أعلنت عدد من شركات الاتصالات العاملة في السوق المصرية في خطوة لا تخلو من الغرابة، عن تقديم خدمة مجانية لعملائها تحت مسمى “الدعم والتضامن” مع الشعب السوري في ظل الأوضاع المأساوية التي تعيشها سوريا منذ سنوات.
الخدمة التي تروج لها شركات مثل “فودافون” و”إي إند مصر – اتصالات” قد تكون من حيث المبدأ محاولة للاحتجاج على القسوة التي يعيشها السوريون، لكن في الواقع، تكشف هذه الخطوة عن استغلال مفضوح للأزمة في سوريا لتحقيق مصالح تجارية وإعلامية تقتصر على تحسين صورة هذه الشركات أمام جمهورها المصري.
مكالمات مجانية ومهزلة في تقديم المساعدة
في الوقت الذي يسقط فيه السوريون ضحايا يومياً جراء القصف والدمار والتهجير، قررت شركات الاتصالات في مصر أن “الدعم” الذي تقدمه لا يتعدى مكالمات دولية مجانية لمدة سبعة أيام. نعم، سبعة أيام فقط. هذا هو كل ما استطاعت هذه الشركات تقديمه في وقت يعيش فيه السوريون جحيمًا من معاناة لا تُحتمل.
فما الذي ستفعله هذه الأيام السبعة في التخفيف من وقع الكارثة التي أودت بحياة الآلاف؟ إذا كانت هذه هي ذروة “الاستجابة” لهذه الشركات للأزمة، فإنها تظهر بوضوح مدى استخفافها بالمأساة الحقيقية التي يعاني منها السوريون.
فودافون تروج للإنسانية بينما تتجاهل الحقيقة
في إعلانها عن الخدمة المجانية، أعلنت شركة “فودافون” عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك أنها ستتيح المكالمات الدولية مجانًا لمدة أسبوع بدءًا من 11 ديسمبر 2024.
وكأن هذه الخطوة الجوفاء يمكن أن تُخفي الكارثة التي تعيشها سوريا. هذا الترويج الساخر ليس إلا مجرد عملية تسويقية رخيصة لاستعراض الحُسن أمام الجمهور، بينما في الواقع، لم تقدم الشركة أي دعم حقيقي يمكن أن يغير من واقع معاناة الشعب السوري أو يخفف من مصائبه.
عرض وهمي من “إي إند مصر – اتصالات”
لم تكن شركة “إي إند مصر – اتصالات” أفضل حالاً. في خطوة مشابهة، أعلنت هي الأخرى عن إتاحة المكالمات الدولية المجانية لمدة أسبوع. لا أحد يعرف بالضبط كيف يمكن لهذا العرض أن يكون ذا فائدة حقيقية لملايين السوريين الذين يواجهون الموت والجوع والدمار.
عرض “اتصالات” جاء في وقت كان يجب فيه على الشركات الكبرى أن تتحرك بشكل حاسم وداعم بشكل ملموس وليس مجرد عرض لخدمة في فترة زمنية ضئيلة.
هل تظن هذه الشركات أن السوريين ينتظرون مكالمات دولية مجانية كحل للأزمة التي يعيشونها؟ وهل هذه الشركات تصدق حقًا أن المكالمات المجانية يمكن أن تُسهم في تخفيف آلام اللاجئين والنازحين؟
هل هذه هي “الإنسانية” التي يتحدثون عنها؟
الواقع أن هذه المبادرات من شركات الاتصالات لا تعدو كونها محاولة يائسة لتغطية فشلها في تقديم أي دعم حقيقي للمحتاجين. الشركات الكبرى مثل “فودافون” و”إي إند مصر – اتصالات” تصف هذه الخطوات بأنها “دعم إنساني”، بينما هي في الحقيقة مجرد حملات إعلانية تسعى من خلالها لتحقيق أهداف تجارية.
إذا كانت هذه الشركات صادقة في دعمها، فلماذا لم تقدم دعمًا حقيقيًا على الأرض مثل تمويل حملات إغاثية أو توفير مساعدات طبية للاجئين السوريين؟ لماذا اقتصرت “الدعوة للمساعدة” على مكالمات مجانية لا تصل إلى 1% من احتياجات السوريين؟
تجميل صورة الشركات على حساب معاناة السوريين
من المثير للدهشة أن هذه الشركات اختارت الوقت الذي تزداد فيه معاناة السوريين لتروج لجهودها “الإنسانية” التي لا تسمن ولا تغني من جوع. خدمة المكالمات المجانية لمدة أسبوع لم تقدم أي حل حقيقي لمشكلة اللاجئين السوريين أو المواطنين الذين يعانون من شظف العيش.
فما هي المكالمات التي ستصل في ظل انقطاع الكهرباء والمياه في العديد من المدن السورية؟ هل ستُغير هذه المكالمات من واقع الناس الذين لا يجدون الطعام أو المأوى؟ هل ستمكنهم من الهروب من الموت الذي يلاحقهم يوميًا؟
خدمة مجانية من شركات تجارية تبحث عن الأرباح
هذه المبادرة تكشف عن استخفاف الشركات الكبرى بمشاعر الناس. الترويج لخدمة كهذه في وقت كارثي يعكس بوضوح كيف أن هذه الشركات تتعامل مع الأزمة السورية ليس كفرصة للمساعدة الإنسانية، بل كفرصة للترويج لمنتجاتها وتحقيق أرباح.
المكالمات المجانية هي مجرد طُعم لجذب الانتباه، بينما الواقع أن الشركات لا تقدم الدعم الفعلي الذي تحتاجه سوريا في محنتها.
هل تستحق هذه الشركات الثقة؟
إن الشركات التي تروج لخدمات “مجانية” في أوقات الأزمات لا تستحق سوى الفضائح. وفي وقت يتطلب فيه الأمر دعمًا حقيقيًا وموارد موجهة للأكثر احتياجًا، تكتفي هذه الشركات بعروض سطحية تجني منها أرباحًا مالية.
وهذه المبادرات تكشف بوضوح أن الشركات الكبرى لا تملك سوى الأدوات الرخيصة للاحتفاظ بمكانتها في السوق، وتظل بعيدة كل البعد عن تقديم دعم حقيقي يتناسب مع حجم الكارثة الإنسانية التي تشهدها سوريا.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط