أخبار عاجلة

رمضان تحت الحصار الاقتصادي: أزمة متفاقمة وفساد يهدد السواد الأعظم من السودانيين

في ظل الأزمة الاقتصادية التي تخنق السودان للعام الثاني على التوالي، يستقبل السودانيون شهر رمضان بروح مثقلة بالهموم.

ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وتآكل القوة الشرائية، ونهب الممتلكات، جعل هذا الشهر الفضيل مليئًا بالتحديات اليومية، حيث يكافح المواطنون لتأمين احتياجاتهم الأساسية وسط فساد متفشٍ.

أشار المواطن محمد عبد الله إلى أن الظروف الاقتصادية التي يعيشها السودان هذا العام قد زادت من صعوبة استقبال شهر رمضان على الأسر السودانية، حيث يجد الكثيرون أنفسهم عاجزين عن تلبية احتياجات أسرهم الأساسية.

يقول محمد: “مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل جنوني، أصبح من الصعب على الناس شراء الأساسيات. لقد أصبحت الوجبات البسيطة التي كانت متاحة للجميع، مثل القراصة والعصيدة، صعبة المنال بالنسبة للكثيرين، والأدهى من ذلك أن اللحوم باتت حلمًا بعيد المنال”.

وأضاف أن الاعتماد على “التكايا” أصبح السبيل الوحيد للعديد من العائلات، مما يعكس مدى التدهور الحاصل في المجتمع السوداني.

أوضح الخبير الاقتصادي أحمد إدريس أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط في ارتفاع الأسعار، بل في انهيار القوة الشرائية للجنيه السوداني.

يقول إدريس: “التضخم المتصاعد أدى إلى فقدان العملة لقيمتها، ما جعل المواطنين غير قادرين على شراء حتى أبسط السلع. الاقتصاد السوداني يعاني من تباطؤ طويل الأمد منذ اندلاع الحرب، ولم تُتخذ أي خطوات جادة لإنعاشه. ما يحدث الآن هو انهيار فعلي للاقتصاد، والفقراء هم الأكثر تضررًا. رمضان هذا العام سيكون واحدًا من أسوأ الفصول التي مرّ بها الشعب السوداني.”

أكد المواطن عبد الرحمن محمد أن أسعار اللحوم باتت من المستحيلات التي لا يمكن لعامة الشعب التفكير بها خلال رمضان.

يقول عبد الرحمن: “لم أستطع شراء اللحم منذ أكثر من شهر، حيث ارتفع سعر كيلو البقري إلى 16 ألف جنيه، وهو ما يعادل دخلي اليومي تقريبًا. هذا الوضع لا يُحتمل، والكثير من الأسر تعتمد على البقوليات والعصيدة لسد جوعها. حتى السكر أصبح سلعة نادرة في بعض المناطق”. وأضاف أن الوضع لا يتحسن بل يزداد سوءًا مع كل يوم يمر.

أشار المواطن علي أحمد إلى أن الكثير من الأسر تعتمد على المساعدات الإنسانية لتأمين وجبات الإفطار في رمضان، وهو أمر غير مسبوق على هذا النطاق الواسع.

يقول علي: “في الأحياء التي أسكن فيها، تجد الأسر الفقيرة والنازحة تعتمد كليًا على ‘التكايا’، وهذه المساعدات لا تكفي لتغطية احتياجات الجميع. الناس في طابور طويل من أجل وجبة، ومع ذلك فإن الفساد داخل الجمعيات الخيرية يزيد من تعقيد الأمور”.

وأوضح أن الفساد ليس فقط في الجهات الحكومية، بل حتى بعض المنظمات غير الحكومية تستغل معاناة الناس.

أوضحت الطبيبة والناشطة الاجتماعية ندى يوسف أن التدهور الاقتصادي لم يؤثر فقط على تغذية الأسر السودانية، بل تعدى ذلك ليؤثر على صحتهم بشكل مباشر.

تقول ندى: “الاعتماد على سلع رخيصة وغير مغذية في وجبات الإفطار والسحور ينعكس سلبًا على صحة الناس. نسبة كبيرة من الأطفال والنساء يعانون من سوء التغذية، خاصة في المناطق الريفية. ونحن في المجال الطبي نرى يوميًا آثار هذه الأزمة الاقتصادية على صحة المواطنين، وهو أمر يجب على الجهات المختصة التحرك لمعالجته فورًا.”

أشار المواطن حامد عبد الكريم إلى أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية قد أثّر بشكل مباشر على روحانية رمضان، حيث يضطر الناس للتركيز على كيفية توفير لقمة العيش بدلاً من التفرغ للعبادة.

يقول حامد: “رمضان هو شهر الخير، ولكننا نشعر هذا العام بأننا تحت حصار اقتصادي. الأسعار غير معقولة، حتى البضائع المحلية مثل القراصة والعصيدة أصبحت مكلفة. هناك شعور عام بالخيبة والضغط النفسي الذي يعيشه المواطن، مما يجعل من الصعب علينا استشعار روحانية الشهر الفضيل.”

أكدت المواطنة فاطمة حسن أن ارتفاع الأسعار أثر بشكل خاص على النساء اللواتي يتحملن عبء تأمين الطعام لأسرهن.

تقول فاطمة: “كأم، من الصعب جدًا تلبية احتياجات أطفالي في ظل هذه الظروف. كل شيء أصبح مكلفًا، حتى الزيوت الأساسية التي كنا نستخدمها أصبحت تُباع بأسعار لا تُصدق. نحن النساء نحمل همّ رمضان منذ أشهر، ونحاول جاهدين توفير ما نستطيع، ولكننا نواجه عراقيل كثيرة في ظل هذه الظروف الصعبة.”

أوضح الأستاذ الجامعي عبد القادر عمر أن السبب الرئيسي وراء هذه الأزمة هو الفساد المستشري في جميع مستويات الحكومة، والذي أدى إلى تآكل الاقتصاد السوداني.

يقول عبد القادر: “عندما يكون الفساد جزءًا من كل منظومة اقتصادية، لا يمكن أن نتوقع تحسن الأوضاع. الحكومة ليست عاجزة فقط عن كبح جماح التضخم، بل تُسهِّل بشكل غير مباشر تدمير الاقتصاد عبر الفساد والإهمال. المواطن البسيط هو الذي يدفع الثمن، وليس المسؤولين.”

أكد المواطن عثمان سليمان أن الوضع في السودان أصبح كارثيًا على كل المستويات، ويقول: “لم نعد نرى رمضان كما كان من قبل. الجميع يتحدث عن الفقر والجوع والغلاء، والفساد الذي يأكل كل شيء. كنت أعمل في تجارة صغيرة، لكنني أغلقت محلي منذ أشهر بسبب الركود الاقتصادي. لا يمكننا حتى توفير أبسط السلع لأسرنا، فما بالك باللحوم وغيرها من الكماليات.”

أشار المحلل الاقتصادي يوسف عبد الرحمن إلى أن الوضع الحالي يتطلب إصلاحات جذرية وفورية لإنقاذ الاقتصاد السوداني، مشيرًا إلى أن الاعتماد على المساعدات الخارجية ليس حلاً مستدامًا.

يقول يوسف: “لا يمكننا الاستمرار في الاعتماد على المساعدات الإنسانية لإطعام الناس. يجب أن تُتخذ خطوات جادة لإعادة بناء الاقتصاد. التضخم لا يتوقف عند رقم معين، وما يحدث الآن هو دمار شامل للنسيج الاقتصادي والاجتماعي للسودان.”

أوضح المواطن جمال آدم أن معاناة المواطنين تزداد سوءًا مع مرور الوقت، ويقول: “كل عام يأتي رمضان ومعه الأمل، لكن هذا العام الوضع مختلف تمامًا. الأسعار جنونية، والأزمات تتزايد، ولا يوجد أي تحسن في الأفق. لا يمكن للمواطن العادي حتى التفكير في شراء ما يكفي لأسرته. ما يحدث في السودان الآن هو كارثة حقيقية.”

أكد الخبير الاجتماعي خالد إبراهيم أن الأزمة الاقتصادية في السودان أصبحت ليست فقط مسألة تضخم، بل هي أزمة اجتماعية شاملة تهدد استقرار المجتمع.

يقول خالد: “عندما يعجز المواطن عن توفير احتياجات أسرته، يصبح الوضع غير مستقر. انتشار الفقر والجوع يؤثر على كل جوانب الحياة، ويزيد من تفاقم الأزمات الاجتماعية والأمنية. لا يمكننا الحديث عن رمضان أو أي موسم آخر دون أن نعالج الأسباب الجذرية لهذه الأزمات.”

مع استمرار الأزمة الاقتصادية في السودان وتفاقم معاناة المواطنين، بات واضحًا أن الأوضاع تسير نحو الأسوأ.

الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية وانخفاض القوة الشرائية للجنيه السوداني ترك المواطنين في حالة من اليأس والعجز عن تأمين لقمة العيش، حتى في أكثر الأوقات روحانية وأهمية.

كشف موقع “اخبار الغد” عن غضب جماهيري واسع، يدعو لإصلاحات فورية وجذرية، وإنهاء الفساد الذي يلتهم كل ما تبقى من أمل في تحسين الأوضاع.

بات من الضروري أن يتخذ السودان خطوات عاجلة لإنقاذ اقتصاده ومواطنيه قبل أن تصبح الأوضاع أكثر كارثية ويتطلب الأمر إصلاحات جذرية عاجلة، وإرادة سياسية لمواجهة الفساد، لإعادة الأمل للمواطنين الذين يرزحون تحت وطأة الفقر والحرمان، خاصة في وقت يتطلع فيه الجميع إلى روحانية رمضان.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق كارثة اقتصادية تؤرق اليمنيين في رمضان وسط فساد وصمت حكومي مريب
التالى القمة العربية تدعم الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة وترفض تهجير الفلسطينيين