الخميس 12 ديسمبر 2024 10:12 مساءً
الخميس 12/ديسمبر/2024 - 10:02 م 12/12/2024 10:02:23 PM
لقد تخلّق نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بأخلاق القرآن، ولما سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم قالت : كان خلقه القرآن، فديننا دين مكارم الأخلاق، ورسالة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم جاءت لإتمام مكارم الأخلاق، ويقولون : من زاد عليك فى الخلق فقد زاد عليك فى الدين.
وقد حثنا القرآن الكريم على التزام مكارم الأخلاق من الصدق ، والأمانة ، والعدل فى الرضا والغضب مع الصديق والعدو ، والوفاء بالعهود والمواثيق ، والصبر عند النوائب ، والعفو والصفح ، وبر الوالدين ، وإكرام ذى القربى واليتامى والمساكين ، والإحسان إلى الجار ، وشكر النعم ، والإنفاق فى سبيل الله، وسائر الأخلاق والقيم النبيلة .
وقد أولى القرآن الكريم الاهتمام بذوى القربى واليتامى والمساكين وإكرامهم عناية خاصة، ورتب على تلك العناية عظيم الجزاء ، حيث يقول الحق سبحانه : «فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ « ، ويقول سبحانه : «وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا»، ويقول سبحانه : «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا».
ونهى القرآن الكريم عن ضيم وقهر اليتيم أو حبس حقه أو أكل ماله كما نهى عن نهر المسكين أو إيذاء شعوره، فقال سبحانه : «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا»، وقال سبحانه: «فَأَمَّا الیَتِیمَ فَلَا تَقهَر وَأَمَّا السَّاىِلَ فَلَا تَنهَر»، ويقول سبحانه : «أَرَأَيْتَ الَّذِى يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِى يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين»، ويقول سبحانه :» كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِى جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِين مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ» .
وخص القرآن الكريم الوالدين بمزيد من الإكرام وأنزلهم منزلة عظيمة، وحذر تحذيرا شديدا من عقوقهم أو حتى مجرد إيذاء مشاعرهم ولو بلفظ يفهم منهم مجرد التأفف تجاههم بأى صورة من الصور صراحةً أو ضمنا ، حيث يقول الحق سبحانه : «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا»، ويقول سبحانه:»وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِى وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»
و أمرنا القرآن الكريم بالعدل فى الأحوال كلها : فى الصديق والعدو ، والرضا والغضب، ولو على أنفسنا أو الوالدين والأقربين، حيث يقول الحق سبحانه : «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ».
ونهانا القرآن الكريم عن الظلم وبين لنا سوء عاقبته ، فقال سبحانه: «وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ «، ويقول سبحانه :»وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ».
الأستاذ بجامعة الأزهر