السبت 7 ديسمبر 2024 04:42 مساءً
في الحديث الشريف الذي رواه مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ"، نجد دعوة نبوية عظيمة تشجعنا على الاستفادة من وقتنا في ما يرضي الله تعالى، هذا الحديث يحمل في طياته فضلًا عظيمًا وأجرًا كبيرًا للمؤمنين الذين يخصصون وقتًا لقراءة القرآن الكريم بين صلاتي الفجر والظهر، حتى وإن كانوا قد غفلوا عن قراءته في وقت آخر.
الوقت بين الفجر والظهر: وقت مبارك
في البداية، لا بد من الإشارة إلى أهمية الوقت بين صلاتي الفجر والظهر. إنه وقت يُعتبر من أوقات البركة، حيث يبدأ المسلم يومه مع الفجر، ويظل في حالة من الاتصال الروحي مع الله تعالى حتى صلاة الظهر. وتعتبر هذه الفترة فرصة ذهبية للمؤمن لتعميق صلته بالقرآن الكريم، سواء كانت قراءة يومية أو تلاوة لحزب من القرآن الذي قد يكون غفل عنه.
الدعوة إلى الاستمرار في القراءة رغم النوم
الحديث الشريف يعكس التيسير الذي يقدمه الإسلام للمسلمين في أمور العبادة، حيث يبيّن أن الإنسان لو نام عن جزء من القرآن (حزب أو جزء منه) ولم يتمكن من قراءته في وقته المعتاد، فإن تلاوته في الفترة بين صلاة الفجر والظهر تعوضه كما لو كان قد قرأه في الليل. ما أروع هذا التيسير الذي يجعل الله تعالى يستجيب لعباده بلطف ورحمه.
أجر قراءة القرآن في الليل
الحديث لا يقتصر على التشجيع على القراءة فحسب، بل يُعد بمثابة وعد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يقرؤون القرآن في هذه الأوقات. فقد جاء في الحديث أنه إذا قرأ المسلم في هذا الوقت، فسيُكتب له الأجر كما لو أنه قرأه في الليل. والقراءة في الليل من أعظم الأوقات التي يتضاعف فيها الأجر، وقد ورد في الحديث الصحيح: "أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه ولو قل". فهذا يدل على أهمية الاستمرارية في العبادة والقراءة في الأوقات التي يعمها الهدوء والسكينة، حيث يتفرغ العبد للعبادة.
تحفيز المسلم على الاستفادة من وقته
إن هذا الحديث يشجع المسلم على استثمار أوقات الفراغ وملئها بما ينفعه في الدنيا والآخرة. فما أجمل أن يخصص المسلم وقتًا صغيرًا بين الفجر والظهر للقراءة والتأمل في كلام الله، هذا الوقت الذي قد يبدو أقل من غيره، لكنه يحمل بركة عظيمة إذا أحسن المسلم استغلاله. وبهذا يتحقق الارتباط المستمر بالقرآن الكريم طوال اليوم.
القرآن الكريم: مصدر نور وهداية
القرآن الكريم هو المصدر الأول للهدى والنور في حياة المسلم. إن القراءة اليومية له تُنير القلب وتُهذب النفس، وتُشعر المسلم بالقرب من الله تعالى. ولذلك، يحثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على جعل القرآن جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، والتأكد من أن كل لحظة نعيشها تكون مملوءة بآيات الله تعالى. ومن خلال تخصيص أوقات ثابتة للقراءة، مثل الوقت بين الفجر والظهر، يحقق المسلم الاستفادة القصوى من هذا الكتاب العظيم.
خاتمة: تعميق العلاقة مع القرآن
نحن في حاجة دائمة إلى أن نعود إلى القرآن، نستشعر معانيه، ونتأمل في آياته، ونعيش في ضوء هدايته، إن القراءة في أوقات خاصة، مثل الفترة بين الفجر والظهر، تفتح أمامنا أبواب الأجر والثواب، وتُساهم في تقوية علاقتنا بكتاب الله. لذا، دعونا نحرص على استثمار هذه الأوقات المباركة، وأن نقرأ القرآن بانتظام، لأن الأجر في ذلك عظيم، والله سبحانه وتعالى لا يُضيع أجر من أحسن عمله.