تصاعدت وتيرة الدماء والعنف بشكل مرعب في الأراضي الفلسطينية ولبنان جراء الهجمات الوحشية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي وسط صمت دولي مطبق وتحولت السماء إلى جحيم فوق رؤوس الأبرياء في غزة فيما لم تسلم الضفة الغربية من اشتباكات دامية بين الفلسطينيين أنفسهم تزامنًا مع كارثة أخرى على حدود لبنان حيث انفجرت عبوة ناسفة أودت بحياة جنود الاحتلال في سيناريو يبدو أنه لا نهاية له لحلقات الدم
البداية كانت في قلب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة عندما شنت طائرات الاحتلال غارة جوية قاتلة استهدفت شقة سكنية لتحولها في لحظات إلى ركام وتبعث الحياة في جسد الشهداء السبعة الذين انضموا إلى قافلة لا تنتهي من ضحايا العدوان هذا الهجوم الذي أودى بحياة أطفال ونساء جعل المنطقة بأكملها في حالة ذعر غير مسبوقة حيث كان الجميع يعتقد أن هذه الشقة لن تكون هدفًا للقصف كونها بعيدة عن أي نشاطات عسكرية أو مواقع للمقاومة الفلسطينية لكن الاحتلال لم يفرق بين المدنيين والمقاومين وأحال حياة السكان إلى كابوس طويل دون أدنى اعتبار للدماء التي سالت أو للأرواح التي زهقت
أهالي المخيم عاشوا ساعات من الرعب والهلع بينما كانت فرق الإنقاذ تحاول انتشال الضحايا من تحت الأنقاض وسط حالة من الحزن والغضب تخيم على الجميع ومع تزايد أعداد الشهداء والجرحى أطلق الفلسطينيون نداءات استغاثة للمجتمع الدولي لوقف هذه المجازر التي ترتكبها آلة الحرب الإسرائيلية ضد الأبرياء والعزل ولكن كالعادة تبقى النداءات بلا مجيب في ظل استمرار الصمت العالمي والتجاهل المطبق لما يحدث من جرائم حرب تحت أعين العالم أجمع
وفي الضفة الغربية لم تكن الأوضاع أقل كارثية حيث شهدت مدينة جنين مواجهات عنيفة بين مسلحين فلسطينيين وعناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مشهد يعكس حالة الانقسام الداخلي والاحتقان الذي يخيم على المشهد الفلسطيني منذ سنوات هذه الاشتباكات اندلعت عندما حاولت القوات الأمنية اعتقال مجموعة من الشبان المتهمين بالضلوع في أعمال شغب ومواجهات مع الاحتلال الأمر الذي رفضه المسلحون وأدى إلى اندلاع اشتباكات مسلحة عنيفة أسفرت عن استشهاد شاب فلسطيني يبلغ من العمر 24 عامًا لتضاف دماؤه إلى قائمة طويلة من الشهداء الذين سقطوا في خضم الصراعات الداخلية التي لا تخدم سوى مصلحة الاحتلال الإسرائيلي
مشهد الاشتباكات في جنين يعكس مدى التوتر والانقسام الذي يعيشه الشعب الفلسطيني بين من يدعم المقاومة المسلحة ومن يرى أن السلطة الفلسطينية تسير في طريق الحفاظ على الأمن بالاتفاق مع الاحتلال هذا الانقسام يضعف الصف الفلسطيني ويزيد من معاناة الشعب تحت وطأة الاحتلال ويخلق حالة من الفوضى التي يستغلها العدو لتوجيه ضرباته وسط حالة من الفوضى والارتباك الداخلي
وفي الجنوب اللبناني انقلبت المعادلة عندما لقي أربعة من جنود الاحتلال مصرعهم في انفجار عبوة ناسفة خلال ما وصفته إسرائيل بأنه حادث عملياتي في منطقة اللبونة على الحدود اللبنانية الحادث وقع أثناء قيام الجنود بفحص نفق في المنطقة عندما انفجرت المتفجرات التي يعتقد أنها كانت مخزنة من قبل حزب الله التحقيقات الأولية للجيش الإسرائيلي أشارت إلى أن التفجير ربما كان نتيجة لمتفجرات قديمة زرعتها القوات الإسرائيلية خلال عمليات سابقة مما يجعل الحادث نكسة أخرى للاحتلال الذي يتعامل مع الجنوب اللبناني وكأنه منطقة خالية من أي مقاومة
الجنوب اللبناني ظل منذ فترة طويلة ساحة لصراع مستمر بين إسرائيل وحزب الله ومع تصاعد التوترات بين الجانبين يبدو أن هذه الحادثة قد تكون شرارة لمواجهة أوسع وأكبر خصوصًا في ظل استمرار حالة التأهب القصوى على الحدود والتحذيرات من اندلاع نزاع جديد في أي لحظة بينما إسرائيل تحاول السيطرة على الوضع وتقديم الحادث كأنه مجرد حادث عرضي يبدو أن المقاومة اللبنانية قد أرسلت رسالة قوية بأن الجنوب لن يكون ساحة مفتوحة أمام الاحتلال
في غزة أيضًا لم تنته فصول الدماء حيث أفادت مصادر إعلامية إسرائيلية بمقتل أربعة جنود آخرين خلال اشتباكات عنيفة في منطقة جباليا شمال القطاع الاشتباكات وقعت عندما أطلق مقاوم فلسطيني قذيفة مضادة للدروع على شاحنة محملة بالمتفجرات كانت معدة للاستخدام في عمليات تدمير المنازل في جباليا الأمر الذي أدى إلى انفجار الشاحنة ومقتل الجنود في مشهد يعكس تطور قدرات المقاومة الفلسطينية التي أصبحت تعتمد على تكتيكات نوعية تستهدف قوات الاحتلال بأساليب جديدة وفعالة
هذا الهجوم في جباليا جاء كصفعة أخرى للجيش الإسرائيلي الذي يحاول منذ فترة طويلة تدمير البنية التحتية للمقاومة في القطاع لكن هذه المحاولات تقابل بتصعيد من قبل الفصائل المسلحة التي ترد على كل ضربة إسرائيلية بعمليات نوعية تستنزف قدرات الاحتلال وتحبط محاولاته المستمرة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني
الدماء التي سالت في غزة والضفة ولبنان ليست سوى نتيجة لسياسات الاحتلال المستمرة في تجاهل حقوق الفلسطينيين واللجوء إلى القوة المفرطة في مواجهة أي تحرك ضدها وفي ظل هذه الأوضاع المتدهورة والضربات المتبادلة تبدو المنطقة وكأنها تقف على حافة الهاوية حيث لا يبدو أن هناك أي أفق سياسي لحل النزاع أو إيقاف دوامة العنف التي تحصد أرواح الأبرياء من كلا الجانبين
ما يحدث اليوم في الأراضي الفلسطينية ولبنان هو نتيجة حتمية لعقود من الاحتلال والاستيطان والقمع الإسرائيلي الذي خلق بيئة خصبة للعنف والفوضى فلا يمكن للاحتلال أن يستمر في تجاهل مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة دون أن يواجه مقاومة مستمرة وحالة من التصعيد الذي قد يتحول في أي لحظة إلى حرب مفتوحة
نسخ الرابط تم نسخ الرابط