في الوقت الذي يحيي فيه العالم اليوم العالمي لحقوق الإنسان يتواصل مسلسل الانتهاكات التي تمارسها الحكومة المصرية بحق مواطنيها في ظل غياب تام للعدالة أو احترام حقوق الإنسان من قبل النظام الحاكم الذي بات يستخدم قوانين صارمة كأداة لتقويض الحريات الأساسية وقمع الأصوات المعارضة.
في هذا السياق أصدر مركز الشهاب لحقوق الإنسان بياناً شديد اللهجة يفضح فيه السياسات القمعية للنظام المصري ويطالب المجتمع الدولي بممارسة ضغوط جدية على الحكومة المصرية لحملها على احترام حقوق الإنسان والالتزام بالمعايير الدولية التي تضمن حرية التعبير والحق في الحياة.
واعتبر المركز أن أبرز القوانين التي تقيد الحقوق الأساسية للمواطنين في مصر هي قوانين “الإرهاب” و”تقنية المعلومات” التي لا تقتصر على إضعاف الحريات الفردية بل تحولها إلى أدوات تعسفية يتم استخدامها ضد كل من يعارض أو يختلف مع النظام الحاكم، مؤكداً أن هذه القوانين تُستغل بشكل ممنهج للإيقاع بالأبرياء واتهامهم بتهم ملفقة على خلفية نشاطهم السياسي أو الاجتماعي.
ولا يمكن اعتبار هذه القوانين سوى وسيلة استبدادية لفرض سيطرة كاملة على المجتمع المصري وتكبيله بأغلال من الخوف والتهديد.
ويُعتبر تعديل قانون الإجراءات الجنائية واحداً من أبرز القرارات التي زادت من تعقيد الوضع الحقوقي في مصر وأدت إلى تفاقم الانتهاكات بحق المواطنين، حيث أكدت مصادر قانونية أن التعديل الجديد يسمح بتسهيل احتجاز المواطنين لفترات طويلة دون محاكمة عادلة ويعزز سياسة القمع الممنهج ضد المعارضين السياسيين والنشطاء الحقوقيين. هذا التعديل يتعارض بشكل صارخ مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التي تضمن حق الفرد في محاكمة عادلة وفقاً للقوانين الدولية التي وقعت عليها مصر.
كما أعلن مركز الشهاب عن توثيقه لما يزيد عن 1385 حالة إخفاء قسري لأشخاص من مختلف الفئات الاجتماعية في مصر على مدار الأعوام الماضية، وهي ظاهرة باتت تشكل جزءاً من سياسة النظام الحاكم في قمع المعارضين. هذا الإخفاء القسري لا يقتصر على الناشطين السياسيين بل يشمل أيضاً الصحفيين والمواطنين العاديين الذين لا يتفقون مع سياسات الحكومة، مما يرفع من حجم الانتهاك ويفضح استمرار تعسف السلطات في التعامل مع المواطنين.
أما في ما يخص الظروف المأساوية للسجون المصرية فقد رصد مركز الشهاب 27 حالة وفاة نتيجة الإهمال الطبي داخل السجون، وهي حوادث تكشف بوضوح عن تجاهل السلطات المصرية لأبسط حقوق السجناء في الرعاية الصحية. ومعظم هذه الحالات كانت لأشخاص معتقلين على خلفيات سياسية أو اجتماعية، وهم من الذين تم اعتقالهم بشكل تعسفي دون محاكمة عادلة أو دليل على ارتكابهم أي جرائم حقيقية. هذه الحوادث تبرز مدى فساد النظام المصري واستغلاله للسلطة في ظل غياب المحاسبة والمراقبة الدولية.
وفيما يخص أحكام الإعدام فقد أكد مركز الشهاب أنه تم إصدار 21 حكماً بالإعدام ضد معارضين سياسيين في محاكمات وصفت بأنها غير عادلة، حيث افتقدت هذه المحاكمات إلى أبسط شروط العدالة التي تضمنها القوانين الدولية. المحاكمات كانت تفتقر إلى الشفافية واستُخدمت فيها أدلة مزورة أو اعترافات انتزعت تحت التعذيب، مما يجعلها محاكمات تفتقر تماماً لأي شكل من أشكال النزاهة القانونية.
مركز الشهاب لحقوق الإنسان أشار في بيانه إلى أن هذه الانتهاكات تأتي في وقت يواصل فيه النظام المصري تعنته في تجاهل الحقوق الأساسية للمواطنين بينما يواصل تقديم نفسه للمجتمع الدولي باعتباره دولة تحترم حقوق الإنسان في حين أن الواقع يعكس عكس ذلك تماماً. الحكومة المصرية أظهرت بوضوح تام تعمدها في استخدام أدوات القمع والترهيب ضد المواطنين الذين يعبرون عن آرائهم أو يشككون في السياسات الرسمية. النظام الحاكم في مصر لا يتوانى في استخدام القضاء كأداة لتصفية الحسابات السياسية، وهو ما يجسد الانحدار الكامل في احترام حقوق الأفراد.
إن مركز الشهاب لحقوق الإنسان يطالب المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية بتكثيف الضغط على الحكومة المصرية للوفاء بتعهداتها في مجال حقوق الإنسان، ووقف هذه الانتهاكات الممنهجة بحق المواطنين. كما أكد المركز على ضرورة تفعيل آليات المحاسبة الدولية ضد أي حكومة تنتهك حقوق الإنسان وتقوم بممارسات قمعية ضد مواطنيها، مؤكداً أن السكوت على هذه الانتهاكات سيشجع الأنظمة الاستبدادية الأخرى على ارتكاب مزيد من الجرائم ضد الإنسانية.
وفي ختام بيانه دعا مركز الشهاب المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف حاسمة وفعالة للضغط على السلطات المصرية لوقف هذا التدهور المخيف في ملف حقوق الإنسان، مشدداً على أن هذه الانتهاكات التي لا تنتهي تتطلب تدخلاً عاجلاً من كافة المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان من أجل حماية المدنيين من مزيد من القمع والظلم.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط