في وقت يواجه فيه المصريون أزمات متزايدة على صعيد المواد الأساسية، تظهر الحكومة في موقف متخاذل في معالجة أزمة السكر التي تتفاقم عامًا بعد عام، حيث تعاقدت تعاقدت شركتي الدقهلية والشرقية للسكر على استيراد 100 ألف طن من السكر الخام،
في خطوة اعتبرت مجرد محاولة لتخفيف الأزمة المرتبطة بالعجز المزمن في توفير احتياجات السوق المحلي. هذا التعاقد لا يعدو كونه مسكنًا مؤقتًا، ولا يقدم حلولًا جذرية للمشكلة التي تؤثر على ملايين المواطنين.
وتؤكد التقارير أن إجمالي واردات مصر من السكر هذا العام ستتجاوز 750 ألف طن، وهو رقم يشير بوضوح إلى مدى عجز الحكومة في معالجة هذه الأزمة بشكل حقيقي.
وإذا كان أكثر من نصف هذه الكمية يذهب للقطاع الحكومي، فيبدو أن الحكومة لا تكترث بمصير المواطن البسيط الذي أصبح يعاني من تزايد الأسعار وقلة المعروض من السلع الأساسية.
فالمستوردات كانت أكثر من 450 ألف طن العام الماضي، ما يعني أن الحكومة لم تنجح حتى في توفير الحد الأدنى من احتياجات السوق المحلي.
هذا النمو في الواردات، الذي وصل إلى 66% مقارنة بالعام الماضي، يعكس تفاقم الأزمة، ويؤكد أن الحكومة لم تقم بأي خطوات فعلية لتحسين الإنتاج المحلي أو تقديم حلول دائمة.
النظام الحكومي الذي أعلن عن خطة في مارس الماضي لاستيراد مليون طن سكر لمواجهة فجوة الاستهلاك السنوي، لم يتمكن من الوفاء بتعهداته.
إذا كانت التقارير تشير إلى أن استهلاك المصريين من السكر يقترب من 3.3 مليون طن سنويًا، فإن العجز في الإنتاج المحلي الذي بلغ فقط 2.3 مليون طن من السكر، يضع الحكومة في مرمى الاتهام.
هذا الفجوة الكبيرة بين الاستهلاك والإنتاج هي نتيجة مباشرة للسياسات الفاشلة التي تتبناها الحكومة، والتي لم تنجح في زيادة الإنتاج المحلي من البنجر والقصب.
وتعكس الأرقام المتعلقة بأسعار السكر الواقع المرير الذي يعايشه المواطنون. ففي حين أن سعر طن السكر من أرض المصانع بلغ حاليًا حوالي 29.1 ألف جنيه، فإن الأسعار كانت قد وصلت في نهاية مارس الماضي إلى نحو 32 ألف جنيه.
لكن رغم هذا الانخفاض الطفيف في الأسعار، فإن المصريين يعانون من ارتفاعات قياسية في أسعار السكر التي وصلت في بعض المناطق إلى حوالي 60 جنيهًا للكيلو جرام، ما يعكس بصورة واضحة تدهور الوضع الاقتصادي.
وعلى الرغم من محاولة الحكومة الإيهام بتحقيق تقدم في قطاع تصدير السكر، فإن الحقيقة تشير إلى تراجع ملحوظ في صادرات مصر من السكر ومصنوعاته خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، حيث انخفضت الصادرات بنسبة 19% لتصل إلى 339 مليون دولار.
هذا التراجع في الصادرات يعد دليلاً آخر على فشل السياسات الحكومية في دعم القطاع الزراعي والتصنيعي وتطوير القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق العالمية.
الواقع يعكس حالة من الفشل المستمر والفساد المستشري في قطاعات حيوية مثل الزراعة والصناعة، مما يفاقم من معاناة المواطن المصري الذي يجد نفسه في مواجهة سياسة اقتصادية غير مدروسة.
في ظل هذه الظروف، يبدو أن الحكومة تفضل الاستمرار في تطبيق الحلول المؤقتة التي لا تعالج جذر المشكلة بل تزيد من تفاقمها.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط