الخميس 12 ديسمبر 2024 02:24 مساءً
يدعو الدين الإسلامي دائما إلى الإتزان والتوازن في كل أمر، فكما أمر المسلم بإسباغ الوضوء على المكاره حذر من الإسراف في استخدام الماء، والاستغراق في مدى نظافة الماء إلى الحد الذي يجلب الوسواس للإنسان، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطُّهُورِ...» أخرجه أبو داود.
ومعنى الاعتداء في الطهور:
معنى الاعتداء في الطهور استعماله فوق الحاجة، والمبالغة في التأكد من طهوريته، وورد هذا التحذير النبوي من أجل ألَّا يؤدي ذلك إلى الإسراف في الماء، وإصابة المتوضئ بالوساوس.
الإسلام يحارب الإسراف
أن الإسلام حث على عدم الإسراف في الوضوء، فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَسْرِفُوا فِي الْمَاءِ وَلَوْ كُنتُمْ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ» (رواه ابن ماجه)، يوضح هذا الحديث أهمية الحفاظ على الماء حتى في الظروف التي قد يكون فيها الماء متوفرًا بكثرة، وهو ما يعكس توجيهًا عقلانيًا للحفاظ على هذا المورد الحيوي.
الحذر من الوسواس في الطهارة
جانب آخر من التوازن الذي يدعو إليه الإسلام في هذا السياق هو الحذر من الوسواس، فبعض الأشخاص قد يغرقون في فكرة الطهارة والنظافة إلى حد يجعلهم يعانون من الوسواس القهري، هنا، يأتي التحذير النبوي ليشير إلى أنه ليس من الصواب أن يصبح المسلم أسيرًا لهذه الأفكار المفرطة في الطهارة. فإذا كان الوضوء قد تم كما أمر الله ورسوله، فلا يجب أن يلتفت المسلم إلى الشكوك التي قد تساوره، بل عليه أن يطمئن إلى صحة عبادته ويواصل حياته.
التوازن بين الطهارة والحفاظ على البيئة
إن دعوة الإسلام للتوازن لا تقتصر على الجوانب الدينية فقط، بل تمتد أيضًا لتشمل المسؤولية البيئية، ففي زمننا الحالي، حيث يعاني العديد من الدول من ندرة المياه، يصبح من المهم أن يتحلى المسلم بالوعي الكامل بشأن أهمية الحفاظ على الماء، ويجب أن يتجسد هذا التوازن في كل ممارساتنا اليومية، بدءًا من الطهارة وصولًا إلى الاستخدام اليومي للماء في المنازل والحدائق.
لقد أكد الإسلام في تعاليمه على ضرورة الاعتدال في كل شيء، بما في ذلك في استخدام الماء للطهارة، فلا يطلب منا الإسراف ولا الوسواس، بل أن نؤدي عبادتنا بقلوب مطمئنة وأجساد نقية دون المبالغة. فالتوازن الذي يقدمه الإسلام في هذا الشأن ليس مجرد تعاليم دينية، بل هو دعوة إلى احترام الموارد الطبيعية وحسن استخدامها في حياتنا اليومية، ليكون المسلم قدوة في الاعتدال والحفاظ على البيئة.