أخبار عاجلة
رياضة : مظاهرات في سوريا بعد حرق شجرة الميلاد -
رياضة : جيش الاحتلال يعترض صاروخا أطلق من اليمن -

شركة شعاع تبتلع 1.5 مليار جنيه من فواتير الكهرباء بتعاقدات مشبوهة لقراءة العدادات

منذ عام 2017، استمرت شركة “شعاع للخدمات العامة” في التوسع بشكل تدريجي لتصبح لاعبًا رئيسيًا في قطاع الكهرباء المصري، حيث أُسندت إليها مهمة قراءة العدادات، وهي مهمة كانت جزءًا من استراتيجيات الشركة القابضة لكهرباء مصر.

لكن وراء هذه التعاقدات تبرز العديد من الأسئلة التي تثير القلق بشأن الشفافية، الاقتصاد، والغاية الحقيقية وراء تفضيل “شعاع” على الشركات الأخرى في وقتٍ كانت فيه وزارتا الكهرباء والمالية تبرران القرار بأنه من باب الحفاظ على الأمن القومي.

التعاقد الأولي: تمهيد لما هو أخطر؟

في عام 2017، وقع المهندس جابر دسوقي، رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، عقدًا مع رئيس مجلس إدارة شركة “شعاع” لقراءة عدادات الكهرباء، ووصفت الصفقة بأنها مؤقتة ولمدة ثلاثة سنوات.

خلال تلك الفترة، كان الحديث يدور عن التعاقد مع “شعاع” لقراءة العدادات فقط، دون المساس بمهمة التحصيل. تم تحديد عمولة 1.55 قرشًا لكل فاتورة، مع وعد بزيادة هذه العمولة تدريجياً لتشمل كل القطاعات التابعة لشركة الكهرباء.

ووفقًا لتصريحات دسوقي، فإن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة لتطوير شبكة العدادات في مصر وتحويلها إلى عدادات ذكية أو مسبوقة الدفع، ما يعنى الاستغناء في المستقبل عن عمليات قراءة العدادات اليدوية.

تبريرات الوزير: حديث متناقض

من جانبه، برر الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء، هذا التعاقد مع “شعاع” قائلًا: “الفترة التي ستعمل فيها شركة شعاع مؤقتة، ولا توجد تعيينات جديدة في القطاع”.

وأضاف: “نحن نتجه نحو العدادات مسبقة الدفع، ولن نحتاج لقراءة العدادات في المستقبل، لذا لم نقم بتعيين موظفين جدد، تجنبًا لتراكم أعداد كبيرة من الموظفين دون عمل”.

لكن وراء هذه التبريرات تكمن أسئلة معقدة: إذا كان الهدف هو التحول للعدادات مسبوقة الدفع، لماذا التعاقد مع شركة جديدة لقراءة العدادات بدلاً من الاعتماد على الموظفين الحاليين؟

شركة شعاع: الغموض يزداد

في يوليو 2017، كانت التصريحات الحكومية تشير إلى أن وزارة الكهرباء قد تفضل التعاقد مع “جهة سيادية” لقراءة العدادات.

الحديث كان يشير إلى شركة “فالكون للخدمات الأمنية”، وهي شركة تضم أفرادًا سابقين من وزارة الداخلية والمخابرات، لكنها فجأة اختفت من المشهد لصالح “شعاع” دون أي إعلان رسمي.

وفي البداية، قيل إن العقد سيكون مبدئيًا لقراءة 1.5 مليون عداد لفترة ستة أشهر، لكن لاحقًا تبين أن العقد يمتد لثلاث سنوات ليشمل 7.5 مليون عداد، ويتوسع ليشمل جميع العدادات في الجمهورية.

لكن المشكلة تكمن في أن “شعاع” شركة جديدة لا يعرف الكثير عن خلفياتها، ولم يُكشف عن هوية الأشخاص وراءها. الغموض حول هذه الشركة أثار الشكوك، خاصةً بعدما تم الإعلان عن أن الشركة تتبع “جهة سيادية”، مما يفتح الباب للتكهنات حول مدى تأثير هذه الجهة في العملية.

المال العام: غياب الشفافية

بحسب بنود التعاقد، فإن “شعاع” ستحصل على 1.55 قرشًا عن كل فاتورة، بالإضافة إلى 14% ضريبة القيمة المضافة. هذا يعني أن الشركة ستجني نحو 45 مليون جنيه شهريًا، ما يعادل نصف مليار جنيه سنويًا.

على مدى ثلاث سنوات، ستحصل الشركة على مليار ونصف مليار جنيه. هذا الرقم يثير تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية لهذا التعاقد. إذا كان بإمكان وزارة الكهرباء توظيف موظفين جدد لقراءة العدادات، فلماذا تفضل الاعتماد على شركة خاصة تكلف خزينة الدولة مبالغ ضخمة؟

لا سيما أن الوزارة تشير إلى وجود عجز في عدد المحصلين وقارئي العدادات، فيما يتردد الحديث عن وجود فساد إداري وتشريعات غير واضحة تسمح بتعيينات عشوائية في القطاع دون منافسة.

التوسع في المهام: تبعات خطيرة

على الرغم من أن التعاقد مع شركة “شعاع” كان مقتصرًا في البداية على قراءة العدادات فقط، إلا أن الشركة لم تقتصر على هذه المهمة، بل بدأت في التوسع في أعمال أخرى تداخلت مع اختصاصات وزارة الكهرباء والشركات التابعة لها.

بعد نحو 7 سنوات من توقيع التعاقد، توسعت “شعاع” بشكل ملحوظ في توظيف المزيد من الكوادر، وزادت حصتها وعمولتها لدى وزارة الكهرباء.

مما يثير التساؤلات حول نية الوزارة في التخلص من العاملين الحاليين في القطاع وتوسيع دور القطاع الخاص، الذي أصبح يهيمن على بعض الوظائف الرئيسية في مجال الخدمات العامة.

الأسباب الحقيقية وراء التعاقد

في النهاية، يبقى السؤال الأهم: ما هي الأسباب الحقيقية وراء التعاقد مع شركة “شعاع”؟ في ظل وجود اعتراضات واضحة من المحصلين وقارئي العدادات، ومبررات الوزارة التي تشير إلى الحاجة لتوظيف عدد أكبر من العاملين، يبدو أن التعاقد مع “شعاع” يهدف إلى تحقيق أهداف أخرى غير التي تم الإعلان عنها رسميًا.

التوسع في دور “الجهات السيادية” في القطاعات المدنية يعكس تحوّلًا خطيرًا في سياسات التوظيف وإدارة الخدمات العامة في مصر، حيث بدأت تسيطر شركات مدنية مرتبطة بهذه الجهات على التعاقدات الحكومية، من توريد المعدات إلى إنشاء المدارس والمستشفيات، وصولاً إلى قراءة العدادات.

الأسئلة التي لا تزال بدون إجابة

ما الذي يجعل “شعاع” تملك هذه الأولوية، رغم وجود شركات أخرى؟ لماذا لا يتم الإعلان عن هوية “الجهة السيادية” التي تديرها؟ هل من المعقول أن يتم التعاقد مع شركة جديدة وبدون منافسة، في وقتٍ يتم فيه تحجيم دور المؤسسات الحكومية؟ وهل سيظل المواطن المصري هو الضحية في هذه المعادلة، حيث تزيد الأعباء المالية عليه من خلال عمولات غير مبررة؟

إجابات هذه الأسئلة قد تكون بعيدة المنال، لكن ما هو واضح الآن هو أن القطاع العام في مصر يعاني من غياب الشفافية، ويبدو أن التعاقدات مع الشركات الخاصة المرتبطة بالجهات السيادية أصبحت الخيار المفضل لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية في البلاد.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق متى تنتهى المرحلة الانتقالية في سوريا؟ صحيفة تركية توضح
التالى بيان بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يدعو للوحدة والسلام في سوريا