في مشهد غير مسبوق ووسط أجواء من التوتر والتحديات المستمرة شهدت منطقة دير عطية السورية يوم الأحد حدثاً تاريخياً تمثل في إسقاط تمثال ضخم للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والذي كان يعد الأكبر في البلاد.
هذه الحادثة التي وقعت في وقت حساس أثارت ردود فعل واسعة داخل سوريا وخارجها، حيث تعكس حالة من الغضب الشعبي تجاه النظام الحاكم وأسلوبه في التعامل مع التظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.
التمثال الذي كان يرمز إلى القوة والسلطة التي تمتع بها حافظ الأسد طوال فترة حكمه في سوريا كان قد نصب في دير عطية كجزء من سلسلة من التماثيل التي تم تدشينها في مناطق مختلفة من البلاد. إلا أن سقوطه لم يكن مجرد حدث مادي وإنما كان بمثابة إشارة رمزية إلى بداية تغيير عميق في موازين القوى على الأرض. فالبعض يراه بمثابة تعبير عن رفض شعبي لممارسات النظام السوري الذي يواجه ضغوطات هائلة نتيجة الحرب المستمرة في البلاد التي دخلت عامها الرابع عشر.
من جانب آخر، كان لحزب الله اللبناني الذي يعد أحد أبرز حلفاء النظام السوري في هذه الأزمة، موقف واضح من هذا الحدث. حيث أكد الحزب في بيان رسمي على موقفه الثابت في دعم سوريا وشعبها.
وأشاد بالجهود التي تبذلها الحكومة السورية في مواجهة التحديات التي تمر بها البلاد، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والشعب السوري. كما تطرق البيان إلى أن حزب الله سيظل داعماً لسوريا في مواجهة أي محاولات خارجية لزعزعة استقرارها.
حزب الله في بيانه شدد أيضاً على أن ما يحدث في سوريا ليس مجرد صراع داخلي وإنما هو صراع مع قوى خارجية تسعى لتمزيق البلاد وتقسيمها. وذكر الحزب أن الانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال في الأراضي السورية تشكل تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة بأسرها.
وأكد على أن هذه الانتهاكات ليست مجرد عمليات عسكرية بل هي محاولات للاستيطان والسيطرة على مزيد من الأراضي في الجولان السوري المحتل، وهو ما يعكس الأطماع الإسرائيلية في المنطقة.
على الصعيد الدولي، فقد لقي الحادث ردود فعل متباينة. فبينما رحب بعض المعارضين للنظام السوري بالخطوة باعتبارها تعبيراً عن رفض لحكم الأسد، حذر آخرون من أن سقوط هذا التمثال قد يزيد من تعقيد الوضع الداخلي في سوريا ويؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية في بعض المناطق التي لا تزال تشهد صراعات مع القوات النظامية. وعبر هؤلاء عن قلقهم من أن يترتب على هذا الحادث مزيد من التصعيد العسكري في البلاد، في وقت كانت فيه الحكومة السورية تحاول جاهدة تعزيز استقرارها في المناطق التي استعادتها بعد سنوات من النزاع الدموي.
المحللون السياسيون يرون أن حادثة دير عطية تعكس حجم الاحتقان الداخلي في سوريا، الذي وصل إلى مرحلة جديدة تتسم بتزايد الشعور باليأس من قبل بعض شرائح المجتمع السوري من الإصلاحات التي لم تنجح الحكومة في تطبيقها حتى الآن. ومع استمرار الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يزداد الوضع تعقيداً، وتزيد معه الحركات الاحتجاجية التي تسعى إلى التأكيد على رفضها للنظام السوري.
ويعتبر بعض المراقبين أن تصاعد هذه الأحداث قد يعجل بتغيير الوضع في سوريا بشكل جذري. فالتغيرات التي تجري على الأرض، سواء من خلال الأزمات السياسية أو الحركات الاحتجاجية، قد تؤدي إلى تحولات غير متوقعة في هيكل النظام السياسي السوري.
خاصة أن هناك العديد من القوى المحلية والإقليمية التي تسعى إلى دفع الأمور نحو تغيير في قيادة البلاد، وهو ما يفتح المجال أمام فرضيات متعددة بشأن مستقبل سوريا.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط