تزوج علاء مبارك، النجل الأكبر للرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، من هايدي، ابنة رجل الأعمال الهارب مجدي راسخ، في عام 1996، مما مهّد الطريق لبدء راسخ في مجال الاستثمار في الغاز الطبيعي.
أنشأ راسخ في 26 مايو 1998 شركة “ناشيونال جاس” بموجب قرار الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 961 لعام 1998، ليبدأ رحلة من التوسع والهيمنة على سوق الغاز في مصر.
وفي عام 2010، قبيل سقوط نظام مبارك، رفعت شركة “ناشيونال جاس” دعوى قضائية ضد الهيئة المصرية العامة للبترول في باريس، مطالبةً بمبلغ 254 مليون جنيه كفارق أسعار نتيجة زيادة تكلفة المشروع بين عامي 1999 و2008 في محافظة الشرقية.
وبالفعل، حصلت الشركة على قرار من محكمة الاستئناف الفرنسية بالتحفظ على أموال الهيئة المصرية العامة للبترول في الخارج.
ولكن في 3 أبريل 2014، قضى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار “إكسيد” برفض الدعوى، مشيرًا إلى عدم صحة مطالبات “ناشيونال جاس”.
في 16 يونيو 2021، وجهت نيابة الأموال العامة العليا، في القضية رقم 5298 لسنة 21 جنايات مصر الجديدة، التهم للمتهمين في قضية “ناشيونال جاس”، وعلى رأسهم محمد مجدي حسين راسخ، صهر الرئيس الأسبق مبارك،
ومحمد هاني أحمد محمد فريد، رئيس مجلس إدارة الشركة السابق، وحسام رضا جنينة، رئيس مجلس إدارة الشركة السابق، حيث تمت إحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة، بتهمة الامتناع عن توريد مستحقات الهيئة المصرية العامة للبترول التي بلغت نحو مليار جنيه مصري.
تكشف التحقيقات أن الشركة قد توقفت عن سداد مستحقات الهيئة منذ 1 يوليو 2010، في حين أنها استمرت في عمليات البيع لعملائها.
ورغم انتهاء العقد بين الهيئة والشركة في 29 يناير 2019، إلا أن وزارة البترول ما زالت تدرج اسم شركة “ناشيونال جاس” ضمن قائمة الشركات المسؤولة عن توصيل الغاز الطبيعي، وهو ما يعكس استمرار خداع الحكومة المصرية من قبل راسخ والشركاء الذين تعاملوا مع القطاع النفطي في البلاد.
واستمر راسخ في ممارسة نشاطه عبر شركة أخرى أنشأها في بنما عام 2007، وهي “Fleet Energy”، حيث كشفت الوثائق المسرّبة عن وجوده ضمن القوائم المالية الخاصة بالشركة. تكشف تلك الوثائق أن “مجدي راسخ” كان هو المالك المستفيد لشركة “Fleet Oil & Gas S.A” عبر مكتب محاماة في بليز. وأظهرت التحريات أن الشركة، ممثلة في “Fleet Energy”، تعمل في مصر وتتعامل مع الهيئة المصرية العامة للبترول منذ عام 2010.
وفي وقت لاحق، ظهر اسم راسخ في اتفاقيات أخرى مع شركات عالمية مثل “روسنفت” الروسية و”شِل” و”لوك أويل”، حيث ساهمت “Fleet Energy” في توريد الغاز الطبيعي والمنتجات البترولية إلى مصر. وفي عام 2016، تم شحن 1.5 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال إلى مصر من قبل شركة “Fleet Energy”، التي تحظى بعلاقات تجارية متميزة مع الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة “إيجاس”.
لكن علاقة راسخ بالحكومة المصرية لم تقتصر على الغاز فقط، ففي فبراير 2021، أعلنت النيابة العامة عن تسوية وتصالح بين “مجدي راسخ” ووزارة العدل المصرية في قضايا مالية تخص الأضرار التي لحقت بالخزانة العامة. حيث دفع راسخ نحو 1.3 مليار جنيه لصالح الدولة في إطار التصالح.
لكن في ذات الوقت، كان راسخ يواجه عقوبة السجن في قضية أخرى تتعلق بشركة “سوديك”، حيث أدين بالتربح والإضرار بالمال العام من خلال حصوله على أراضٍ بأسعار أقل من قيمتها السوقية في مدينتي الشيخ زايد والجيزة الجديدة، بالتواطؤ مع وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان.
إنَّ العلاقة التي جمعت مجدي راسخ والحكومة المصرية كانت قائمة على التلاعب والصفقات السرية، وهو ما يكشفه هذا التحقيق ويؤكد استمرار الهيمنة على سوق الغاز الطبيعي، رغم الأدلة على مخالفات وتجاوزات مالية ضخمة. اليوم، يظل اسم “مجدي راسخ” مرتبطًا بالكثير من الغموض والممارسات المشبوهة التي طالت قطاعات النفط والغاز، إضافة إلى تورطه في قضايا فساد لا تزال تحقق فيها السلطات المصرية.
تتواصل التساؤلات حول كيفية تمكين رجل أعمال هارب، مثل راسخ، من عقد صفقات هامة مع الحكومة المصرية، خصوصاً في ظل علاقاته المشبوهة مع شخصيات سياسية وقضائية ومالية في مصر، ما يعكس واقعًا مقلقًا من الفساد والتواطؤ داخل أروقة الدولة المصرية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط