السبت 8 فبراير 2025 07:30 مساءً
بدون رتوش
السبت 08/فبراير/2025 - 07:27 م 2/8/2025 7:27:17 PM
عندما بدأ «ترامب» الحديث قبل نحو أسبوعين عن قطاع غزة باعتباره مكاناً مدمراً، ودعا إلى تطهير المكان برمته، لم يكن من الواضح إلى أى مدى كانت هذه التصريحات مرتجلة. لكن فى الفترة التى سبقت زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلى «بنيامين نتنياهو» للولايات المتحدة الأمريكية، وفى تعليقاته فى المكتب البيضاوى قبل الاجتماع، وفى المؤتمر الصحفى نفسه أصبح من الواضح أنه جاد للغاية بشأن ما طرحه من مقترحات. أما بالنسبة للرئيس الأمريكى «ترامب» فلا شك أن المقترح الذى بادر بطرحه يعد الانقلاب الأكثر تطرفا فى الموقف الأمريكى الراسخ تجاه إسرائيل والفلسطينيين فى التاريخ الحديث للصراع، ولسوف ينظر له باعتباره تحدياً واضحاً للقانون الدولى.
بالإضافة إلى كيفية استيعاب الناس العاديين فى قطاع غزة لهذا الاعلان، فقد يكون له أيضا تأثير كبير على عملية وقف إطلاق النار المرحلى، واطلاق سراح الرهائن فى مرحلة حرجة كهذه. وفى معرض التعليق على ما طرحه «ترامب» وإدارته من الدعوة إلى «إعادة توطين» جميع الفلسطينيين بشكل دائم خارج غزة باعتبارها لفتة إنسانية فمن الممكن تبرير ذلك بالقول: (لأنه لا يوجد بديل لهم حيث إن قطاع غزة بات كياناً مدمراً). وعليه وبموجب القانون الدولى فإن محاولات نقل السكان قسرا وبالقوة يعد أمرا محظورا تماما، ولهذا رأى الفلسطينيون والدول العربية ذلك على أنه إعلان واضح يهدف إلى طرد الفلسطينيين من أرضهم وتطهيرهم عرقياً، ولهذا السبب رفض القادة العرب بشكل قاطع أفكار «ترامب» التى قدمها بشكل متواتر ومتزايد على مدى الأيام الماضية عندما اقترح استقبال مصر والأردن للفلسطينيين المقيمين فى غزة.
وفى الأول من فبراير الجارى بادرت كل من مصر والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات وجامعة الدول العربية والسلطة الفلسطينية بإصدار بيان يؤكد أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تهدد استقرار المنطقة، بل وتخاطر بتوسيع الصراع وتقوض آفاق السلام والتعايش بين شعوبها لا سيما وأن رغبة اليمين المتطرف فى اسرائيل لطالما دعت إلى طرد الفلسطينيين من الأراضى المحتلة وتوسيع المستوطنات اليهودية وإحلالها مكانها. الجدير بالذكر أنه منذ هجمات السابع من أكتوبر على إسرائيل طالبت هذه الجماعات التى كان قادتها جزءاً من ائتلاف نتنياهو الحاكم باستمرار الحرب ضد حماس إلى أجل غير مسمى، وتعهدت هذه الجماعات بإعادة إنشاء المستوطنات الاسرائيلية فى قطاع غزة، كما واصلوا معارضتهم لوقف إطلاق النار، واتفاق إطلاق سراح الرهائن.
ولا شك أن مقترحات «ترامب» إذا نفذت ستجبر هؤلاء السكان الذين يزيد عددهم الآن عن مليونى شخص على الانتقال إلى أماكن أخرى فى العالم العربى أو حتى خارجه كما يقول «ترامب» لاعادة التوطين بشكل دائم. كذلك من شأنها أن تمحو إمكانية تنفيذ مقترح حل الدولتين فى المستقبل، ولهذا سوف يرفضها الفلسطينيون والعالم العربى باعتبارها خطة طرد.
فى المقابل سوف يؤيد الكثيرون من القاعدة السياسية لرئيس الوزراء «نتنياهو»، وحركة المستوطنين القومية المتطرفة فى إسرائيل ما قاله «ترامب» وينظرون إليه باعتباره وسيلة على حد تعبير «نتنياهو» لوقف «تهديد غزة لإسرائيل»، وبالنسبة للفلسطينيين فى غزة فإن ما قاله «ترامب» من شأنه أن يرقى إلى العقاب الجماعى.