10 فبراير 2025, 7:24 صباحاً
يُعد التفويض والثقة بالفريق من أهم الصفات القيادية التي تُسهم في تعزيز كفاءة العمل وتطوير الأفراد داخل أي منظمة؛ فالقائد الناجح هو مَن يُدرك أن النجاح لا يعتمد فقط على مجهوداته الفردية، بل على حُسن إدارته وتوزيعه للمهام؛ وفقاً لقدرات كل فردٍ في فريقه، فعندما يثق القائد بفريقه ويمنحهم المسؤوليات المناسبة، فإنه يعزّز من شعورهم بالانتماء ويحفّزهم على تقديم أفضل ما لديهم، مما ينعكس إيجابياً على الأداء العام للفريق.
إن التفويض الفعّال ليس مجرد توزيعٍ عشوائي للمهام؛ بل عملية مدروسة تعتمد على معرفة القائد بإمكانات كل فردٍ، وتوجيههم بالشكل الصحيح لتنمية قدراتهم. من خلال التفويض، يتفرغ القائد للمهام الإستراتيجية بينما يتولى الفريق تنفيذ التفاصيل التشغيلية، مما يؤدي إلى تحسين الإنتاجية وتوفير بيئة عمل ديناميكية ومتطورة، كما أن منح الثقة للأفراد يساعدهم على تنمية مهاراتهم القيادية واتخاذ القرارات بحكمة، الأمر الذي يُوجِد جيلاً جديداً من القادة القادرين على تحمُّل المسؤولية.
إن القائد الذي يعتمد على التفويض يُحدث مناخاً من التعاون والابتكار، حيث يشعر كل فرد في الفريق بأن له دوراً حقيقياً في تحقيق الأهداف. هذه الثقة لا تعزّز فقط الروح المعنوية؛ بل تدفع الأفراد إلى بذل مزيدٍ من الجهد والابتكار، كما أن التفويض يقلل من الضغوط على القائد نفسه، مما يجعله أكثر قدرةً على التركيز على الأهداف الكبرى والتخطيط الإستراتيجي.
من وجهة نظري، أرى أن القائد الحقيقي هو مَن يستطيع توزيع المهام بحكمة، بحيث يضع الشخص المناسب في المكان المناسب؛ فالتفويض لا يعني التخلي عن المسؤولية، بل هو وسيلة لتمكين الأفراد وزيادة كفاءتهم. كما أعتقد أن القائد الذي لا يمنح فريقه الثقة يحدُّ من قدراتهم ويمنعهم من التطوّر، مما يؤدي إلى بيئة عملٍ غير محفّزة وغير منتجة، فالثقة بالفريق تمنح القائد فرصةً لرؤية إمكانات أفراده تتطوّر، مما يُسهم في نجاح المؤسسة ككل.
يُعد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل؛ مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير منطقة مكة المكرّمة، نموذجاً بارزاً في تطبيق مبدأ التفويض والثقة بالفريق. فمن خلال قيادته منطقة مكة المكرّمة، استطاع أن ينجز مشاريع تنموية كبرى، معتمداً على كفاءات الفريق الإداري والتنفيذي في المنطقة.
من أبرز أعماله مشروع "الطائف الجديد"، الذي يهدف إلى تطوير مدينة الطائف، وتعزيز بنيتها التحتية، حيث أشرف سموه على التخطيط الإستراتيجي للمشروع، بينما فوَّض فرق العمل المختصّة للإشراف على التنفيذ؛ مما أدّى إلى تحقيق تقدُّمٍ ملموسٍ في وقتٍ قياسي.
كما لعب دوراً مهماً في مبادرة "الحج الذكي"، التي اعتمدت على أحدث التقنيات لتسهيل رحلة الحجاج، حيث منح المسؤولين عن التقنية والإدارة الميدانية الصلاحيات اللازمة لضمان نجاح المبادرة.
إن أسلوب الأمير خالد الفيصل؛ في التفويض، يعكس فهمه العميق أهمية تمكين الأفراد، فقد عمل على إشراك الكفاءات الشابة في المشاريع التنموية، وأتاح لهم الفرصة لإثبات قدراتهم، مما ساعد على توفير بيئة عمل إبداعية ومبتكرة، هذه الثقة التي منحها لفريقه جعلت من منطقة مكة المكرّمة نموذجاً في الإدارة الحديثة والتنمية المستدامة.
ختاماً، فإن التفويض والثقة بالفريق ليسا مجرد أدوات إدارية؛ بل هما فلسفة قيادية ترتقي بمستوى العمل وتحقّق الإنجازات العظيمة، والأمير خالد الفيصل خير مثال على القائد الذي يعتمد على هذه الفلسفة، مما جعله نموذجاً يُحتذى به في القيادة والإدارة.
في المقالة المُقبلة، سنتناول صفة أخرى من صفات القيادة المُلهمة، فتابعونا لاكتشاف المزيد عن أسرار القيادة الناجحة.