الأربعاء 11 ديسمبر 2024 07:48 مساءً
صواريخ
الأربعاء 11/ديسمبر/2024 - 07:40 م 12/11/2024 7:40:37 PM
تعيش سوريا لحظات فارقة فى تاريخها، بعد أن سقط نظامها السياسى، الذى امتد لأكثر من نصف قرن بقيادة - الأسد - الأب والابن، وكان سببًا فى ترسيخ الطائفية والعرقية فى هذا الوطن العريق، وربما تكون حالة الفرح التى سيطرت على شريحة كبيرة من السوريين، كاشفة بجلاء عن التخلص من هذا النظام الطائفى الذى تسبب فى تقطيع أوصال سوريا فى السنوات الأخيرة وجعلها ساحة خصبة للتدخلات الأجنبية وفقد مناطق كبيرة فى الشرق والشمال والشمال الغربى، بعد أن استدعى هذا النظام بنفسه التدخلات الخارجية لحمايته فى مواجهة شعبه، من خلال إيران وحزب الله والقواعد الروسية، وهو ما استدعى التدخل الأمريكى ليكون له مواطئ قدم بحجة مواجهة الإرهاب الذى شكلته الولايات المتحدة ودربته ودعمته لتحقيق أكبر قدر من المكاسب للأراضى والمدن السورية، وهو ما شجع تركيا أيضًا أن تغتنم الفرصة لاحتلال مناطق سورية، وباتت سوريا تعيش فى جزر منعزلة واضطر الملايين من السوريين للهجرة إلى الدول العربية والأوروبية، إلى أن جاءت لحظة التفاهمات الدولية الجديدة التى باع فيها الجميع نظام الأسد.
من المبكر الحكم على مستقبل سوريا فى ظل تعدد الوكلاء داخل المشهد السورى الآن، سواء كانوا وكلاء لدول إقليمية أو دولية، أو حتى كانوا من المعارضة السورية الوطنية، وذلك لأسباب جوهرية وهامة، يأتى على رأسها استمرار المشروع الأمريكى للشرق الأوسط الجديد، الذى يعتمد على دعم تيارات الاسلام السياسى بهدف وصولها للحكم فى كل الدول العربية، وتوطين تيارات الاسلام السياسى بما فيها من التيارات المتشددة والإرهابية داخل المنطقة العربية، وإقامة أنظمة سياسية قائمة على أسس طائفية وعرقية، سوف تؤدى لا محالة إلى تقسيم عدد من الدول إلى عدة دويلات متصارعة بشكل مستمر، وليس أدل على ذلك من تجربة تقسيم السودان، ثم التجربة العراقية وتسطير دستور عراقى قائم على الطائفية والعرقية، وبعدها جاء الربيع العربى الذى تشكل أحداث سوريا الآن جولة أخرى منه، واستقبله السوريون بفرح شديد، كما حدث سابقًا فى كثير من الدول العربية فى الجولة الأولى من الربيع العربى، ومازالت تدفع ضريبته حتى الآن، بسبب وقوع الشعوب بين فكى رحى الديكتاتورية أو الفوضى، لذلك الشعب السورى الآن أمام تحد هو الأعظم فى تاريخ سوريا الحديث، ومدى قدرته على الحفاظ على وحدة سوريا بكل مؤسساتها وطوائفها فى مواجهة شر التقسيم والسقوط فى الفوضى الخلاقة على غرار دول عربية أخرى.
الآن سوريا فى أمس الحاجة إلى الدول العربية أكثر من أى وقت مضى، قبل أن تتفكك وتتحول إلى أشلاء وبؤر متصارعة لوكلاء قوى دولية أو اقليمية.. بل إن كل دروس الماضى البعيد والقريب، تؤكد أن الدول العربية فى نفس الحاجة إلى استمرار وحدة سوريا لأسباب تاريخية وقومية وأمنية وسياسية، ويكفى الدول العربية شاهد واحد من كل الأحداث الجارية، وهو سرعة رد الفعل الصهيونى بالقيام باحتلال أجزاء من سوريا، وشن غارات جوية متواصلة لتدمير سلاح الجو السورى، والاسطول البحرى والمركز العلمى وكل ما يستطيع تدميره من مؤسسات الدول السورية حتى لا تقوم لها قائمة مرة أخرى.. ولم تقف خسة وحقارة نتنياهو عند حد استغلال الأحداث بهذا الشكل الوضيع والانتهازى، بل كشف بكل وضوح عن المخطط الحقيقى، عندما قال إن إسرائيل ترسم خريطة الشرق الأوسط الجديد فى رسالة تحمل من الفجاجة والتحدى ما يدعو كل الدول العربية إلى تحرك جاد لمساندة سوريا فى هذه اللحظات الفارقة والحاسمة على تجاوز أزمتها والحفاظ على وحدتها، ويجب على جامعة الدول العربية أن تكون وعاء حاضنًا لموقف عربى موحد يرسخ وحدة سوريا من خلال تبنى موقف دولى وصدور قرارات دولية تحافظ على وحدة وهوية الدولة السورية.
حفظ الله مصر