام 2030: الالتزام بالحد من الأراضي المتدهورة بنسبة 50% بحلول عام 2050 وتحقيق الحياد في تدهور الأراضي بحلول عام 2030، ومواءمة الجهود مع الأهداف العالمية المتعلقة بالمناخ والتنوُّع الحيوي والأمن الغذائي.
وتكتسب هذه الأهداف أهمية بالغة؛ لأنها تركز على استعادة النظم البيئية التي تعزل ثاني أكسيد الكربون، وتدعم أنواعاً متنوّعة من الكائنات الحية، وتعزز إدارة المياه.
وتلعب جهود الاستعادة هذه دوراً مهماً في التخفيف من آثار تغير المناخ وزيادة القدرة على التكيُّف مع الظروف المناخية القاسية. كما تحث هذه الورقة صانعي السياسات على زيادة الاهتمام السياسي بقضية تدهور الأراضي وضمان أن تعتمد الإستراتيجيات المستقبلية على تقييمات علمية وعمليات تشاركية.
وقال البروفيسور فرناندو مايستري؛ الخبير الشهير في مجال التصحر في "كاوست" وأحد مؤلفي الورقة البحثية: النظم الغذائية ليست مجرد قضية بيئية أخرى، بل هي قضية مركزية بالنسبة للتحديات العالمية التي تواجهنا في مجال تغيُّر المناخ وتدهور الأراضي وفقدان التنوُّع الحيوي، وهي أساسية لتنميتنا. وعلى الرغم من وجود أهداف قائمة بالفعل للعمل المناخي وحماية التنوُّع الحيوي، فإن قضية النظم الغذائية لا تزال غير معالجَة بالقدر الكافي من قبل المجتمع الدولي، يجب علينا التحرُّك الآن لتطبيق سياسات قوية تعتمد على التقنية والتمويل والمشاركة المجتمعية.
من جانبهما، قالت اﻷﻣﻴﺮة ﻧﻮرة ﺑﻨﺖ ﺗـﺮﻛﻲ آل ﺳﻌﻮد؛ واﻷﻣﻴﺮة ﻣﺸﺎﻋﻞ ﺑﻨﺖ ﺳﻌﻮد اﻟﺸﻌﻼن؛ مؤسّستا وﻗﻒ "ﻣﺠﺘﻤﻊ أﻳﻮن": "رؤيتنا في مجتمع أيون هي تحويل الاستدامة من طموحٍ إلى واقعٍ ملموسٍ تكون فيه المملكة العربية السعودية مثالاً يُحتذى به. من خلال دمج اقتصادنا وبيئتنا وتراثنا وثقافتنا، نهدف إلى إنشاء مجتمعات نابضة بالحياة تزدهر بشكلٍ متناغمٍ مع الطبيعة. إن تعاوننا مع (كاوست) دليلٌ على التزامنا بالحلول الرائدة التي تحقّق التوازن بين هذه العناصر، وتضمن مستقبلاً مستداماً للأجيال المقبلة".
يُذكر أن مؤتمر الأطراف السادس عشر (COP16) الذي بدأ في الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر، يشكّل منصة للقادة من حول العالم؛ لمناقشة واعتماد إستراتيجيات عملية؛ لمكافحة التصحر، وتعزيز الإدارة المستدامة للأراضي.