من المدهش كيف يستطيع المجرمون عبر الإنترنت وشبكات الاتصالات السيطرة على المواطنين، قاصرين وراشدين، ودفعهم للقيام بعمليات ترفضها الأخلاق، كما يرفضها المنطق وتحاسب عليها القوانين. فالتلاعب يجري بالمواطن ما يجعله يقوم بأمور ليست لمصلحته، علما أنه يدرك ذلك، لكن الأجواء التلاعبية تسيره نزولاً. فالمجرمون يستعملون عاملين كبيرين أي النفسي والمعلوماتي. في الأول وتبعاً لمعرفتهم بأوضاع المواطن التي يقدمها لهم، يبنون عليها لدفعه إلى السقوط المالي والأخلاقي أي الشراء أو البيع أو الارتباط الشخصي غير المناسب. في المعلوماتي، يقدم الوسطاء للمواطن معلومات خاطئة أو مزورة تجعله يقوم بعمليات استثمارية أو استهلاكية تدفعه إلى السقوط والإفلاس. كل من يشتري أو يستثمر عبر الإنترنت معرض للسرقة أكثر من الحضور الشخصي، خاصة إذا لم يكن عالماً بتلك الأسواق وشروطها.
هنالك 4 قطاعات يزدهر ضمنها غش المواطن، وذلك عندما يتم التبادل عبرها، أي عبر شبكات الاتصالات، لذا يجب التنبه لها. أكثر ما يجب الحذر منه هو بعض الإعلانات، حيث يتم ضخ المعلومات الجاذبة الخاطئة لغش المواطن ودفعه إلى الشراء. في الأمور الشخصية، تزدهر مثلاً عمليات التعرف عبر الإنترنت على شريك للزواج وتتم «الصفقة» دون دراسة مزايا الطرفين كما طبيعة العلاقة. تزدهر اليوم مكاتب التعرف وتحقق أرباحاً كبرى. في هذه الأمور الشخصية الدقيقة، يتم التلاعب بإحساس المواطن ونفسيته لنصب الفخ الشخصي والعاطفي والمالي له.
في الأمور المالية، تغطي وسائل الإعلام كل يوم عمليات شراء وهمية يقع ضحيتها المواطن. في السابق كانت تتم عمليات البيع والشراء عبر أشخاص أو مؤسسات تحوذ على ثقة الطرفين، أما اليوم فالتهور القائم مبني على الجشع والرغبة في المخاطرة دون دراسة كافية. عندما يرغب المواطن مثلاً بشراء منزل أو سلعة مكلفة، يطلب منه أحياناً تسديد جزء من الثمن، وهنا ينصب الفخ له. عندما يعي ويكتشف الحقيقة، لا يستطيع استرجاع ما دفع. أما عناوين الوسيط فتكون عموماً مخفية أو مزورة وبالتالي تقع الجريمة التي يتبعها أحياناً إفلاسات كبرى لمواطنين أوضاعهم أصلاً غير مريحة.
في الأمور الصحية، تباع عبر شبكات الاتصالات أدوية مغشوشة تضر المريض أو المستهلك. من أسوأ ما نشاهده هي الأدوية المعلنة لتخفيف الوزن والتي تجذبنا جميعا. تشير التجارب إلى أنها عموماً مضرة، بل دفعت بعضها أحيانا المستهلكين إلى الكآبة ثم الانتحار. هنالك إعلانات عبر شبكات الاتصالات تشجع مثلاً على استهلاك الدخان كما بعض الممنوعات التي تجذب القاصرين وتضر بهم.
أما في الأمور العامة، أي في كل ما يرتبط بالدولة وقراراتها، تتراكم أخطاء المواطن بسبب عدم فهمه لها أو بسبب الغش المقصود المخبئ للفساد والتلاعب.