في إطار سياسة تقليص الدعم التي تنتهجها الحكومة المصرية بهدف تقليص أعداد المستفيدين من بطاقات التموين، تسعى الحكومة إلى التخلص من أكبر عدد من المواطنين الذين يحتاجون إلى الدعم الحيوي والمستمر.
هذه السياسة الممنهجة لم تكتفِ بتخفيض أعداد المستفيدين، بل تسببت أيضًا في تدهور الحالة المعيشية للكثيرين، مما يطرح تساؤلات مشروعة عن نوايا الحكومة واتهامات كبيرة بالفساد الإداري.
في خطوة جديدة ضمن سياسة تقليص الدعم، أصدرت وزارة التموين قرارًا بإزالة الأشخاص الذين يمتلكون سيارات موديل 2017 من منظومة التموين، مما يزيد من أزمة هؤلاء المواطنين الذين كانوا يعتمدون بشكل أساسي على الدعم التمويني لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
كان القرار الأخير بمثابة تعديل لقرار سابق، حيث تم حذف أصحاب السيارات موديل 2018 من البطاقات التموينية، مما يوضح استمرارية نهج الحكومة في التضييق على المواطنين دون تقديم بدائل حقيقية أو ضمانات لتحسين أوضاعهم الاقتصادية.
القرار الأخير كان بمثابة ضربة قاصمة للعديد من الأسر، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الجميع. إن تقليص عدد المستفيدين من الدعم بهذه الطريقة، دون النظر إلى تأثيره على حياة الفقراء والمهمشين، يمثل فشلًا واضحًا في إدارة السياسة الاقتصادية والاجتماعية.
وبعد القرار، توافد العديد من المواطنين المحذوفين بتقديم التظلمات، مطالبين بإنصافهم وعودتهم إلى نظام الدعم. إلا أن الحكومة، ورغم تعدد الشكاوى والتظلمات، لم تظهر أي بوادر حقيقية لتغيير سياستها أو التراجع عن القرار، مما يزيد من حالة الاستياء والغضب بين المواطنين.
منذ فترة طويلة، كانت وزارة التموين قد حددت فئات معينة تعتبرها غير مؤهلة للحصول على الدعم، وحددت معايير أخرى لم تتوقف عند السيارات فقط، بل شملت العديد من الفئات التي لا تعد ولا تحصى.
هؤلاء الذين يشكلون طبقات مختلفة من المجتمع المصري، وبينهم أصحاب الرواتب العالية، أصحاب الشركات الكبيرة، أولئك الذين يسددون ضرائب ضخمة، وأصحاب الصادرات والواردات، بالإضافة إلى الذين يستهلكون كميات عالية من الكهرباء والمياه، وأصحاب الفواتير الهاتفية المرتفعة، وحتى أولئك الذين يدفعون مصروفات مدرسية عالية.
ما يثير الاستغراب هو استهداف أصحاب الأراضي الزراعية الكبيرة من خلال الحذف من البطاقة التموينية، بل وحتى الأشخاص الذين يمتلكون أكثر من سيارة، وهو ما يوضح بجلاء أن الحكومة تواصل فرض شروط تعجيزية على المواطنين الذين هم في أمس الحاجة إلى هذا الدعم.
وبدلاً من أن تعمل الحكومة على توفير سبل دعم حقيقية تساهم في تحسين أوضاع المواطنين، فإنها تسير في طريق تقليص الفئات المستحقة للمساعدة بشكل مستمر، مما يؤدي إلى زيادة الضغط على الطبقات الأكثر فقراً في المجتمع المصري.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل هناك فئات أخرى يتم استبعادها بشكل متواصل من بطاقة التموين، مثل الأشخاص الذين لا يصرفون حصصهم التموينية بانتظام أو الذين يتجاوزون حدود الأراضي الزراعية المملوكة لهم.
كما تشمل الفئات المحذوفة، أولئك الذين يتركون بطاقاتهم لدى البقالين أو المخابز، وهي سلوكيات قد تكون لأسباب خارجة عن إرادتهم ولكنها تُستخدم كذريعة لحرمانهم من الدعم. وإذا كان هناك حالة وفاة لأحد أفراد الأسرة أو سفر أحدهم، فيظل هذا الشخص محذوفًا من البطاقة حتى بعد الأحداث، مما يؤدي إلى تعقيد الأمور أكثر ويؤثر سلبًا على حياة الأسر بأكملها.
هذه السياسة التي تتبعها الحكومة المصرية تبدو وكأنها استراتيجية مدروسة بعناية تهدف إلى تضييق الخناق على المواطنين الذين هم في أمس الحاجة إلى هذا الدعم.
حيث أن هذه الإجراءات التي تستهدف قطع الدعم عنهم بشكل تدريجي تؤدي إلى مزيد من الفقر والتهميش في وقت يتزايد فيه عدد المواطنين الذين يعانون من البطالة وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
ما يثير الاستفهام حول هذه القرارات هو غياب أي تدخل حقيقي من قبل الحكومة لتحسين أوضاع المواطنين الفقراء. بدلاً من أن تعمل على تطوير نظام الدعم وتوسيع نطاقه ليشمل أكبر عدد من الأسر المحتاجة، فإن الحكومة تواصل تقليص أعداد المستفيدين وترك المواطنين يواجهون أزمات حياتية في غياب حلول حقيقية.
إن استمرار هذه السياسات يثير الشكوك حول مدى اهتمام الحكومة بمصلحة المواطنين وقدرتها على تقديم حلول حقيقية لرفع مستوى المعيشة.
في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن الإصلاحات الاقتصادية، يبدو أن هذه الإصلاحات تقتصر فقط على التضييق على المواطنين وتحميلهم عبئًا إضافيًا، بدلاً من أن تكون لصالح تحسين مستوى حياة الفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط