أبوظبي: مهند داغر
تكررت مسألة تراجع الأسهم دون سعر الطرح في جلسة الإدراج، والتي بدأت العام الجاري مع إدراج «ألف للتعليم»، واستمرت مع «إيه دي إن إتش للتموين» و«اللولو»، وأخيراً «طلبات» في سوق دبي أمس، حتى أن بعضها سرعان تراجع بحدة في لحظة قرع جرس الإدراج، وعجز بعضها الآخر عن الارتفاع فوق سعر الطرح لفترة ليست بالقصيرة.
يرى محللون أن العوامل عديدة، يتمثل بعضها في الفجوة بالمعلومات لدى المستثمر نفسه الذي يجب أن يكون على درجة أكثر وعياً بعملية الاستثمار، فضلاً عن المبالغة في سعر الطرح النهائي نتيجة لتقييمات بعضها يجب إعادة النظر فيه مجدداً.
وطالب المحللون بضرورة التفكير باستدامة سعر السهم منذ لحظة الإدراج، بحيث لا يجب أن يكون هدف الشركات الحصول فقط على عائد من الاكتتاب، وإنما إعطاء الأهمية إلى استدامة النمو بانتقاء سعر منطقي قابل للارتفاع مستقبلاً.
وعزا وضاح الطه، انخفاض سعر الشركات المدرجة حديثاً دون سعر الاكتتاب إلى خلل وفجوة في المعلومات، الأمر الذي يتطلب توعية للمستثمرين الأفراد، في ظل وجود مبالغة في سعر الطرح.. وهذا يمكن قياسه من خلال مكررات الربحية، بحيث يتم انتقاء سعر الطرح من الحدود القصوى وإغفال مسألة تحديد السعر ضمن الحدود الدنيا.
وقال الطه: «لندع السوق يقرر سعر السهم، من خلال إعطاء المستثمر الفرد وحتى الشركات الصغيرة هامشاً من القرار أيضاً، ويقودنا إلى ضرورة خلق ضوابط تجعل للمستثمرين متنفساً أثناء عملية الشراء من دون قلق».
مكررات الربحية
وأشار إلى أن الخطأ الأساسي مرتبط بعملية التقييم الأساسية التي يجب أن تكون أكثر عقلانية وتحكماً بضوابط، مشدداً على ضرورة أن يتم الإشارة بنشرة الاكتتاب إلى مكرر الربحية عن عملية التسعير. كما أنه ليس بالضرورة أن يكون الهدف من عملية الطرح هو من أجل التمويل، بقدر التفكير باستدامة القيمة.
وتابع الطه: «لا نريد أن نصل إلى مرحلة أن نكون بيئة طاردة للاكتتابات، بل يجب المحافظة على استدامة النمو، علماً أن الطرح بالحد الأقصى ينعكس على مكررات الربحية، مع الإشارة إلى أن الكشوف المالية هي التي تنعكس على أسلوب التقييم والتي تقود إلى تحديد سعر حد أعلى وحد أدنى في الطرح النهائي». وأوضح بأن السعر هو خلاصة لمراجعة الكشوف المالية المستقبلية والحالية، كما يجب أن لا يتم إغفال مكرر الربحية للقطاع نفسه الذي تم إدراج الشركة فيه».. ومن هنا أفضل أن يكون هناك أسلوب يتم فتح باب النقاش حوله لمعرفة درجة منطقية السعر.
ودعا الطه، الشركات إلى التفكير باستدامة سعر السهم والتي تبدأ مباشرة منذ لحظة الإدراج، قائلاً: «ليس الهدف فقط أن تحصل الشركات على عائد من الاكتتاب ولكن يجب التفكير في ضرورة مسألة استدامة النمو من خلال انتقاء سعر منطقي قابل للنمو مستقبلاً».
الربح السريع
قال طارق قاقيش خبير إدارة الأصول والمدير التنفيذي لشركة «سولت للاستشارات المالية»: جزء من المسؤولية يتحملها المستثمر نفسه في عملية انخفاض سعر السهم دون سعر الطرح، لأن بعض المستثمرين يعتمدون على استراتيجية الربح السريع بعيداً عن الاستثمار طويل الأمد التي تنتهجه المؤسسات. كما أن بعضهم ليس لديه الاستعداد في دفع السعر المطروح لحظة الإدراج».
وأضاف قاقيش «بعض المستثمرين تعلم الدرس، حيث أصبح ينتظر نزول سعر السهم من أجل الشراء، وهذا الأسلوب شكل عامل ضغط على الأسعار».
وذكر قاقيش، «أن أحد أسباب نزول الأسعار تتمثل في سعر التقييم، والتي يجب أن يعاد النظر فيها، لاسيما أن الشركات عند عملية التقييم تعتمد على ثلاث مرجعيات، وهي أولاً الاستناد إلى التدفقات النقدية للشركة، وثانياً إلى توزيعات الأرباح، وثالثاً من خلال مقارنة الشركة مع الشركات المماثلة».
وقال قاقيش: «نحن بحاجة إلى إعادة التمعن في إعادة توزيع النسب المئوية التي على المرجعيات الثلاث المذكورة سابقاً قبل وضع السعر النهائي للطرح».
مبالغة في التسعير
وقال المحلل المالي وائل محيسن: «الاكتتابات في الآونة الأخيرة تنوعت ما بين سلع استهلاكية ومرافق وتكنولوجيا، وما يلفت الانتباه في هذه الاكتتابات هي عملية التسعير، حتى إن بعضها زاد من جاذبية الاستثمار وبعضها الآخر خذل المستثمرين بسبب انخفاض الأسعار دون سعر الطرح».
وتابع محيسن «من الملاحظ أن بعض الشركات حديثة الإدراج تعاكس الحالة الإيجابية التي تمر بها أسواق الإمارات، خاصة سوق دبي الذي حلق إلى مستويات جديدة مقارنة مع أسواق المنطقة».
وأضاف محيسن «بعض عمليات التسعير في هذه الشركات كان مبالغاً فيها، ولم تكن مشجعة للمستثمرين في ظل محدودية الأسهم الممنوحة للأفراد، وسرعان ما نلاحظ تصحيحاً في السعر بعد فترة وجيزة من التداول، مما يتسبب في تراجع شهية المستثمرين حيال أسهم بعض هذه الشركات».
محمد ياسين: على الأفراد الدخول بعد الإدراج
قال محمد علي ياسين، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «أوراكل» للاستشارات المالية والاستثمارية إننا أمام «تريند» في العام 2024، وهو تراجع السهم دون سعر الطرح، مشيراً إلى أن الطرح العام الأوّلي في حالة «طلبات» حدد السعر بشكل مرتفع عند احتساب «نسبة السعر إلى الربحية» والتي بلغت بين 26 و28 مرة، ومن المرجح أن تتراجع إلى 18 مرة في 2026. ويتداول مؤشر سوق دبي المالي العام عند أقل من 9 أضعاف الأرباح المستقبلية.
وأكد ياسين أن الشركة تتمتع بقدرات لا يمكن إغفالها، مشيراً إلى أن المستثمر طوير الأجل لا ينظر إلى الأسعار في جلسة أو اثنتين. ويرى ياسين، أن العائدات الإيجابية للشركة اليوم في توزيعات أرباح الأسهم.
ورفض ياسين تحميل صغار المستثمرين الأفراد مسؤولية هبوط الأسهم عند الإدراج، مشيراً إلى أن 95% من طرح «طلبات» كان استثمار مؤسسي. وفي يوم الإدراج جرى تداول 3% من الأسهم المعروضة في الجلسة أمس.
ولكن ياسين، نبّه من أن دوران السيولة في هذه الحالات التي نراها يتوقف، بحيث أن المستثمر أمام خياري البيع بخسارة أو الانتظار إلى وقت طويل، وبالتالي هذه السيولة مجمدة لوقت طويل. وبالتالي، دعا ياسين الأفراد إلى عدم التسرع والدخول في الاكتتابات على أساس أنها فرص لا تتكرر، وبالتالي يمكنهم الانتظار والدخول في وقت لاحق، خصوصاً أن بعض التراجعات وصلت إلى 10%.
اكتتابات وإدراجات 2024
شهد سوق أبوظبي يوم 2 مايو/أيار 2024 إدراج أسهم شركة أجليتي جلوبال وبسعر مرجعي عند بدء التداول 0.37 درهم.
كما شهد يوم 12 يونيو/حزيران 2024 إدراج أسهم «ألف للتعليم» بسعر الطرح بلغ 1.35 درهم.
وعلى صعيد شركة «إيه دي إن إتش للتموين» فقد تم إدراج أسهمها يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 2024عند سعر طرح ب0.96 درهم.
وعلى صعيد أداء سهم «إن إم دي سي إنيرجي»، فقد تم إدراجه يوم 11 سبتمبر/أيلول 2024 بسعر طرح 2.8 درهم ويوم 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أدرجت أسهم «اللولو للتجزئة» بسعر الطرح 2.04 درهم.
وشهد سوق أبوظبي للأوراق المالية يوم 9 ديسمبر/كانون الأول 2024، إدراج أسهم مجموعة «مير» بشكل مباشر للتداول في السوق الأول بسعر مرجعي 1.16 درهم ضمن الفئة الأولى.
وفي دبي، أُدرج سهم شركة «باركن» يوم 21 مارس/آذار 2024 بسعر طرح عند 2.10 درهم، واستقبل السوق سهم «سبينس» يوم 6 مايو/ أيار 2024، بسعر الطرح 1.53 درهم.
وشهد سوق دبي المالي يوم 10 ديسمبر/ كانون الأول 2024، إدراج وبدء تداول أسهم شركة «طلبات» بسعر طرح عند 1.6 درهم.