أعلن الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس حزب الوفد، إلغاء قرار تجميد عضوية النائب أيمن محسب بعد انتهاء التحقيقات التي أجرتها لجنة خاصة من أعضاء الهيئة العليا للحزب.
هذا القرار جاء بعد تحقيق في 24 اتهامًا وجهت ضد محسب، لكن المفارقة الكبرى تكمن في أن جميع الاتهامات قد أُسقطت وأغلقت التحقيقات تمامًا، ما يثير الشكوك حول نزاهة العملية.
برر يمامة غيابه عن اجتماع الهيئة العليا الذي تم فيه إصدار قرار التجميد، متذرعًا برغبته في عدم التأثير على القرار سواء بالتأييد أو الرفض. هذا الغياب لا يفسر سوى برغبة واضحة في ترك المجال مفتوحًا للتلاعب والضغط في الكواليس.
وأوضح يمامة أن اللجنة التي شكلتها الهيئة العليا هي من قررت إسقاط جميع الاتهامات وتجميد التحقيق، ما يعني أن محسب خرج بريئًا تمامًا رغم خطورة الادعاءات ضده.
دافع يمامة عن موقفه، مؤكداً أن النائب أيمن محسب، الذي يعرف بكونه الطفل المدلل ليمامة، قد أُعيد إلى صفوف الحزب وكأن شيئًا لم يحدث.
يمامة لم يتوقف هنا، بل تدخل شخصيًا لإنهاء خلاف نشب بين محسب والقيادي محمد عبد العليم داوود، والذي يُعد أحد أهم القيادات المعارضة داخل الحزب، حيث كان الصراع قد بلغ ذروته بعد التسريبات الصوتية التي نُسبت إلى محسب والتي تضمنت إساءات مباشرة لداوود وغيره من قيادات الحزب مثل الدكتور ياسر الهضيبي، سكرتير عام الحزب.
تصرفت الهيئة العليا بإجماع في إصدار قرار التجميد بعد هذه التسريبات، حيث رأى الأعضاء أن مضمون هذه التسريبات لا يتماشى مع القيم والمبادئ التي يروج لها الحزب.
ومع ذلك، انقلبت الأمور رأساً على عقب حين تدخل يمامة لإغلاق الملف دون أي مساءلة حقيقية، حيث أسقطت جميع التهم الموجهة إلى محسب، ما يعكس تواطؤًا مفضوحًا يهدف إلى حماية محسب من أي عقوبات.
أصر محسب في تصريحات مقتضبة على أن التسجيلات الصوتية التي انتشرت هي مجرد فبركة، محاولًا نفي صحتها دون تقديم أي دليل قوي أو تحقيق مستقل، ما يجعل إنكاره يبدو ضعيفًا ويثير المزيد من التساؤلات حول دوره في تسريب هذه التسجيلات.
رفضه الاعتراف بمسؤوليته، وغياب أي عقوبة فعلية بحقه، يعزز الاعتقاد بأن يمامة يلعب دورًا كبيرًا في التستر على فساد محسب، ما يضع قيادة الحزب بأكملها في موقف محرج.
استغل يمامة موقعه كرئيس للحزب للتحكم في مسار التحقيقات وفرض إرادته على الهيئة العليا. ورغم كل الفضائح التي طالت محسب، يدّعي يمامة أن قيادات الحزب متحدة برؤية مشتركة لخدمة الحزب، وهو تصريح يبدو وكأنه محاولة لتغطية الخلافات الداخلية المتصاعدة والتي لا يمكن تجاهلها.
لم يُظهر يمامة أي نية لتصحيح المسار أو محاسبة محسب، بل واصل الترويج لفكرة الوحدة بين قيادات الحزب، متغافلاً تمامًا عن الخلافات العميقة والانقسامات التي تشهدها صفوف الحزب.
تُظهر هذه الفضيحة كيف استغل يمامة منصبه لحماية حلفائه المقربين مثل محسب، الذي يوصف بأنه “الطفل المدلل” ليمامة.
استخدام هذه العبارة ليس مجرد وصف عابر، بل يعكس حقيقة علاقة محسب بيمامة، حيث يتمتع محسب بحصانة غير معلنة تمنع مساءلته أو محاسبته على أي من تصرفاته، مهما كانت خطيرة أو مسيئة لبقية قيادات الحزب.
تتضح معالم التقاعس والفساد في تعامل يمامة مع هذه القضية. كيف يمكن لحزب يدعي النزاهة أن يترك واحدًا من أعضائه الأكثر فسادًا دون مساءلة؟
وما الذي يمكن أن يقوله يمامة لتبرير قراره بحفظ التحقيقات وإعادة محسب إلى صفوف الحزب؟ كل هذه التساؤلات تبقى بلا إجابة، فيما يواصل يمامة تجاهل الحقيقة ومواصلة السير في طريق التستر على الفساد وحماية حلفائه.
بإجماع الهيئة العليا، تقرر تجميد عضوية محسب في البداية، ما كان يعكس قرارًا عقلانيًا من الحزب لمواجهة الفضيحة. ولكن تدخل يمامة غير كل شيء، إذ حول الأمر من أزمة إلى مهزلة تفضح آليات التحكم والسيطرة داخل الحزب.
تجاهل يمامة المتعمد للاتهامات وتواطؤه مع محسب يؤكد أن الحزب يمر بمرحلة خطيرة من الفساد الداخلي، ما قد يؤدي إلى انشقاقات وخلافات أكبر بين قياداته.
تعامل يمامة مع الأزمة بهذه الطريقة يعكس بوضوح تراجعه عن مبادئ الشفافية والمحاسبة التي يفترض أن يتبناها أي زعيم حزب. هذا التستر على محسب يهدد بزعزعة ثقة أعضاء الحزب في قيادته، وربما يدفعهم إلى إعادة النظر في ولائهم.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط