تابعت باهتمام بالغ ما نشره موقع ” أخبار الغد” عما نسب من مخالفات مالية و إدارية ضد أحد كبار قيادات الإدارة العامة لفرع ثقافة أسيوط، والإدارة المركزية لإقليم وسط الصعيد الثقافي، التابعين للهيئة العامة لقصور الثقافة، بوزارة الثقافة، و قد أحسن صنعا السيد الدكتور أحمد هنو – وزير الثقافة؛ و استجاب لما نشرته ” أخبار الغد ” بأن أصدر قراره بعدم التجديد لهذه القيادة، و الاكتفاء بوظيفة شرفية ” استشاري ب”؛ و هو الأمر الذى لاقى ارتياحا كبيرا بين جموع العاملين بمحافظات الإقليم الأربعة ( المنيا – أسيوط – سوهاج – الوادي الجديد )
و بسبب ضغوط العمل، و كثرة سفري؛ لم أتمكن من الإدلاء برأيي، و ليأذن لي القارئ الكريم التركيز على عدة نقاط هامة:
- “الحق والقانون قوتان ، ومن توافقهما يولد النظام ، ومن اختلافهما توجد الكوارث..الحق يتكلم ويأمر من قمة الحقائق ، والقانون يجيب من إعمال الوقائع ، بينما يتحرك الحق في دائرة العدالة ، يتحرك القانون في دائرة الإمكان ، فالحق إلهي والقانون وضعي. .القانون يصدر عن الحق كما يصدر النهر من الينبوع ، قابلا كل التواءات الضفتين. .وكثيرا ما يناقض التعامل القاعدة ، وكثيرا ما تكون النتيجة مخالفة للسبب “!!
- الكثير من المستفيدين من بقاء الوضع على ما هو عليه يسعى بكل ما أوتى من قوه إلى فقء عين الحقيقة!! و منع فضح الفساد المالي و الإداري، و انتهاك القانون، و هو امر متوقع، بل و منطقي أيضا!!
- ” إن الثقافة المصرية معتلة.. الثقافة المصرية ليست في أحسن أحوالها الان، لأنها لا تتجدد، و لا تنمو، ولا تسعى لغاية، و لا تبحث عن كمال، بل هي لا تحافظ حتى المستوى الذى بلغته على أيدى الأجيال السابقة”. و هو ما ذكره الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازي في مؤلفه (الثقافة ليست بخير).
- ” إن الانتهازية الأخلاقية التي تدفع شاعرًا أو كاتبًا لأن يتلوَّن كل يوم بلون جديد قد استطاعت ..أن تكون قيمة وقانونًا، وأفرخت مع الزمن صفًّا طويلًا من المنتفعين..!”. و هو ما أكده المفكر الكبير المثقف د غالى شكري في مؤلفه (من الأرشيف السري للثقافة المصرية )
- ” إن أردت أن تهدم امة فأبدأ بهدم ثقافتها“، و هو ما أكده عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد.
- قبيل وفاته تحدث عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين إلى د. غالى شكري وقال: ” إن البلد لا يزال متخلفًـا وفقيرًا ومريضًا وجاهًلا.. نسبة الأمية كما هي ،و نسبة المثقفين تتناقص بسرعة تدعو للانزعاج.. يُخيل إلىّ أن ما كافحنا من أجله هو نفسه لا زال يحتاج إلى كفاحكم وكفاح الأجيال المقبلة من بعدكم.. أودعكم بكثير من الألـم و قـليل من الأمل“.
والسؤال الذى يطرح نفسه : هل اختلف الوضع الآن عن الحال الذي ذكره عميد الأدب العربي؟
أخشى أن الإجابة بالنفي، فالثقافة المصرية فى أزمة حقيقية يمكن أن نلمسها فى تجليات كثيرة، منها تردى السلوك على كافة المستويات (التحرش الجنسي مثلا)، وغياب التفكير النقدي، وكثرة المساجلات دون أن يكون لها مردود فى تقدم المجتمع، وشيوع العنف بكل تجلياته اللفظية و السلوكية على الصعيد المجتمعي، فضلا عن ضيق الأفراد بالمختلفين ثقافيا ودينيا. وظهرت حالات الفتنة الطائفية والثأر والعنف بأشكاله المختلفة في الصعيد بشكل بارز عن بقية أقاليم مصر.
و بوضوح شديد لخص الدكتور صابر عرب وزير الثقافة الأسبق الوضع الذي وصلت إليه هيئة قصور الثقافة بقوله: “لقد آلت أحوال الثقافة الجماهيرية إلى ما آلت إليه أحوال المجتمع المصري..”.
أما الأستاذ: سعد عبد الرحمن، رئيس مجلس إدارة هيئة قصور الثقافة الأسبق ،فإنه يصف المشهد من زاوية أخرى بقوله :”الهيئة ليست مكانا جاذبا لعمل ،الذى يأتيني هو الأكتع يعنى عديم الواسطة ،والعاجز عن العمل فى مكان آخر ..لدينا 456 موقعا لكن الكثير منها لا يمكننا اعتباره موقعا ثقافياً “كمبنى مجهز ” لو أرادت تجميل الصورة أقول لك إن نصف هذه المواقع جيد..”.
و نتيجة للعديد من التحولات المفصلية التى مرت بها مصر خلال العقد الأخير، فقد تتابعت موجات من التفاعلات ، أدت فى مجملها الى ظهور تراكمات سلبية، أفرزت العديد من القيم الغريبة، ساهمت بشكل أو بآخر فى تراجع أهمية وقيمة العمل الثقافي، كما سادت أفكار الخرافة عبر مجموعات تدعى امتلاك الحقيقة المطلقة و تحتكر المصداقية، وتحاول أن تصادر على الآخر، من خلال عمليات مستمرة من الإقصاء و نبذ الرأي المختلف و المخالف.
و تحت وطأة هذا الصراع المحتدم تقهقرت الفنون، و تراجعت الآداب أمام قوى طارئة تؤمن بالخرافة و تحارب العلم وتحاول أن ترجع بالمجتمع خطوات إلى الوراء.
و إزاء هذا الصراع، فقد تراجعت الخدمة الثقافية، و تقلص دور المثقف، كما حدث نوع من الخلط و الاضطراب، وعدم وضوح الرؤية. قاد إلى حالة من الثبات و الجمود والركود ساهمت جميعها فى تغييب العقل وابتعاد المثقف الذى كان يقف حائرا بعض الشيء أمام سيل التحولات المتلاحقة التي راحت تجتاح الواقع من حوله.
وإذا كان مهما معرفة حجم التدهور ، فإن الأهم من ذلك أن نعرف أيضاً لماذاً حدث ذلك ؟ لأنه إذا كان تشخيص العلل واجباً ،فإن تحرى مصدرها أوجب، و يستند كاتب هذه السطور إلى عمله محاميا بالهيئة العامة لقصور الثقافة، و عضوا بالإدارة القانونية لإقليم وسط و جنوب الصعيد الثقافى، و الذى كان يمتد من المنيا شمالا حتى حلايب و شلاتين جنوبا، ثم انفصل الجنوب عن الوسط لتصبح إدارة الإقليم مسؤولة عن أربعة أفرع ثقافية ( المنيا – أسيوط – سوهاج – الوادي الجديد )، كما يستند الكاتب إلى ملامسته ميدانيا لقضايا الثقافة بالصعيد خلال عمله لأكثر من خمسة عشر عاما بإدارة إقليم وسط الصعيد الثقافي – محل الدراسة- وزياراته الميدانية للعديد من المواقع الثقافية بمختلف محافظات الإقليم، ومناقشاته مع الكثير من مديري عموم الفروع و المواقع الثقافية، ويتقدم الباحث بجزيل الشكر للدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق لاهتمامه بمناقشة الكثير من الأفكار الواردة بهذا المقال أثناء توليه وزارة الثقافة، عبر مقابلات تفضل بها سيادته مع الباحث واستمر بعضها لأكثر من ساعتين سواء بمكتب السيد الوزير بالقاهرة، أو أثناء زياراته لأسيوط.
ويستطيع المتابع لـواقع أداء إقليم وسط الصعيد الثقافي أن يرصد في تحليله للوضع الراهن الظواهر والملاحظات التالية :
- عجائـب وغرائـب الموازنة العامة للأنشطة الفنية و الثقافية الخاصة بالإقليم للعام المالي 2017/2018( و هى النسخة التى استطعنا الوصول إليها!!) ويكفي أن نستعرض بيان توزيع الموازنة العامة للأنشطة الخاصة بالإقليم- وقدرها أربعة ملايين وثمانمائة وثلاثة عشر ألف جنيه – لنجد أن المبلغ المخصص لتزويد (شراء) كتب لأكثر من 95 مكتبة على مستوى المواقع الثقافية فى المحافظات الأربعة التابعة للإقليم- المنيا ،أسيوط، سوهاج ، الوادي الجديد- هو أربعة وعشرون ألف جنيه في حين أن المبلغ المخصص للفنون الشعبية 295,000 ألف جنيه!! .
أما المبلغ المخصص لثقافة القرية على مستوى الأربعة محافظات هو عشرة آلاف وستمائة جنيه بينما المبلغ المخصص للموسيقى هو200 ألف جنيه !!
وتتواصل غرائب وعجائب بيان توزيع ميزانية الأنشطة الفنية والثقافية للإقليم عندما نقرأ أن المبلغ المخصص لثقافة الشباب والعمال فى المواقع الثقافية التى تمتد من المنيا شمالا حتى الوادى الجديد هو سبعة آلاف جنيه!! بينما المبلغ المخصص لاحتفالات شهر رمضان – تقام لمدة أسبوعين تقريبا- هو 180,000ألف جنيه ؟! الأمر الذي يستعصى على الفهم .
أما المبلغ المخصص لثقافة المرأة على مستوى أربعة محافظات فهو عشرة آلاف جنيه ، في حين أن المبلغ المخصص للفنون التشكيلية هو 28,000 ألف جنيه(20) !!.
أما المبلغ المخصص للمواهب( نوادى العلوم والموهوبين)، وأدب الطفل ومحاضرات التثقيف العلمي و عمل الورش على مستوى محافظات الإقليم الأربعة هو 31,000 جنيه، فى حين أن المبلغ المخصص لنفقات رئيس الإقليم هو 40,000 جنيه!!. أما المبلغ الذى كان مخصصا للتدريب و البالغ 12,000 ألف جنيه فى الموازنة العامة لعام 2014/2015 فقد اختفى من موازنة العام2017/2018!!، وهو ما يجعل الباحث يتذكر الاتهام الذى وجهه الكاتب الأستاذ. محمد الشافعي لوزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، من أنه كان حريصا على ” الفرقعـة الإعلامية” واستخدامه مصطلح ” الضوضـاء الثقافية”!!.
- عدم توفير المعلومات المناسبة في الوقت المناسب لأكثر من مستوى تنظيمي .
- هيمنة ظروف عدم التأكد على متخذ القرار في المستويات التنظيمية العليا.
- طول خطوط الاتصال والتوجيه ، الأمر الذي يستغرق وقتاً ويتيح الفرصة للتشويش .
- عدم قيام بعض قنوات الاتصال بالاتصال المزدوج بين القصور والبيوت وبين الإدارة المركزية للإقليم : فالأصل في إنشاء الفروع الثقافية هو تسهيل العمل وليس العكس ، ولإيجاد وسيلة اتصال مبـاشر للعمل مع مجموعة القصور والبيوت في نطاق كل محافظة ، وبالتطبيق الفعلي ظهر أن بعض المسئولين عن الفروع يحجبون كثيرا من المشكلات والثغرات عن الإدارة المركزية للإقليم، بدعوى عدم معاناتهم منها، وتبين في البعض الأخر أن كثيراً من الأفراد يحرم عليهم الاتصال بالإدارة المركزية للإقليم إلا عن طريق السيد المدير العام ،ونتج عن تلك الأوضاع عدم إحساس المسئولين بمشكلات العاملين، وما يعانيه البعض من ظلم أو اضطهاد خاصة وأن القانون يعطي لمدير الفرع التفويض الإداري والمطلق في حدود اختصاصاته.
- عدم الأخذ بنظام التخطيط طويل المدى وارتباط العمل بالمناسبات القومية والدينية : والواقع أن غياب التخطيط الطويل المدى يفقد الدور الوظيفي لقصور الثقافة فعاليتها ومع غياب استراتيجية محددة واضحة المعالم فإن الجهد المبذول في قصور وبيوت الثقافة بالصعيد لا يعدو أن يكون تناول ومشاركة في بعض المناسبات بدون العمل في ظل أهداف ثابتة دائمة، يكون هدفها في النهاية الوصول إلى إحداث تنمية ثقافية للمجتمع ودفعه نحو التقدم والعصرية . والواقع إن غياب التخطيط طويل المدى هو نتاج لغياب سياسة ثقافية ثابتة، توضع بمقتضاها الأسس والخطوط العريضة والتي توضع في ضوئها الخطط الثقافـية للقصور والبيوت.
- عدم صلاحية بعض بيوت الثقافة في الصعيد كأماكن لجذب الجمهور : وتناسب إقامة النشاطات المختلفة ، وإذا اعتبرنا أن بيوت وقصور الثقافة في بعض مناطق الصعيد هي المصدر الوحيد لممارسة الأنشطة الثقافية ،وإذا كان بعض البيوت لا تصلح لممارسة بعض الأنشطة وإقامتها، إما لضيق المكان وعدم تجهيزه، أو لعدم توفر الأخصائيين المساعدين على إقامة الأنشطة ،وغياب الوعي لديهم لأهمية دور بيوت الثقافة في المجتمعات الريفية. فإن معنى ذلك أن هذه البيوت ستكون بمثابة دعاية سيئة للثقافة. ولن يمكنها القيام بالدور الذى قامت أصلا لتحقيقه و خدمة الجمهور ثقافيا.
- غياب برامج رصد حقيقية وتقييم واقعي تتولى- بشكل جاد وعلمي وحقيقي- تحليل مردود الرسالة الثقافية و الإفادة من التغذية الراجعة في تطوير العمل الثقافي مما يمنع دراسة جدوى البرامج المنفذة و آليات و طرق اتخاذ القرار.
- غياب رؤية واضحة للعلاقة بين المرسل و المتلقي فى مجال العمل الثقافي، إذ عادة ما يتبنى العاملون فى قطاع الثقافة مشاريعهم بشكل معزول عن المتلقي و احتياجاته.
- الموظفون : يلاحظ الباحث حالة الاستياء لدى معظم العاملين بسبب توزيع المكافآت والجهود الغير عادية ، والشعور المتزايد بعدم تطبيق العدالة ، كما يلاحظ الباحث ضعف الدافعية لدى قطاعات كبيرة من العاملين لا سيما لدى المستويات الوسطى والدنيا.
- يلاحظ الباحث النقص الشديد فى عدد المحامين(أعضاء الإدارة القانونية)!!
- الأمر الذى يؤدى إلى تكدس العمل وبطء السير فى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة نحو ما يرتكبه بعض الموظفون من إهمال أو مخالفات، الأمر مما يؤثر سلبا على العمل.
إن إقليم وسط الصعيد الثقافى لا يعانى فقراً مادياً، ولا سوءاً فى إدارة موارده البشرية فقط، بل يعانى فى مقدمة كل ذلك ضحالة شديدة فى رؤى بعض قياداته، وفقر خيالهم وتدنى مستويات ثقتهم بأنفسهم، مشاكل الإقليم تكمن في تواضع قدرات بعض قياداته مقارنة بـ : أولا ، كم التحديات التي يواجهها، وثانيا : كم التوقعات .
إن تأجيل حل كل هذه المشكلات وتراكمها بسبب تكلس بعض القيادات وبطء استجابتهم للتحديات، والفساد الهيكلي، قد أدى إلى تفاقم كثير من هذه المشكلات التى كان يمكن حلها ،واستعصاء العديد منها على الحل نتيجة الإهمال والتراخي، أضف إلى ذلك إن اتساع مدى هذه المشكلات وديمومتها على امتداد الفترة السابقة وحتى الآن، والتراكمات الموضوعية والطبيعية المترتبة على نطاق التأثيرات السلبية البالغة الحدة لهذه لمشكلات، والتي نزلت بثقلها على النشاط الثقافى بالإقليم .الأمر الذى أدى لانهيار الدور التنويري والثقافي للإقليم فى محافظات الصعيد.
نقـــاط القــوة
و من باب الإنصاف نقول إن الواقع الثقافي الراهن فى الصعيد يشهد مجموعة من نقاط القوة التي يمكن البناء عليها و التي يتشكل أبرزها في توافر قوة بشرية كبيرة سواء من العاملين في المجال الثقافي أو من المبدعين و المثقفين، إلى جانب تنامي النشاط الثقافي المستقل و تنوعه، فعلى امتداد السنوات الخمس الأخيرة يجد المتابع ازدهار الأنشطة الثقافية المستقلة و ظهور هيئات و مؤسسات خاصة تعنى بالثقافة، مثل مركز أحمد بهاء الدين الثقافي بقرية الدوير بمحافظة أسيوط، والذى أسسته جمعية أصدقاء الكاتب أحمد بهاء الدين، و امتد نشاطه لمختلف محافظات صعيد مصر، كما ازدهرت فرق الهواة في المسرح و الغناء و الموسيقى…الأمر الذي أسهم فى تخريج عدد من الكوادر البشرية العاملة فى المجال الثقافى.
رؤى الإصـــلاح
من البديهي بعد حدوث الثورات أن تحدث ثورة داخلية في المؤسسات والهيئات .. ومن لم يستنشق عبير الثورة يعش أبد الدهر بين الكهوف ، وتسبقه الأحداث والأزمان ، والثورة فرصة، والفرصة صعب أن تتكرر.. ومن لا يرى القطار فلن يستطيع ركوبه من أبوابه المشروعة ؛ إذا سيكون وقتها تحت عجلاته . وإذا كان لكل زمن فكرته ولكل واقع ما يناسبه ، فان واقع صعيد مصر حالياً يختلف عن واقعه سابقاً .
إن المدخل الوحيد الذى يخلصنا من هذه المتاهة/الفخ هي رغبة وإرادة حقيقية وقوية تحول إقليم وسط الصعيد الثقافي- بفروعه الأربعة- إلى “ورشة إصلاح” – على حد وصف المفكر و الحقوقي الدكتور محمد السيد سعيد- وصياغة برامج إصلاح على كافة المستويات وفى جميع المجالات، وأن نناضل فعلا من أجل وضعها موضع التطبيق. فما يتطلبه هذا المدخل هو أن نطلق إرادة الإصلاح الكامنة فعلا فى النفس الإنسانية وفى الكيان الشخصي والجماعي المصري.
فالنفس الإنسانية تنفر من الخطأ و الاعوجاج والانحراف. والمواطن المصري يتعذب عندما يضطر لمسايرة الانحراف والخطأ أو يشعر بضعف الكفاءة. وهو قد لا يملك المعارف الضرورية ولكنه يملك الفطرة السليمة و الحس النقدي المطلوب لملاحظة الفارق بين الصحيح و المنحرف وتمييز النافع من الضار.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن: كيف يعاد توظيف هذه البنية التحتية – أكثر من خمسة و تسعون موقعاً ثقافياً وآلاف العاملين المنتشرين فى المنيا و أسيوط و سوهاج والوادي الجديد، وخمسة ملايين جنيه تقريبا – من خلال رؤية ثقافية جادة وطموحة تجعل من الصعيد مجتمعاً ناهضاً؟
إن صعيد مصر فى أمس الحاجة إلى” ثورة ثقافية حقيقية” تنتشله من براثن التخلف و فيما يلى نقدم رؤية ذات أفق مفتوح، تقبل من الأفكار البناءة ما يهدف إلى اكتمالها، كما أنها لا ترفض التغيير أو الإضافة.
في مجال تقديم الزاد الثقافي
- الاهتمام بالوصول إلى الأماكن المهمشة والمحرومة و الحدودية حتى يصل الدعم الثقافي لمستحقيه، خاصةً بعد ان نص الدستور المصرى على إيلاء الدولة اهتماما خاصا بالمناطق النائية والفئات الأكثر احتياجا.
- إعداد تقرير واقعي عن حالة الثقافة فى الصعيد، إن أولى خطوات معالجة المرض هو التشخيص السليم، وأولى خطوات حل المشكلة هو تحديدها بدقة، لذلك فإن الباحث يقترح تشكيل لجنة من مثقفي الصعيد- من مختلف محافظات الإقليم- تكون مهمتهم إعداد تقرير شامل عن حالة المواقع الثقافية و مستوى ما تقدمه من خدمات ثقافية، واحتياجات كل موقع البشرية و المادية، ورفع التقرير إلى السيد الدكتور وزيرالثقافة.
- الاهتمام بالطفل، إن وضع خطة ثقافية شاملة ومحكمة لطفل اليوم هو ضمان أكيد لتلافى الكثير من المشاكل و نحن نبنى مجتمع الغد، وأقترح توقيع برتوكولات بين إدارة الإقليم ومديريات التربية و التعليم فى الصعيد لنشر الثقافة بمختلف أشكالها فى الصعيد، وعمل كشاف لمعرفة المواهب وصقلها و رعايتها.
- تقديم الخدمة الثقافية فى فضاءات القرية المتاحة عبر مجموعات صغيرة خفيفة الحركة بسيطة التجهيزات سواء من المسرحيين أو الأدباء أو السينمائيين أو التشكيليين وغيرها من الأنشطة، بهدف سرعة وسهولة الوصول إلى القرى و النجوع والعزب.
- انتقال هذه المجموعات الصغيرة إلى المدارس ومراكز الشباب و النوادي الاجتماعية و التجمعات السكانية و المدن الجديدة بهدف تقديم الزاد الثقافي و اكتشاف المبدعين والفاعلين الثقافيين.
- إيلاء نشر الثقافة الدينية – خاصة فى الأماكن المحرومة- أهمية خاصة، ثقافة دينية تقوم على التسامح و الحرية و الاستنارة.
- إتاحة مساحة لمديري قصور الثقافة ليتقدم كل منهم بمشروعات يمكن تمويلها عبر صندوق التنمية الثقافية و يكون التقييم بصورة سنوية، ومن أمثلة المشروعات: جمع و رقمنة التراث الشعبي، إنشاء موقع إلكتروني، كتابة تاريخ المدينة أو المحافظة، توثيق الأدب المحلى.
- إعادة صياغة العلاقة بين العاملين بالثقافة و روادها على تنوعهم، وان يدرك العاملون في الثقافة أن نجاحهم دورهم يكمن في العلاقة الطردية في زيادة أعداد هؤلاء المتفاعلين مع الأنشطة الثقافية.
- أن يدرك العاملين بالثقافة أن دورهم ليس صناعة الثقافة، ولا حتى التعبير عنها ولكن فتح قنوات الاتصال والتفاعل للمجتمع للتعبير عن مكونه الثقافي وأن حماية التنوع والتعدد والاختلاف هو صيانة لدولة مدنية بمنع احتكار المنبر و الندوة والشكل الفني واستمرار المزاوجة بين الكشف و التنقيب عن المواهب الفنية و الفكرية والعلمية و اكتشافها وتقديمها للمجتمع عبر آليات حديثة للإنتاج والتسويق .
- إعادة النظر فى آليات عمل ودور بيت الثقافة وقصر الثقافة وجعلها مراكز إشعاع ثقافيـة فى بيئتها، وليست فقط مكانًا لالتقاء المثقفين والمبدعين و إنما مركز إشعاع ثقافي يدرس الظواهر الثقافية والاجتماعية والسياسية المحيطة به و يجمع كل ألوان الطيف الثقافي، ويعبر عنها، ويصبح نقطة انطلاق إلى فضاءات أخرى.
- زيادة فعالية وسائل الاتصال الجماهيري الحديث وشبكات التواصل المباشر و غير المباشر مع كيانات المجتمع المدنى و التجمعات الفكرية المختلفة فى الصعيد لخلق مزيد من التواصل بين شرائح المجتمع، كذلك دعم المؤسسات الثقافية التى لا تهدف إلى الربح التى بدأت فى الانتشار فى ربوع مصر.
- لأن الإقليم ذو طبيعة اجتماعية وجغرافية متباينة عن غيره من الأقاليم- القاهرة الكبرى، الإسكندرية، شمال سيناء، الدلتا- فهناك ضرورة أن يعمل الإقليم على مشروع تخصصي واحد مدته من سنه إلى ثلاث سنوات، بالإضافة إلى أنشطته العادية، ويكون ذلك المشروع له علاقة بالبيئة و بالطبيعة الاجتماعية و الجغرافية المكونة للإقليم، وهذا من شأنه ارتفاع المستوى النوعي للنشاط.
التطوير المالي و الإداري
النواحي المالية:
- إنشاء صناديق خاصة بكل فرع ثقافى يتلقى تبرعات رجال الأعمال و مساهمات المواطنين و المؤسسات الاقتصادية والحكم المحلى و المجتمع المدنى، لدعم الأنشطة الثقافية والفنية بالمواقع.
- تأجير الأسوار الخارجية وبعض المساحات بالفروع والمواقع كمكتبات لبيع الكتب او دور سينما أو كافيتريات على أن يعود عائدها للصندوق الخاص بكل فرع.
- إعادة توزيع الميزانية الجديدة بما يسهم فى أن يكون الصعيد مجتمعا ناهضاً اجتماعيا وثقافياً .
- إعادة النظر فى المكافآت و الأجور الخاصة بالمتعاملين مع الإقليم من المثقفين والمبدعين.
- إعادة النظر فى سياسة الحوافز و المكافآت و الجهود غير العادية للعاملين لتحفيزهم على الأداء الأفضل و تعميق الانتماء للهيئة.
- إعادة النظر فى الأسلوب البيروقراطي المتبع ماليا و إداريا بخصوص صرف مستحقات المتعاملين مع الإقليم.
النواحـي الإدارية:
أصدر المفكر الأمريكي بيتر سنجي أحد رواد علم الإدارة كتاب بعنوان ” الثورة ضرورية”، أبرز خلاله ثلاث أفكار حاكمة لمستقبل أى مؤسسة:
- أنه لا جدوى من مسار للتقدم للأمام لا يأخذ فى الاعتبار احتياجات الوضع الراهن والمستقبل.
- إن التغييرات المطلوبة فى السنوات القادمة ستتطلب نقلة جوهرية فى طرق و أساليب عمل المؤسسات و فى خصائص القيادات المنوط بها سد الفجوة بين ما هو قائم وما هو مستهدف.
- إن كل تغيير حقيقي يُؤسس على طرق جديدة للتفكير وتقدير الأمور، فالمشكلة- فى رأى الباحث- ليست فى الأزمات فى حد ذاتها بقدر ما هى فى عقلية رد الفعل و أساليب للتفكير غير ملائمة، مستشهدا بمقولة أينشتاين الشهيرة ( لا يمكن حل المشاكل باستخدام نفس نمط التفكير الذى مارسناه عندما خلقنا تلك المشاكل).
- مراعاة البعد الإنساني و الاجتماعي فى العلاقات بين إدارة الإقليم و العاملين بالمواقع و الفروع، بما ينعكس على الأداء العام لعم، ويرتفع بمستوى أداء الإقليم.
- إعادة تقيـيم أداء جميع القيادات الحالية ( سواء بالإقليم، أومديرى عموم الفروع الثقافية: المنيا- أسيوط – سوهاج- الوادى الجديد،و أيضا جميع مديرى المواقع الثقافية)، والاحتفاظ بالكفاءات منها سواء فى مواقعها أو على درجة مستشار ب، تمهيدا لاختيار أشخاص مؤهلين للقيادة النشطة. والاستعانة بقيادات من الخارج فى حالة عدم وجود الشخص المناسب. مع إيلاء أهمية بالاستعانة بعناصر شابة مدربة.
- إعادة تقييم طريقة اختيار مديري المواقع الثقافية، مع إمكانية الاستعانة بمديرين من خارج الإقليم إذا تطلب الأمر ذلك.
- إجراء تحديث ملف وظيفي لبيانات وأعداد جميع العاملين برئاسة الإقليم وفروعه الأربعة وجميع المواقع الثقافية التابعة له، بهدف إنشاء قاعدة بيانات متكاملة عنهم، ووضع خريطة للطاقات البشرية الموجودة بالإقليم، ( الاسم- التخصص- المؤهل- الدورات التدريبية الحاصل عليها..إلخ) بغية رسم سياسات دقيقة حول الاستخدام الأكفأ للطاقات البشرية المتاحة، وإتاحة المعلومة أمام متخذ القرار.
- تهيئة المجال لتطبيق منظومة إدارة الموارد البشرية المميكنة.
- إعداد دليل تنظيمي تتحدد فيه وبمنتهى الوضوح والدقة مهام وواجبات مختلف العاملين بالإقليم والفروع والمواقع الثقافية ،وصلاحياتهم.
- إقامة حوار تفاعلى بين قيادات الإقليم وموظفيه: نقترح أن يعقد اجتماع شهرى رسمى بين رئيس الإقليم وقياداته وموظفين ممثلين عن الإقليم وفروعه ومواقعه الثقافية ، ويرسل محضر هذا الاجتماع شهرياً لرئيس الهيئة، الأمر الذى سيسمح بالتواصل بين الجميع بما يسهم فى إنهاء حالة السخط المجودة الآن.
المباني و التجهيزات:
- تجهيز جميع المواقع الثقافية بالوسائل التقنية التى تساعد على سرعة التواصل بين إدارة الإقليم والموقع، وكذلك لتحقيق أداء أفضل فى المجالين الثقافى و الإدارى ( كمبيوتر، إنترنت، هاتف، فاكس).
- عدم افتتاح أية مواقع جديدة قبل توفير كافة اشتراطات الأمن و السلامة.
- عدم التوسع فى إنشاء مواقع ثقافية فى شقق بالمساكن الشعبية.
- عدم اللجوء لبناء القصور الفخمة باهظة التكاليف إلا فى أضيق الحدود.
استحداث إدارات جديدة و إدراجها بهيكل الإقليم:
- وحدة القيــاس: و تختص هذه الوحدة بالقيام بقياس معدل الأنشطة الثقافية و الفنية وتقييمها لتساعد على تعظيم دور هذه الأنشطة وتقويم السلبيات أولا بأول و قياس استجابة الجمهور من خلال شرائحه المختلفة عن طريق استبيان شامل لمناطق التفاعل و استقبال الأنشطة الثقافية و الفنية المختلفة.
- وحدة التسجيل المرئى و السمعي: وتختص هذه الوحدة بتسجيل العروض المسرحية و الفنون الشعبية، والندوات، والأمسيات الثقافية بالأسلوب التقني و الحرفى وتصميم برامج لهذه التسجيلات ليحول إلى (c.d -d.v.d ).
- وحدة التسويق: مهمتها تسويق منتجات المواقع الثقافية التابعة للإقليم من الإصدارات الثقافية، و الحرف البيئية، و التقليدية و تحديد تكلفة المنتجات والتسعير وتحديد منافذ البيع و الترويج للأنشطة الثقافية، ومنتجاتها.
- وحدة المعلومات الثقافية والفنية: وتختص هذه الوحدة بمهمتين:
الأولى: رصد و توثيق الحركة الثقافيـة والفنية ( الأدب- المسرح – الفنون الشعبية – الحرف التقليدية – الفنون التشكيلية – الموسيقى…إلخ)، لرصد و توثيق الحركة الفنية و الثقافية فى جميع المجالات الإبداعية فى مختلف قرى ومراكز الفروع الأربعة التابعة للإقليم (المنيا- أسيوط – سوهاج- الوادى الجديد)، بهدف إنشاء قاعدة معلومات موثقة.
الثانية: إنشاء شبكة معلوماتية متكاملة للعمل الثقافي فى الصعيد تمكن متخذ القرار وصانعه من التخطيط المبنى على بيانات دقيقة، وتوفر الإتاحة الكاملة للمعلومات المتعلقة بالخدمات الثقافية وذلك بغية عمل خريطة ثقافية للصعيد من خلال:
- إعداد أطلس متكامل لخارطة الخدمات الثقافية و إتاحته إلكترونيا، ويشمل: المؤسسات الثقافية الرسمية وغير الرسمية فى الفروع الأربعة التابعة للإقليم يتضمن اسم الموقع وعنوانه ومجالات نشاطه و هاتف مديره وبريده الإليكتروني.
- دليل بأسماء المبدعين فى مختلف المجالات الثقافية والفنية (الأدب- المسرح – الفنون الشعبية – الحرف التقليدية – الفنون التشكيلية – الموسيقى…إلخ) ويتضمن الاسم، ورقم الهاتف، و البريد الالكتروني، وأبرز أعماله.
