01 فبراير 2025, 12:56 مساءً
في مشهد يكشف عن الوضع المتردي للبحرية الروسية، اندلع حريق كبير على متن سفينة تجسس روسية قبالة سواحل سوريا، مما أثار تساؤلات حول قدرة الأسطول الروسي على الحفاظ على وجوده الإستراتيجي في البحر المتوسط، وهذا الحادث ليس الأول من نوعه، بل هو حلقة جديدة في سلسلة من الإخفاقات، التي تعكس تحديات كبيرة تواجهها موسكو في إدارة أسطولها البحري.
فقدان السيطرة
فقبل أيام، شوهدت سفينة التجسس الروسية "كيلدين"، البالغة من العمر 55 عاماً، وهي تطلق أعمدة من الدخان الأسود الكثيف قبالة السواحل السورية، ورفعت السفينة إشارة استغاثة تشير إلى فقدان السيطرة على الموقف، مما دفع طاقمها إلى الاستعداد لإخلاء السفينة، وعلى الرغم من أن الحريق تم إخماده بعد خمس ساعات، إلا أن الحادث أثار تساؤلات حول جاهزية السفن الروسية وقدرتها على مواجهة الأزمات.
وتقوم "كيلدين" بمهمة مراقبة الأحداث في سوريا، خاصة بعد التغيرات السياسية الأخيرة، التي شهدتها البلاد، وتأتي هذه المهمة في إطار الجهود الروسية للحفاظ على نفوذها في المنطقة، لا سيما في ميناء طرطوس، الذي يُعد آخر معقل لروسيا في البحر المتوسط. ومع ذلك، فإن الحريق الذي اندلع على متن السفينة يسلط الضوء على مشاكل أعمق تتعلق بفعالية الأسطول الروسي، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
نمط متكرر
وفقاً لخبراء أمنيين غربيين، فإن حريق "كيلدين" ليس حدثاً معزولاً، بل هو جزء من نمط متكرر من الإهمال والصيانة السيئة التي تعاني منها البحرية الروسية. فقبل شهرين فقط، تعرضت الفرقاطة الروسية "الأدميرال غورشكوف" لحريق مماثل، مما أظهر ضعفاً واضحاً في إدارة الأسطول.
ويرى مايكل كوفمان، خبير الشؤون العسكرية الروسية، أن هذه الحوادث تعكس مشاكل هيكلية في البحرية الروسية، فمع تقدم عمر الأسطول وعدم توفر مرافق صيانة كافية، أصبحت السفن الروسية أكثر عرضة للأعطال والحوادث. وأضاف أن العمليات البحرية المكثفة في مناطق مثل البحر المتوسط تزيد من الضغط على هذه السفن، مما يفاقم المشاكل القائمة.
تحديات كبيرة
وتواجه روسيا تحديات جيوسياسية كبيرة في المنطقة، فمع وصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة في سوريا، أصبح مستقبل قاعدة طرطوس البحرية الروسية غير مؤكد. وقد ألغت الحكومة السورية الجديدة عقداً مع شركة روسية كانت تدير الميناء التجاري في طرطوس، مما يهدد بفقدان روسيا لهذا الموقع الإستراتيجي.
وفي محاولة لتعويض فقدان طرطوس، تبحث روسيا عن بدائل في دول مثل ليبيا والجزائر والسودان. ومع ذلك، فإن كل هذه الخيارات تحمل مخاطر سياسية وعسكرية كبيرة. ففي ليبيا، على سبيل المثال، يعتمد الوجود الروسي على تحالفات مع قوى محلية غير مستقرة، مما يجعل أي قاعدة بحرية هناك عرضة للتقلبات السياسية.
ويبدو أن الحريق الذي اندلع على متن سفينة "كيلدين" هو مجرد عرض لمشكلة أكبر تواجه البحرية الروسية. فمع تزايد الضغوط الجيوسياسية وتدهور حالة الأسطول، تواجه موسكو تحدياً كبيراً في الحفاظ على وجودها في البحر المتوسط. فهل ستتمكن روسيا من تجاوز هذه الأزمة، أم أن هذا الحريق هو بداية النهاية لأسطولها في المنطقة؟