أخبار عاجلة
مصر بصدد إتمام خطة شاملة لإعادة إعمار غزة -

يوسف عبداللطيف يكتب: قهر وظلم يقتل عاملة والعدالة تغرق في الصمت

نُصدم كل يوم بوقائع تهتز لها مشاعرنا وتثور أرواحنا على ما يجري من خلف الستار، لكن قلما نجد من يخرج صوته ليقول الحقيقة.

نقرأ الأخبار كأنها حكايات خرافية، دون أن نتخيل أن خلف كل قصة وجع يعتصر قلب شخص، ومأساة تهدم حياة أسر كاملة.

حين قرأت الخبر عن الشهيدة “منى ضيف الله“، التي قضت نحبها تحت وطأة الظلم، شعرت بأنني أمام جريمة تعيد تعريف القهر في زمن يملأه الصمت.

لا يمكن لعاقل أن يقبل أن تكون حياة عاملة بسيطة ضحية لتجبر مسؤولة، تتجاهل تمامًا إنسانية موظفيها.

نبدأ كل يوم وكأننا في سباق لا نهائي، نغض الطرف عن ما يحدث حولنا، لكن متى نتوقف ونسأل أنفسنا: كيف وصل بنا الحال أن نسمح بأن يُسحق البسطاء تحت وطأة الفساد الإداري؟

تواصل المسؤولة في هذا الخبر مسيرتها كأنها غير مسؤولة عن شيء، وكأن الموت لا يهم، وكأن العدالة شيء غير مرئي!

كل ما حدث هو نتاج قسوة قلب وسلطة لا تعترف بالضعفاء، حيث استمرت في توجيه الإهانات والظلم دون هوادة، دون حتى أن تنظر في عين الضحية لتدرك أنها إنسانة.

يتمادى بعض المسؤولين في استخدام مناصبهم كوسيلة للقهر، لا للعطاء .. يعاملون الموظفين كأنهم أدوات لا يحق لها التعب أو الاعتراض، يتنصلون من أي مسؤولية ويخفون جبنهم وراء القوة التي يمنحها لهم المنصب.

لا عجب أن تقف هذه العاملة المسكينة عاجزة أمام جبروت تلك المسؤولة، التي بدلاً من أن ترحم مرضها وتعاملها بلطف، أمعنت في إذلالها أمام الجميع.

هذا ليس ظلماً عادياً، بل هو جريمة كاملة الأركان .. كيف لا يتأثر المرء حين يعلم أن إنسانة تعيش بصعوبة مع مرض القلب، تحملت كل هذا العناء والذل حتى لفظت أنفاسها الأخيرة بسبب الإهانة والقهر؟

يدفعنا هذا الخبر إلى طرح أسئلة مؤلمة: أين هم أصحاب القرار؟ أين ذهبت مشاعر المسؤولية والإنسانية؟ إن كان صمت الجميع يُعد شراكة ضمنية في الجريمة، فماذا نقول عن من كان بإمكانه التدخل ومنع هذه الفاجعة؟

لا أعلم إن كانت “منى ضيف الله” قد رحلت بالفعل بسبب الإهانة والقهر الذي عاشته، ولكن إن كان هذا الخبر صحيحاً، فإن المسؤولة التي دفعت “منى” إلى هذا المصير المأساوي بالظلم، يجب أن تُحاسب حساباً عسيراً، علّ روحها تجد بعض الإنصاف بعد كل ما عانته.

يواصل الفساد الإداري تفتيت أرواح الأبرياء، وبدلاً من أن تقف القوانين إلى جانب الضعفاء، نجدها في كثير من الأحيان تقف عاجزة، تاركة المظلومين يعانون في صمت.

كيف يمكن لمؤسسة مثل هيئة قصور الثقافة أن تتغاضى عن معاملة كهذه لموظفيها؟ هل أصبحت الأرواح رخيصة إلى هذا الحد؟

نرفع أصواتنا اليوم ليس فقط لنصرخ ضد هذا الحادث المروع، بل لنطالب بالعدالة الفورية .. يجب أن تُشكَّل لجنة تحقيق تحت إشراف اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، للتحقق من صحة هذا الخبر. لا يكفي مجرد استنكار ما حدث، يجب أن يُحاسب كل من تسبب في هذه المأساة.

لن يكون الأمر مجرد محاكمة لمسؤولة قست على عاملة حتى الموت، بل هو محاكمة لنظام بأكمله يسمح لمثل هذه الانتهاكات أن تحدث.

كم من “منى” أخرى تموت في صمت بينما يستمتع المسؤولون بامتيازاتهم؟ كم من أرواح بائسة تنهار تحت وطأة الظلم والإهانات اليومية دون أن يسمع أحد صرخاتهم؟

نستيقظ كل يوم على أخبار تتحدث عن قضايا الفساد والتجبر، ولكن متى نرى الأفعال التي تردع هذه الجرائم؟

إذا لم نتحرك الآن، إذا لم نحاسب المسؤولين الآن، سنرى المزيد من الأرواح تُزهق تحت وطأة الفساد الذي بات كسرطان ينهش في جسد مؤسساتنا.

يجب أن نتوقف عن التراخي في وجه الظلم، يجب أن نصرخ بأعلى صوتنا: كفى!

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق السيسي يدعو المجتمع الدولي لدعم خطة إعمار غزة بدون تهجير الفلسطينيين
التالى ملك الأردن ورئيس كازاخستان يبحثان سبل تعزيز التعاون الاقتصادي ودعم الاستقرار الإقليمي