02 فبراير 2025, 11:50 صباحاً
في عالم يزداد تعقيدًا، يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يفضل لغة القوة على لغة الدبلوماسية. فمنذ عودته إلى البيت الأبيض، أظهر ترامب استعداده لاستخدام كل الأدوات المتاحة لإجبار الدول على الانصياع لإرادته، سواء كانت حليفة أو معادية. الرسوم الجمركية، التي أعلنها مؤخرًا على كندا والمكسيك والصين، ليست سوى البداية. فهل يعيد ترامب تعريف السياسة الخارجية الأمريكية؟ أم أن هذه الخطوات ستؤدي إلى عواقب اقتصادية وسياسية لا تُحمد عقباها؟
سياسة القوة
ولم يتردد ترامب في استخدام القوة الاقتصادية كأداة رئيسية لتحقيق أهدافه. فبعد أيام قليلة من عودته إلى البيت الأبيض، أعلن عن فرض رسوم جمركية جديدة على واردات كندا والمكسيك والصين، وهي الدول التي تُعتبر من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. هذه الخطوة ليست مجرد تهديد، بل إعلان حرب اقتصادية قد تُعيد تشكيل العلاقات الدولية.
ويعتقد ترامب أن هذه الإجراءات ستجبر الدول على التعاون في قضايا مثل مكافحة تهريب المخدرات، لكن الخبراء يحذرون من أن هذه السياسة قد تؤدي إلى تصعيد غير مسبوق في التوترات التجارية العالمية، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
خلق حرب
ردت الدول المستهدفة بسرعة. كندا والمكسيك والصين أعلنت عن نيتها فرض رسوم جمركية مماثلة على المنتجات الأمريكية. هذا التصعيد يهدد بخلق حرب تجارية قد تطول آثارها لسنوات، وتؤثر على الاقتصاد العالمي بأكمله.
وفي الوقت نفسه، يبدو أن ترامب غير مكترث بهذه التحذيرات. بل إنه يعتبر هذه الخطوات تأكيدًا على نجاح استراتيجيته "أمريكا أولاً"، التي تهدف إلى حماية المصالح الأمريكية بغض النظر عن التكلفة.
نهاية القوة الناعمة
وبينما يعتمد ترامب على القوة الاقتصادية والعسكرية، يتخلى عن الأدوات التقليدية للسياسة الخارجية الأمريكية. فقد علق جزءًا كبيرًا من المساعدات الدولية، وهي أداة كانت تُستخدم لبناء العلاقات وتعزيز النفوذ الأمريكي حول العالم.
بل إن هناك تقارير تشير إلى أن ترامب يفكر في تفكيك وكالة التنمية الدولية الأمريكية، التي لعبت دورًا محوريًا في تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية. هذا التحول يثير تساؤلات حول مستقبل الدور الأمريكي في العالم، وما إذا كانت الولايات المتحدة ستستمر كقوة ناعمة أم ستتحول إلى قوة صلبة فقط.
العواقب المحتملة
وإذا نجحت استراتيجية ترامب في إجبار الدول على الانصياع، فسيُعتبر ذلك انتصارًا لسياسته. لكن إذا فشلت، فقد تدفع الولايات المتحدة ثمنًا باهظًا. ارتفاع تكاليف السلع بسبب الرسوم الجمركية قد يؤثر على المستهلكين الأمريكيين، ويؤدي إلى تباطؤ اقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن فقدان الثقة في الولايات المتحدة كشريك دبلوماسي قد يدفع الدول إلى البحث عن تحالفات جديدة، مما يُضعف النفوذ الأمريكي على المدى الطويل.
وفي عصر ترامب، يبدو أن القوة الصلبة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها العالم. لكن السؤال الذي يبقى معلقًا: هل ستنجح هذه الاستراتيجية في تحقيق أهداف أمريكا، أم أنها ستؤدي إلى عزلتها وتآكل نفوذها العالمي؟