- إنشاء قاعدة بيانات تتضمن رموز الصعيد فى المجالات الثقافية و العلمية و السياسية و العسكرية، والمناسبات التاريخية.
وحدة الفيديو كونفرانس: و تختص هذه الوحدة بتحقيق الربط بين رئاسة الإقليم و فروعه الأربعة و مواقعه الثقافية من ناحية، ومن ناحية أخرى الربط بين الإقليم والهيئة بالقاهرة، الأمر الذي يسهم بترشيد صناعة القرار، و توفير عشرات الألوف من الجنيهات يتم إنفاقها على بند الانتقالات شهريا!!.
2025 عام التدريــب:
- اعتبار 2025 عاما للتدريب.
- إعادة النظر فى فلسفة التدريب بالإقليم، وتطوير العملية التدريبية، بحيث تعتمد على الجوانب العملية و التطبيقية بدلا من إعطاء الأولوية للنواحي النظرية.
- تحقيق لامركزية التدريب بتفويض رئيس الإدارة المركزية لإقليم وسط الصعيد سلطة رئيس الهيئة فيما يخص التدريب.
- إجراء دراسة مسحية لمعرفة الاحتياجات التدريبية لمختلف التخصصات للعاملين بالمواقع الثقافية، وكذلك الفروع وإدارة الإقليم.
- تخصيص مبلغ كافي للتدريب.
- إنشاء و تطوير برامج أكاديمية للإدارة الثقافية، بالتعاون مع الجامعات لتأهيل الأخصائيين الثقافيين.
- تأهيل عدد100 موظف للإدارة الوسطى، وإنشاء برامج تدريبية للمرشحين للعمل بالوحدات المستحدثة سابقة الذكر.
- إيلاء أهمية خاصة للبرامج التدريبية الموجهة للقيادات العليا والوسطى، وتتمثل فى: برامج الإدارة و التخطيط للمؤسسات الثقافية، والتسويق لها، برنامج القيادة الفعالة، برنامج إدارة الأداء، برنامج إدارة المخاطر.
- توقيع بروتوكول تعاون مع الأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب بهدف تدريب 100 موظف سنويا.
أحلُــــم
لدىّ حلم أن تشارك الإدارة المركزية لإقليم وسط الصعيد الثقافي فى التقدم لجائزة مصر للتميز الحكومي والتى تضم خمسة أقسام هى:
- جائزة المؤسسة الحكومية المتميزة.
- جائزة الوحدة المتميزة فى تقديم الخدمات الحكومية.
- جائزة المؤسسة المتميزة فى تقديم الخدمات الذكية.
- جائزة القيادات المتميزة.
- جائزة الابتكار و الإبداع.
إن وصول الخدمة الثقافية للجمهور المستهدف أصبح يفترض وضع هذا الجمهور فى صلب صياغة الرسالة الثقافية، فالأهداف التقليدية للمؤسسة لا تصبح ذات معنى للجمهور الذى تستهدفه إلا من خلال بناء جسور تفاعلية بينها و بينه.
ويستلزم هذا الأمر بطبيعة الحال تكوين متخصصين فى التنشيط الثقافي يعملون على خلق جماهير جديدة للثقافة و يقودون عملية الالتقاء بين الثقافة والجمهور، ويفترض لدى من يقوم بهذه الأدوار وجود تكوين معرفى ( معرفة بالأعمال الثقافية) وقدرات تفاعلية، والقدرة على وضع عملية التلقى الثقافى داخل إطار اجتماعي محفز .
ونؤكد على أن الإصلاح الذى نأمله و نسعى إلى تحقيقه ليس مجرد زيادة فى المنتجات الثقافية من أعمال إبداعية و فنية، رغم أهمية هذه الزيادة فى الكم و الكيف، لكن ما نطمح إليه هو أن يزداد معدل المشاركة فى النشاط الثقافى والإقبال على منتجاته على المستوى الشعبي، بحيث تتحول القيم الثقافية إلى أسلوب حياة، ونمط تفكير، ونظرة للمستقبل، ووجدان جديد يشكل فكر و وعى المواطن المصري.
أخيرا و ليس اخرا نؤكد على إن مهـمة الإدارة هى إنتــاج الحلـول وصناعة البدائــل، وأنها حين تكف عن إنتاج وطرح الخيارات الممكنة والمحتملة، تكف عن أن تكون إدارة على الإطلاق، وتتحول إلى مجرد فعل سلطة.
(*) أحمد عبد المتجلي: المحامي بالاستئناف العالي و مجلس الدولة – عضو اتحاد المحامين العرب، حائز على جائزة تفوق من الهيئة العامة لقصور الثقافة، و سبق له نشر عدة أبحاث ضمن كتب مؤتمرات الهيئة العامة لقصور الثقافة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط