أخبار عاجلة
رياضة : حكايات مؤلمة من داخل «مملكة الشحاتين» -

د.ياسين أقطاي يجري حوارا خاصا مع أحمد الشرع حول مستقبل سوريا

أجرى الدكتور ياسين أقطاي مقابلة صحفية مع قائد غرفة العمليات في سوريا أحمد الشرع أكد فيها أن الثورة السورية قامت على أسس أخلاقية هدفها تحقيق الحرية والعدل، مشددًا على أن النصر تحقق دون انتقام، ما أظهر الفرق الجوهري بين الثورة والنظام. وأشار إلى أهمية إعادة بناء سوريا على أسس متينة تشمل إعادة اللاجئين، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع كل الدول لخدمة مصلحة الشعب السوري.

وجاء الحوار كالآتي:

بعد ثلاثة عشر عامًا من الكفاح الشاق والمُرهِق في سوريا، شهدت البلاد ثورة غير مسبوقة تجلّت ملامحها خلال ثلاثة عشر يومًا فقط، تحت قيادة أحمد الشرع، المعروف بـ”أبو محمد الجولاني”. الرجل الذي أصبح اليوم رمزًا سياسيًا بارزًا، تتهافت وسائل الإعلام لإجراء مقابلات معه، وتتنافس الشخصيات الدولية والدبلوماسية للتواصل معه.

توجهنا إلى سوريا لأول مرة منذ أربعة عشر عامًا، بهدف توثيق هذه اللحظة التاريخية التي قد تُشكّل نقطة تحوّل في مسار المنطقة. وبدأت زيارتنا بمقابلة قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع.

وسط أجواء غمرها الفرح والحماس في ميدان الحميدية، حيث علت صيحات الاحتفال من الشباب السوريين الذين بدوا وكأنهم خرجوا لتوهم من قيد مظلم إلى نور الحرية، تعبيرًا عن انتصار طال انتظاره.

انتقلنا إلى مبنى رئاسة الوزراء لإجراء اللقاء. استقبلنا الشرع في الموعد المحدد دون تأخير، ليترك انطباعًا قويًا بشخصيته المتواضعة والمتزنة، ومقاربته العميقة والمدروسة للقضايا الراهنة. كان واضحًا أنه قائد يعي تمامًا التحوّل الضروري من عقلية المقاتل المناضل إلى عقلية رجل الدولة المسؤول.

وأكد الشرع خلال اللقاء أنه استفاد من تجربة إدارة منطقة إدلب، التي وصفها بأنها كانت بمثابة تدريب عملي، لكنه شدّد في الوقت ذاته على أن إدارة الدولة السورية تتطلب مستوى أعلى من المسؤولية والطاقة والكفاءة، وهي مهمة يدرك أبعادها جيدًا.

تحت قيادة أحمد الشرع، تبدو سوريا اليوم على أعتاب مرحلة جديدة قد تعيد تشكيل حاضرها ومستقبلها، وتؤكد أن الثورة لم تكن مجرد حدث عابر، بل بداية عهد جديد يُرسم بوعي وإرادة.

سجن صيدنايا.. من ذاكرة سوداء إلى متحف يوثق جرائم الأسد

في السياق، كشف أحمد الشرع، عن خطط لتحويل سجن صيدنايا، الذي كان شاهدًا على جرائم مروعة ارتكبها نظام الأسد، إلى متحف ونصب تذكاري يخلد ذكرى هذه الحقبة السوداء في تاريخ سوريا. وأوضح الشرع أن السجن، الذي اشتهر بممارسات القتل الجماعي والتعذيب الوحشي، بما في ذلك حرق الجثث بالأحماض والأفران، كان رمزًا لسياسات القمع التي انتهجها النظام على مدى عقود.

وأشار الشرع إلى أن النظام لم يكتفِ بسجن المعارضين وتعذيبهم، بل استخدم كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية لقمع الشعب السوري وكأن لديه ثأرًا معهم. وأضاف أن مهمة القيادة الجديدة تتمثل في توثيق هذه الجرائم وضمان محاسبة مرتكبيها أمام العدالة، سواء داخل سوريا أو عبر المحاكم الدولية، إلى جانب استرداد ممتلكاتهم لصالح الدولة السورية.

وأكد أن تحويل سجن صيدنايا إلى متحف يهدف إلى إبقاء هذه الجرائم حاضرة في ذاكرة الأجيال القادمة، كدليل على ظلم النظام وبطش أجهزته الأمنية. وأضاف أن إعادة تنظيم المكان كمتحف ونصب تذكاري سيساهم في تسليط الضوء على معاناة الشعب السوري وسعيه نحو الحرية والعدالة.

سقوط الأسد خلال 13 يومًا.. انتصار غير مسبوق

وفيما يتعلق بسقوط نظام الأسد خلال 13 يومًا فقط، نفى الشرع أن تكون العملية سهلة، مشيرًا إلى أن النظام كان يمتلك جيشًا ضخمًا وأسلحة متطورة، بالإضافة إلى تدريب مكثف لعناصره على مدار سنوات. ورغم ذلك، أكد الشرع أن النصر تحقق بفضل التخطيط المحكم والتوفيق الإلهي.

وأضاف الشرع أن المعركة الأخيرة أظهرت استراتيجيات جديدة ومبتكرة في فنون الحرب، والتي يعتقد أنها ستصبح موضوع دراسة في الجامعات الكبرى مستقبلاً.

وأوضح أن الخطة كانت تهدف إلى تحقيق نجاح سريع وحاسم لإنقاذ الشعب السوري من حقبة استبدادية طويلة الأمد، مشددًا على أن هذا الانتصار التاريخي يمهد الطريق نحو بناء دولة جديدة قائمة على الحرية والعدالة.

وأكد على أهمية توثيق المرحلة الحالية وتحويل معاناة السوريين إلى دروس تُدرَّس للأجيال القادمة. وأشار إلى أن الثورة السورية ليست مجرد حدث داخلي، بل هي رسالة عالمية تؤكد أن الشعوب تستطيع النهوض ومواجهة الظلم مهما كان الثمن.

لا اتفاقيات.. الثورة السورية انتصار خالص للإرادة الشعبية

وعلى الصعيد ذاته، نفى أحمد الشرع، وجود أي اتفاقيات بين المعارضة السورية ودول مثل روسيا أو إيران أو حتى الولايات المتحدة، مؤكداً أن هذا النصر تحقق بفضل إرادة الشعب السوري وحده. وردًا على الادعاءات بأن تخلي إيران وروسيا عن دعم الأسد كان سببًا في تسريع سقوطه، أوضح الشرع أن هذه الدول كانت في الواقع تشعر بالقلق من اندلاع هذا الصراع بسبب مخاوفها من تكرار المشاهد المروعة في غزة أو المجازر التي عانى منها السوريون في الماضي.

وأضاف الشرع أن الثورة لم تكن مجرد هدف للإطاحة بالنظام، بل كانت استجابة لرغبة الشعب السوري في التخلص من واقع وصفه بـ”السجن الكبير”، حيث كانت سوريا بأكملها تعاني من القمع، وليس فقط نزلاء سجن صيدنايا أو المعتقلات الأخرى. وشدد على أن لحظة تحرير البلاد هي لحظة تاريخية من الفرح والحرية.

من عقلية الثورة إلى عقلية الدولة.. بناء المستقبل على أسس صلبة

وحول التحديات التي تواجه القيادة الجديدة بعد تسلم إدارة الدولة، أشار الشرع إلى أن التحول من عقلية الثورة والمعارضة إلى عقلية بناء الدولة هو الخطوة الأولى لتحقيق الاستقرار. وقال: “لا يمكن بناء الدولة بنفس العقلية الثورية، بل يجب أن تكون لدينا رؤية استراتيجية على المدى القصير والمتوسط والطويل”.

وأكد الشرع أن الأولوية الأولى هي تحقيق الاستقرار وتوفير الخدمات الأساسية مثل الأمن، الكهرباء، الغذاء، والوقود، إلى جانب معالجة المشكلات التي خلفها النظام السابق. وأضاف: “نعمل على إصلاح النظام القضائي، وإعادة هيكلة مؤسسات الأمن والشرطة والجيش، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية والاقتصاد وتعزيز الموارد البشرية”.

وأوضح أن الحلول يجب أن تكون عقلانية ومجزأة، مع التعامل مع كل مشكلة بشكل مستقل لتحقيق نتائج واقعية.

السياسة الخارجية.. التركيز على الداخل والتعاون مع الجميع

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، أكد الشرع أن الأولوية القصوى هي حل مشكلات الشعب السوري وإعادة 12 مليون نازح ومهجر إلى وطنهم بأمان. وقال: “لقد عانينا من استبداد أنهك شعبنا وأحرق بلدنا. علينا الآن التركيز على إعادة بناء بلدنا وتحسين حياة شعبنا”.

وأشار إلى أن الثورة السورية ألهمت العالم الإسلامي، لكنها ليست معنية بحل مشكلات الدول الأخرى، موضحًا: “لا نسعى للتدخل في شؤون الدول الأخرى أو إدارة تغييراتها. مهمتنا الآن هي إعادة بناء سوريا وتحقيق ازدهارها”.

وأكد أن السياسة الخارجية لسوريا ستكون قائمة على التعاون مع جميع الدول بما يخدم مصالح الشعب السوري، مشددًا على أن المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على عاتق القيادة الجديدة لتحقيق حياة كريمة للشعب السوري وإنهاء معاناته.

الشعب التركي.. أكبر داعم للثورة السورية

وفي سياق متصل، أشاد أحمد الشرع بالدور الكبير الذي لعبه الشعب التركي في دعم الثورة السورية واستقبال اللاجئين السوريين، مشيرًا إلى أن تركيا كانت من أكثر الدول التي احتضنت السوريين الهاربين من ويلات الحرب على مدار 13 عامًا. وقال الشرع: “لقد لجأ السوريون إلى العديد من الدول، لكن الشعب التركي كان الأكثر احترامًا وتقديرًا لمعاناتهم. نأمل أن تظل سوريا مدينة لهذا الكرم الإنساني”.

وأكد الشرع أن العلاقات بين سوريا الجديدة وتركيا ستتسم بالاستراتيجية، مشيرًا إلى وجود أولويات عديدة تتعلق بإعادة بناء الدولة السورية. وأضاف: “نثق في نقل تركيا لتجاربها في التنمية الاقتصادية إلى سوريا، وسنعمل على تعزيز الروابط التجارية المتبادلة وحماية الروابط الاجتماعية التي تجمع شعبي البلدين”.

واعتبر الشرع أن النصر الذي تحقق ليس فقط للشعب السوري، بل للشعب التركي أيضًا، موضحًا: “هذا النصر هو انتصار للإنسانية، حيث تمكن المظلوم من الانتصار على الظالم، وهو انتصار لكل من يقف مع الحق والعدالة، كما فعل الشعب التركي بصدق وإخلاص”.

دمشق عاصمة التنمية ومستقبل العدل

وفي حديثه عن أهداف الثورة، أشار أحمد الشرع إلى أن النهج الذي يتبناه يقوم على المصلحة العامة والأخلاق والرحمة، موضحًا أن هذا النهج يُعتبر امتدادًا لتقاليد إسلامية أصيلة عرفتها دمشق على مر التاريخ. وقال الشرع: “نشأت في مساجد دمشق وتلقيت التعليم على يد علمائها، وخرجت من دمشق بفكرة واحدة: كيف يمكننا نشر العدل والرحمة في سوريا”.

وأوضح أن البيئة الاجتماعية والتاريخية في دمشق أثرت بشكل كبير على رؤيته، واصفًا المدينة بأنها “بيئة مسالمة ومليئة بالمحبة”. لكنه أشار إلى أن النظام السابق استغل هذه الطيبة وتجاهل احتياجات المدينة، حيث قال: “النظام لم يستثمر في دمشق بل أهملها وأذلها، حوّلها إلى مركز لإنتاج الكبتاغون ومسالخ للتعذيب”.

وأكد أن دمشق تستحق استعادة مكانتها كعاصمة للخير والتنمية، مشددًا على ضرورة إعادة بنائها لتكون نموذجًا يُحتذى به. وأضاف: “أرى أن دمشق تستحق كل الخير، ويجب أن تعود كعاصمة تنموية يُستقى منها الإلهام وتصبح نموذجًا يُحتذى به للنهضة والتطور”.

عودة جماعية للاجئين السوريين.. خطوات لإعادة بناء الوطن

وعلى الصعيد ذاته، أكد الشرع أن المرحلة القادمة ستشهد عودة جماعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، مشيرًا إلى أن الشعب السوري متعلق ببلده رغم الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية. وقال: “لقد تجاوزنا أصعب المراحل، وسنعمل على تهيئة بيئة مناسبة لعودة المواطنين، تشمل بناء مساكن حديثة وتقديم الخدمات الأساسية وتطوير الاقتصاد”.

وأضاف الشرع أنه يتوقع عودة نصف اللاجئين السوريين إلى بلادهم بشكل جماعي بمجرد توفير الظروف الملائمة، مشددًا على أهمية إعادة بناء البلاد بطريقة تضمن استقرار حياة العائدين وكرامتهم.

إدارة الدولة.. القانون فوق الرغبات الشخصية

وفيما يتعلق بالسياسات المتبعة لإدارة الدولة بعد الثورة، شدد الشرع على ضرورة الاعتماد على القانون والمؤسسات، مؤكدًا أن إدارة البلاد لا يمكن أن تعتمد على الآراء الشخصية. وقال: “ليس من حقي فرض أي شيء بناءً على رأيي الشخصي. نحن نطبق القانون، وعلينا ترك الأمور للمتخصصين في الشؤون القانونية والذين يعرفون تاريخ وتقاليد البلاد”.

كما نفى الشرع أي نية لفرض توجهات معينة على حياة المواطنين اليومية، موضحًا أن التركيز سيكون على بناء دولة تحترم القوانين وتخدم جميع مواطنيها دون تمييز.

النصر بلا انتقام.. فلسفة الثورة السورية

وفي معرض حديثه عن النهج الذي اتبعته الثورة، أكد الشرع أن الانتصار الذي تحقق كان خاليًا من الانتقام، مشددًا على أن هذا التوجه ينبع من تعاليم الدين الإسلامي وأخلاقه. وقال: “لم نحارب من أجل القتل، بل من أجل إزالة الظلم عن الشعب. حتى في الحرب، علينا التحلي بالأخلاق، وهذا ما التزمنا به”.

وأوضح الشرع أن الثورة لم تستهدف المدنيين أو القرى الموالية للنظام، بل ركزت على محاربة النظام نفسه ومؤسساته القمعية. وأضاف: “النظام كان يقصف البنية التحتية والمستشفيات والمدنيين عمدًا، بينما كنا نسعى لحماية الشعب وإرشاد المقاتلين إلى التعامل برحمة. انتصرنا، لكننا انتصرنا برحمة، وهذا ما يجعل الفرق بين الثورة والنظام واضحًا”.

وأكد الشرع أن الثورة كانت قائمة على المبادئ والأخلاق، معتبرًا أن التخلي عن هذه القيم يعني فقدان الهدف الحقيقي للثورة.

الثورة خرجت من المساجد.. رسالة أخلاقية قبل كل شيء

وأشار الشرع إلى أن الثورة السورية تميزت عن غيرها من الحركات الشعبية في العالم، حيث لم تكن أهدافها موجهة نحو الفوضى أو التخريب. وقال: “في معظم الثورات تحدث فوضى ويتوجه الناس مباشرة نحو البنوك أو المؤسسات التجارية، لكن في ثورتنا كان الهدف الأول هو التوجه إلى السجون لتحرير السجناء.

وأضاف الشرع أن الثورة السورية خرجت من المساجد، لأنها كانت قائمة على قضية الحق والعدل، مستمدة مبادئها من الإسلام الذي يدعو إلى حماية الحقوق وعدم التعدي على الممتلكات العامة.

ورغم بعض التجاوزات الفردية التي حدثت خلال مسار الثورة، أكد الشرع أن القيادة حرصت على السيطرة عليها وضمان الالتزام بالمبادئ التي انطلقت من أجلها الثورة، مشددًا على أن هذا النهج الأخلاقي كان أحد أهم أسباب نجاح الثورة وتميزها عن غيرها.

المصدر/ ينى شفق

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق إيران: نأمل في إعادة فتح السفارات مع مصر
التالى السيسي يستقبل أردوغان قبيل انطلاق قمة الدول الثماني