في حادثة مفجعة وقعت في محافظة الإسكندرية، تأكد من خلالها وفاة المواطن سعد السيد إثر تعرضه للتعذيب على يد ضابط الشرطة إسلام بلال الذي عرف بقسوته وبطشه على مر السنوات.
هذه الواقعة أثارت موجة من الغضب بين الأهالي في منطقة العامرية، إذ أكّد شهود العيان أن الضابط ضرب سعد بطريقة وحشية داخل قسم الشرطة.
وعلى الرغم من وجود شهادات مؤكدة من أناس عايشوا تلك اللحظات، إلا أن وزارة الداخلية حاولت التنصل من المسؤولية، وأكدت في بيان رسمي أن الوفاة كانت بسبب أمراض صحية مزمنة، ما يفتح باب التساؤلات حول الحقيقة المرة التي تحاول الجهات الأمنية دفنها.
الواقع الذي أصرّت الوزارة على ترويجه هو أن سعد كان موقوفًا على ذمة قضية مخدرات، وأصيبت صحته بانتكاسات بسبب التهاب رئوي وتليف في الكبد، وزعمت أن وفاته كانت نتيجة لتدهور حالته الصحية في المستشفى بعد نقله إليها.
ولكن شهادات شهود العيان تفضح هذه الرواية الزائفة، حيث أكدوا أن الوفاة لم تكن نتيجة مرض عضال، بل كانت نتيجة تعذيب مروع تعرض له سعد على يد ضابط الشرطة إسلام بلال. الشهود تحدثوا عن مشهد رهيب، حيث تم سحل سعد واعتقاله بعد رفضه الإذلال على يد الضابط، الذي ضربه بقسوة حتى كسر ضلوعه، مما أدى إلى إصابته بارتجاج في المخ. بعد ذلك، تم نقله إلى المستشفى حيث فارق الحياة متأثرًا بجراحه.
شهادات شهود العيان لم تكن محض كلام مرسل، بل كانت روايات متسقة تؤكد جميعها حقيقة الجريمة. أحد الشهود قال: “الضابط إسلام بلال كان يضرب سعد بطريقة وحشية في قسم الشرطة، ومعه مجموعة من المجرمين الذين يعملون معه في نفس المكان.
لقد كسروا ضلوعه وأصابوه بجروح بالغة، ثم قاموا بنقله إلى المستشفى، حيث لم يلبث أن فارق الحياة”. الشاهد الذي تحدث عن هذه الواقعة، أضاف بأن سعد لم يكن يعاني من أي أمراض خطيرة قبل الحادث، وأن القصة التي روّجت لها وزارة الداخلية لا تعدو كونها محاولة لتبرئة الجاني.
أما رد وزارة الداخلية فقد كان بمثابة إهانة لعقلية الشعب المصري بأسره. فقد أصرّت الوزارة في بيانها الرسمي على نفي وقوع أي جريمة تعذيب، مؤكدين أن الشاب الراحل كان يعاني من أمراض مزمنة، بما في ذلك التليف الكبدي والالتهاب الرئوي الحاد.
الوزارة التي كانت تهدف إلى تبرئة الجاني، زعمت أن وفاته ناتجة عن حالة صحية متدهورة، وأكدت أن كل من كانوا في قسم الشرطة كانوا يشهدون على ذلك.
وقد جاء نص بيان النفي من وزارة الداخلية بأنه نفى مصدر أمنى صحة ما تم تداوله على إحدى الصفحات التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية على مواقع التواصل الإجتماعى بشأن وفاة أحد الأشخاص داخل أحد الأقسام بالأسكندرية نتيجة تعرضه للتعذيب.
وأكد المصدر أن حقيقة الواقعة تتمثل فى أن المذكور محبوس إحتياطياً بقرار من النيابة العامة بأحد أقسام الشرطة بالإسكندرية على ذمة قضية “مخدرات”.. وبتاريخ 8 الجارى تم نقله لإحدى المستشفيات فى ضوء تاريخه المرضى حيث كان يعانى من صدمة تسممية بالدم نتيجة إلتهاب رئوى حاد وتليف شديد بالكبد ” وبتاريخ 18 الجارى تبلغ من المستشفى بوفاته نتيجة حالته المرضية ، وبسؤال شقيقه والنزلاء المتواجدين معه بغرفة الحجز أيدوا ما سبق ولم يتهموا أحد بالتسبب فى وفاته .
وأن ذلك يأتى فى إطار ما دأبت عليه الجماعة الإرهابية من إختلاق للأكاذيب ونشر للشائعات لمحاولة النيل من حالة الأمن والإستقرار التى تنعم بها البلاد.
التساؤلات تزداد حول من سيتحمل مسؤولية مقتل سعد السيد، ومتى ستتم محاسبة ضابط الشرطة إسلام بلال على جرائمه التي ارتكبها.
كيف يعقل أن تبقى وزارة الداخلية في موقفها الدفاعي، وتنكر جريمة شنيعة تم ارتكابها على مرأى ومسمع من الجميع؟ أين العدالة في بلد يُفترض أن يكون فيه رجال الأمن هم من يسهرون على حماية المواطنين، لا أن يكونوا هم أنفسهم سببًا في قتلهم وتعذيبهم؟ من يحقق في جريمة قتل المواطن سعد السيد؟ هل ستستمر وزارة الداخلية في سياسة التعتيم على الحقائق، أم ستتخذ موقفًا صارمًا يعيد الثقة في مؤسسات الدولة؟
الأمر الذي يزيد الطين بلة هو رد فعل الأجهزة الأمنية التي زعمت أن الجريمة تم الترويج لها عبر صفحات جماعات إخوانية على مواقع التواصل الاجتماعي.
بينما الواقع يقول أن هذه الحادثة هي واحدة من سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تحدث في أقسام الشرطة، ولا يمكن لأحد أن يوقفها إلا بالتحقيق الجاد في القضايا المماثلة. في الوقت الذي يسعى فيه البعض لترويج الشائعات، يبقى السؤال الأهم: كيف ستتعامل السلطات مع هذه الواقعة الفظيعة؟
من جانب آخر، يبقى المواطنون في حالة من القلق والتوتر، فقد اعتادوا على رؤية الضباط يتصرفون بقسوة تجاههم، ولا يأبهون بحقوقهم أو إنسانيتهم.
وكلما زادت التجاوزات، زادت حدة الاستياء من قبل الأهالي، الذين لا يجدون من ينصفهم أو يقف بجانبهم في محنتهم. كما أن غياب الشفافية والعدالة في التحقيقات يزيد من تعميق حالة اليأس لدى المواطنين، الذين أصبحوا لا يثقون في قدرة السلطات على محاسبة من أساءوا إليهم.
وتبقى قضية مقتل سعد السيد مفتوحة على مصراعيها، ولا ينبغي أن تنتهي دون محاسبة عادلة. إن كتمان الحقائق في مثل هذه الحوادث لا يساهم سوى في تقويض الثقة في النظام القضائي، ويشجع على استمرار هذه الجرائم دون رادع.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط