إعداد: أحمد البشير
عندما نتحدث عن تقديم عروض استثنائية، يصعب أن نجد من يضاهي ستيف جوبز، فقد كانت عروضه تجسد الذكاء والابتكار، وأصبحت مرجعاً قياسياً في عالم الأعمال. وفي بودكاست «آرمشير إكسبيرت» مع داكس شيبرد، أشار بيل غيتس إلى أن جوبز كان يمتلك موهبة فطرية، وعلّق: «كان ستيف موهوباً بالفطرة». لكن جوبز لم يعتمد على موهبته وحدها، بل استثمر الكثير من الوقت والجهد ليجعل عرضه يبدو طبيعياً وسلساً.
هل خُدِع بيل غيتس؟
ربما يعتقد البعض أن غيتس كان مخدوعاً، ظانّين أن جوبز كان يعتمد فقط على موهبته الفطرية في الخطابة، لكن غيتس كان واعياً بمدى الجهد الذي بذله جوبز خلف الكواليس. وقد أوضح: «على الرغم من أن جوبز كان يتمرن باستمرار، فإنه جعل الأمر يبدو وكأنه يرتجله في تلك اللحظة». وهذه القدرة على جعل العرض يبدو طبيعياً هي إحدى نقاط تميز جوبز الفريدة.
إن أسلوب جوبز في العرض التقديمي استثنائي بقدرته على إخفاء الجهد المبذول ليبدو وكأن العرض يتدفق ببساطة وسلاسة أمام الجمهور. وبينما قد يظن البعض أن تقديم العروض الرائعة يعتمد فقط على الموهبة، فإن الحقيقة هي أن جوبز كان يتبع خطوات واضحة للتحضير، لضمان أن أدائه سيبدو طبيعياً وسهلاً في نظر الجمهور.
كيف جعل جوبز عروضه التقديمية تبدو طبيعية وسلسة؟
إذا كنت ترغب في تقديم عروض مقنعة وسهلة، يمكنك الاستفادة من استراتيجية جوبز المكونة من خمس خطوات رئيسية، والتي تشمل التحضير المبكر والتدريب المدروس، ما يساعد على جعل العرض يظهر بسهولة وإتقان.
1 -ابدأ التمرّن مبكراً
إن أحد أهم أسرار جوبز في تحضير عروضه التقديمية هو البدء في التدريب قبل موعد العرض بوقت كافٍ. وهذا التحضير المبكر أعطاه مساحة كافية للتمرن على كل جانب من جوانب العرض، بدءاً من التدقيق في المحتوى وحتى التركيز على التفاصيل البصرية، ليضمن أنه على دراية تامة بكل جزء من العرض. وعلى عكس كثير من رجال الأعمال الذين يتركون التمرين لآخر لحظة، كان جوبز يعتمد على جدول زمني محدد ومنظم يتيح له التعمق في التفاصيل، ما يجعله يظهر مرتاحاً وواثقاً من نفسه أمام الجمهور.
إن التدريب المبكر له فوائد جمة، فهو يمنح المقدم الوقت اللازم لتأمل المحتوى، ما يساعد على التفاعل مع الأفكار بشكل أكثر انسجاماً. وكانت هذه الاستراتيجية تساعد جوبز على بناء رابط قوي مع الجمهور، لأنه يظهر متحكماً في المحتوى وواثقاً من كل ما يطرحه.
2 - التدرب بصوت عالٍ
لم يكن التدريب بالنسبة لجوبز مجرد قراءة نصوص أو مراجعة شرائح، بل كان يتدرب بصوت مرتفع وكأنه يتحدث أمام جمهور فعلي. كما كان يُجري عرضه أمام فريقه المقرب ليعتاد على التقديم بوضوح وبحيوية وكأنه في الموقف الفعلي. وهذا الأسلوب لم يعزز فقط ثقته بنفسه، بل ساعده أيضاً على تحسين طريقة تقديمه للمحتوى. إن التمرّن بصوت عالٍ يسهم بشكل كبير في تعزيز الثقة ويسمح للمقدم بتجربة الشعور الحقيقي أثناء تقديم العرض، ما يعزز قدرته على التحدث بسلاسة وثبات.
3 - تحسين الشرائح والتفاصيل
لم يكتفِ جوبز بالتركيز على المحتوى وحده، بل كان يهتم بالتفاصيل البصرية والتعبيرية التي تبرز أفكاره. وكان حريصاً أيضاً على مراجعة الشرائح وتعديلها بما يضمن وضوح الأفكار، كما كان يراقب حركاته الجسدية وإيماءاته ليتأكد من أن العرض يوصل رسالته بأفضل صورة ممكنة.
إن تطبيق هذا الأسلوب بسيط وفعال، إذ يمكن تسجيل الفيديو أثناء التمرين، ثم مراجعته لتحديد العادات غير المرغوب فيها وإجراء التعديلات المناسبة. هذا التحليل الذاتي يمكّن من تحسين الأداء ليصبح أكثر تفاعلاً وقرباً من الجمهور.
4 -الاستماع للتغذية الراجعة
على الرغم من معرفة جوبز التامة بما يريد توصيله، فإنه كان يستفيد من آراء فريقه المقرب، حيث كان يطلب منهم ملاحظاتهم حول الأداء بعد كل تمرين. إن التغذية الراجعة من الآخرين تساعد المقدم على تحسين المحتوى وتجعله أقرب للجمهور. كما أن آراء الفريق كانت ضرورية، لأنها تُظهر وجهات نظر مختلفة، ما يسهم في تصحيح الأخطاء غير المرئية وتحسين الأداء بشكل عام.
إن التغذية الراجعة تمنح المقدم منظوراً جديداً حول المحتوى وأسلوب التقديم، ما يساعده على تقديم عرض شامل ومتوازن، يلبي توقعات الجمهور ويسهم في تحقيق الأثر المطلوب.
5 -التمرّن بملابس العرض (التمرين التجريبي)
قبل العرض الكبير، كان جوبز يقوم بأداء بتدريب نهائي بملابسه المميزة (الجينز الأزرق والقميص الأسود) ليشعر وكأنه في العرض الفعلي. إن التمرّن بملابس العرض يساعد على التأقلم مع الأجواء العامة، ويخفف من التوتر الذي قد يشعر به المقدم عند الوقوف أمام الجمهور، ما يجعله يظهر واثقاً على المسرح.
ويعد التمرن بملابس العرض خطوة حاسمة لمن يرغب في تقديم عرض احترافي، فهي توفر الإحساس بالوجود في المشهد الفعلي، وتجعل المقدم يشعر بالراحة والثقة في الوقت الحاسم.
هل يمكن تعلم تقديم العروض المميزة؟
لا يولد الجميع بموهبة تقديم العروض، لكن غالبية المتحدثين البارعين يطورون مهاراتهم عبر التدريب المستمر والمثابرة. إن ستيف جوبز هو المثال الأبرز لكيفية تحويل العرض التقديمي إلى تجربة فريدة على الرغم من الجهد الكبير المبذول خلف الكواليس.
لقد أظهر جوبز أن العرض التقديمي الرائع لا يأتي صدفة، بل هو نتاج تحضير دقيق، وصبر، والتزام بالتفاصيل. ولكل شخص يرغب في تقديم عرض مميز، يمكنه الاستفادة من تجربة جوبز باتباع هذه الخطوات التحضيرية المتقنة، لتحقيق مستوى عالٍ من الثقة والسلاسة في تفاعله مع الجمهور.