الخميس 6 فبراير 2025 06:00 مساءً
الخميس 06/فبراير/2025 - 05:50 م 2/6/2025 5:50:10 PM
يبدو أن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب غير مصدق للكم الهائل من الانتقادات العالمية وحتى من داخل المجتمع الأمريكي نفسه، والتي انهالت عليه حين عرض لأول مرة رؤيته لتهجير سكان القطاع من أرضهم لدول مجاورة مثل مصر والأردن، فبات في المؤتمر الصحفي مع رئيس وزراء الكيان يتراجع تارة، ويعيد تقديم مقترحه تارة أخرى، فقدم اقتراحا آخر أن تكون غزة تحت السيادة الأمريكية على حسب تعبيره لتصبح ريفيرا الشرق الأوسط وهو ما رفضه المجتمع الأمريكي نفسه وتارة أعاد التلويح بالضغط على مصر والأردن لاستقبال سكان غزة وتارة أخرى يحاول كتاجر يبيع أفكاره للعالم على أنه يريد مستقبلا أفضل لسكان القطاع بعيدا عن وطنهم المخرب، أو على حد تعبيره عن القطاع أنه مكان عبارة عن كومة من الركام ناسيا أو متناسيا أن تخريب قطاع غزة كان السبب فيه هو جنون الحكومة الإسرائيلية ورئيس وزرائها الواقف بجواره المتورط في جرائم حرب وإبادة جماعية لشعب أعزل على مدار ما يقرب من عام ونصف، ولم تقتصر أحلام تاجر العقارات على حد تهجير شعب بالكامل من أرضه، لكنه لوح أن تكون غزة منطقة فنادق عالمية توفر ملايين من فرص العمل في المنطقة ناسيا أن حياة الشعوب ومصير الأوطان لا يحدده المكاسب المالية فقط، بل هناك قوانين دولية قد تقف أمام هذه القرارات
وبالتأكيد لا يملك ترامب أي رؤية شاملة حتى لأفكاره في تهجير سكان القطاع، ولكنه يريد أن يصبح أمام المجتمع الأمريكي كسوبر هيرو ينجح فيما أخفق فيه رؤساء قبله لتقديم فلسطين على طبق من ذهب لإسرائيل الأمر الذي جعل نتياهو يصفه بأنه أفضل صديق أمريكي لإسرائيل، ولكنه ربما نسي أن هناك عالما متشابك المصالح ومتعدد الرؤى قد يقف أمام أفكاره المجنونة، وقد حدث بالفعل أن دولا كثيرة، وربما يكون لها مصالح مباشرة مع أمريكا قد أعلنت رفضها لهذا المخطط اللعين فتهجير شعب من أرضه جريمة يعاقب عليها القانون الدولي والتعامل مع الدول والشعوب بمنطق عقلية تاجر العقارات، فهزأ بالطبع غير مقبول في القرن الواحد والعشرين.
فمن وجهة النظر العربي رأت دولا عربية عدة مثل مصر والأردن والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات والجامعة العربية أن مثل هذه الأفكار قد تهدد استقرار المنطقة، وتخاطر بتوسيع الصراع، وتقوض آفاق السلام والتعايش بين شعوبها.
وأعادت مصر بالذات باعتبارها من أهم وأكبر القوة السياسية والعسكرية في المنطقة إلى إعادة تأكيد رفضها القاطع لهذا المخطط اللعين الذي يمكن أن يفتح دائرة صراع وتوتر لا تنتهي في منطقة الشرق الأوسط كله، وجال وزير الخارجية المصري دولا عدة ليحشد بطريقة دبلوماسية رائعة حشدا دوليا ضد مخططات التهجير فمصر بخبرتها السياسية الطويلة كدولة رامية للسلام تسعى بجهد، ومن دون كلل لتأكيد أن الصرع في الشرق الأوسط لن حُلّ إلا بإعلان حل الدولتين وطريقة إيجاد وطن معترف بيه للفلسطينين يكون من حقهم العيش فيه دون مخاطر الحرب وأوجاع التهجير، ولم تكتفي مصر بكل ما قدمته دبلوماسيا للشعب الفلسطيني على مدار عام ونصف، ولكنها حسب وصف وزير خارجيتها أن أكثر من 70 في المئة من المساعدات التي قدمت للقطاع جاءت من مصر، بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب المصري، ولكنه كان ولا يزال من أكبر داعمي القضية الفلسطينه وأكبرهم، ولم تكتفي مصر بكل هذا، بل بأوامر من رئيس الجمهورية دخلت الجرافات والمعدات الهندسية إلى القطاع بسرعة لتزيل الركام، وتمهد الطريق سريعا من أجل إعادة الإعمار وحق الشعب الفلسطيني في التمسك بأرضه.
لقد أثبت الواقع الحالي الذي يمر بالعالم أن مصر وقيادتها الحكيمة كانت ولا تزال طوق نجاة وقوة مؤثرة على العالم أجمع وأن الحشد العربي والتأييد للموقف المصري الرامي إلى تحقيق السلام القائم على العدل هو أمر شديد الأهمية والتأييد الشعبي الواضح للرئيس السيسي أصبح اليوم ضرورة حتمية للوقوف أمام هذه المخططات اللعينة والتي نثق انها لن تمر حتي وان كانت لها عواقب لكننا نتمسك بحقنا وحق المنطقة بالكامل في السلام والهدوء والبعد عن الصراعات .