سجلت أسعار الأرز في مصر خلال الأسبوعين الأخيرين ارتفاعات غير مسبوقة لتصل إلى مستويات قريبة من أعلى قيمة لها منذ سبعة أشهر متأثرة بالزيادة الكبيرة في الطلب المحلي استعداداً لموسم رمضان المقبل الذي يشهد عادة زيادة ضخمة في استهلاك هذه السلعة الاستراتيجية.
تجاوزت أسعار الأرز الشعير في الأسواق المحلية مستويات لم تشهدها منذ أشهر ماضية في ظل تقاعس الحكومة عن اتخاذ خطوات جادة لاحتواء الأزمة التي تهدد السوق المصري.
فبدلاً من توفير معالجات سريعة لتنظيم الأسواق وتلبية احتياجات المواطنين من الأرز بأسعار معقولة، فشلت الحكومة في اتخاذ إجراءات فعالة تضمن توازن العرض والطلب.
ارتفع سعر طن الأرز الشعير بنسبة 20% في الفترة الأخيرة ليصل إلى ما يتراوح بين 17 ألف جنيه للأصناف رفيعة الحبة و17.5 ألف جنيه للأصناف العريضة، مقارنة بأسعارها التي تراوحت بين 14 و15 ألف جنيه في بداية ديسمبر الجاري.
هذه الزيادة جاءت في وقت حرج حيث يعاني المواطنون من تآكل قدرتهم الشرائية بفعل التضخم والارتفاعات الحادة في أسعار السلع الأساسية التي باتت تمثل عبئاً إضافياً على كاهل الأسرة المصرية.
وبدلاً من أن تلعب الحكومة دورها في الرقابة على الأسعار وتوفير السلع الأساسية بأسعار عادلة، تقاعست في التصدي لتلك الزيادة المستمرة التي تضاف إلى سلسلة الارتفاعات التي يعاني منها المواطنون يومياً.
بالرغم من أن أسعار الأرز قد شهدت ارتفاعات كبيرة في الأشهر السابقة، إلا أن هذه الزيادة الأخيرة تعد الأكثر تأثيراً على الأسرة المصرية في الوقت الحالي.
فبعد أن وصلت أسعار الأرز في أسواق الجملة إلى مستويات تاريخية في يونيو الماضي، حيث بلغ سعر طن الأرز الشعير 21 ألف جنيه، وسعر طن الأرز الأبيض 33 ألف جنيه، ووصل سعر الكيلو للمستهلك إلى أكثر من 40 جنيهًا، تتواصل الارتفاعات بوتيرة متسارعة، مما يفاقم من حدة الأزمة الاقتصادية التي يمر بها المواطنون.
هذه الزيادة الكبيرة في الأسعار لم تنعكس فقط على أسواق الجملة بل طالت أيضاً أسواق التجزئة، مما جعل الأسواق تشهد المزيد من الارتفاعات في الأسعار بما يفوق قدرة غالبية المصريين على تلبية احتياجاتهم.
في ظل هذا الوضع المتأزم، يواصل المواطنون مواجهة معضلة ارتفاع الأسعار التي أثرت على حياتهم اليومية بشكل كبير. تتزايد الشكاوى من ارتفاع تكلفة المعيشة وتراجع قدرة المواطنين على شراء السلع الأساسية مثل الأرز الذي يعد من الأطعمة الأساسية في معظم الوجبات اليومية.
إلا أن الحكومة، التي لم تكترث لمطالب الشعب، تجاهلت ضرورة اتخاذ إجراءات جادة للحد من ارتفاع الأسعار أو توفير البدائل المناسبة للمواطنين.
وأدى تراجع المعروض من الأرز في الأسواق المحلية إلى تكثيف الضغوط على المواطنين الذين أصبحوا مضطرين لدفع أسعار أعلى للحصول على احتياجاتهم من الأرز.
ورغم دخول الإنتاج الجديد للأسواق منذ نهاية أغسطس الماضي، فإن هذا لم يساهم بشكل كبير في تخفيف حدة الأزمة. من جهة أخرى، فشلت الحكومة في اتخاذ تدابير تضمن عدم حدوث نقص في المعروض من الأرز خلال الأشهر المقبلة، ما يضاعف من فرص استمرار هذا الوضع المزري.
ورغم المحاولات العشوائية التي تم تنفيذها للحد من تأثير الأزمة، إلا أن الحكومة لم تنجح في اتخاذ خطوات استراتيجية لمعالجة هذه الأزمة بعمق.
غابت الإجراءات الفعالة على أرض الواقع لتخفيف العبء عن المواطنين، خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار الأرز في الأسواق. وأصبح من الواضح أن الحكومة تفتقر إلى رؤية حقيقية لإدارة هذا الملف بشكل فعال. تتخبط في قرارات غير مدروسة ومتناقضة، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا ويساهم في استمرار تدهور الوضع الاقتصادي بشكل عام.
بالإضافة إلى ذلك، لم يتم توفير أي حلول حقيقية لمساعدة الفلاحين المصريين على زيادة إنتاجهم من الأرز وتقليل الاعتماد على الاستيراد. لم تواكب الحكومة مطالب الفلاحين في توفير دعم حقيقي للموسم الزراعي وزيادة مساحات زراعة الأرز لمواجهة الطلب المتزايد في الأسواق.
ورغم زيادة مساحة الأراضي المزروعة بالأرز في الموسم الماضي إلى نحو 1.8 مليون فدان، وهو ما يقدر بحوالي 6.5 إلى 7 ملايين طن من الشعير، إلا أن هذا الرقم لم يكن كافيًا لتغطية احتياجات السوق المحلي، حيث كان من المفترض أن تبذل الحكومة جهودًا إضافية لتشجيع الفلاحين على زراعة المزيد من المحاصيل، مما يساهم في زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
كان بالإمكان تنفيذ خطة شاملة لتحسين الإنتاجية وتوفير الأرز بأسعار معقولة للمواطنين، إلا أن الحكومة المصرية لم تضع أي أولوية لهذا الموضوع.
لم يتم اتخاذ خطوات فعالة لتطوير القطاع الزراعي بشكل عام ولم يتم تحسين البنية التحتية التي تدعم إنتاج الأرز وتوزيعه بشكل عادل في السوق.
إن تواصل ارتفاع أسعار الأرز يعكس تقاعس الحكومة في التعامل مع الملفات الاقتصادية الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين. يتحمل المواطن المصري عبء زيادة الأسعار في وقت يعاني فيه من انخفاض الدخل وارتفاع تكاليف المعيشة.
في الوقت الذي كان يجب أن تضع فيه الحكومة استراتيجيات محكمة لدعم استقرار الأسواق وضمان توفير السلع الأساسية بأسعار عادلة، تتواصل سياسة الفشل التي تجعل من كل زيادة في الأسعار عبئاً إضافياً على الشعب المصري الذي أصبح يئن من هذه السياسات الفاشلة التي لم تنجح في تحسين الأوضاع المعيشية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط