الاثنين 20 يناير 2025 10:12 صباحاً
تحل اليوم الاثنين، الذكرى السادسة والخمسون على رحيل الشيخ محمد صديق المنشاوى، أحد أبرز قراء القرآن الكريم فى مصر والعالم أجمع، وأحد عمالقة دولة التلاوة المصرية، وهو واحد من رواد التلاوة فى عصره، أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ محمود علي البنا وآخرين ممن أثروا الإذاعة المصرية بالتلاوات القرآنية، ويعد الشيخ المنشاوي من أشهر القراء في العالم الإسلامي.
التحق الشيخ محمد صديق المنشاوي بكتـّاب القرية، وأتم ختم القرآن الكريم فى سن مبكرة.
ألقاب الشيخ المنشاوي:
لُقب الشيخ محمد صديق المنشاوي بالصوت الباكي ،وكروان قراءة القرآن الكريم والصوت الملائكي والصوت الخاشع والقلب الضارع ومقرئ الجمهورية العربية المتحدة ، وعبقري التلاو.
نشأته وحياته:
ولد القارئ الشيخ محمد صدِّيق المنشاوي بقرية البواريك بمدينة المنشأة بمحافظة سوهاج بصعيد مصر في 20 يناير 1920م، ورحل عن دنيانا 20 يونيو 1969، وما بين مولده ورحيله فقد نشأ في أسرة معظم قرائها من حملة القرآن، حيث حفظ القرآن الكريم وعمره أحد عشر عامًا على يد الشيخ محمد النمكي، قبل أن يدرس أحكام التلاوة على يد الشيخ محمد أبو العلا، ونال إجازة في القراءات العشر على يد الشيخ محمد سعودي.
شهرته:
ذاع صيته ولقي قبولاً حسنًا لعذوبة صوته وجماله وانفراده بذلك، إضافة إلى إتقانه لـمقامات القراءة، وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية.
البلاد التي سافر إليها المنشاوي:
زار الشيخ المنشاوي، الابن، العديد من البلاد العربية والإسلامية وحظي بتكريم بعضها، حيث منحته إندونيسيا وسامًا رفيعًا في منتصف الخمسينيات، كما حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية من سوريا عام 1965م، وزار باكستان والأردن وليبيا والجزائر والكويت والعراق والسعودية، وقد ترك الشيخ أكثر من مائة وخمسين تسجيلًا بإذاعة جمهورية مصر العربية والإذاعات الأخرى، كما سجل ختمة قرآنية مرتلة كاملة تذاع بإذاعة القرآن الكريم وتلاوته.
وتلى الشيخ محمد صديق المنشاوي، القرآن في المساجد الرئيسية في العالم الإسلامي، كالمسجد الحرام في مكة المكرمة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة، والمسجد الأقصى في القدس، وذاع صيته لعذوبة صوته وجماله وانفراده بذلك، إضافة إلى إتقانه لـمقامات القراءة، وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية، وكان أحد روّاد التلاوة المتميزين بتلاوته المرتلة، وسجل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم، وكان أحد القراء في الإذاعة المصرية.
لقد نشأ الشيخ صديق المنشاوي وعاش في صعيد مصر وذاع صيته فيها وفي الأقاليم المجاورة واتصل في شبابه بالشيخ أبو الوفا الشرقاوي فطرب بصوته وجعله من خاصته.
رفض دخول الإذاعة فجاءت تسجيلاتها إليه:
رفض الذهاب إلى اختبارات الإذاعة حتى بعد أن أرسل إليه المسئولون طلباً ليتقدم إليها ويتم اعتماده وبرر ذلك قائلاً: (لا أريد القراءة بالإذاعة فلست في حاجة إلى شهرتها ولا أقبل أن يعقد لي هذا الامتحان أبداً)، فقرر مدير الإذاعة أن تنتقل الإذاعة حيث يقرأ الشيخ المنشاوي الذي فوجئ بها أثناء إحياء ليلة رمضانية في قرية إسنا، وسجل مندوبها تلاوته، وفي نفس الوقت تم إرسال مندوب آخر؛ حيث يتلو والده بمحافظة سوهاج، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الإذاعة التي تنتقل بمعداتها وعامليها ومهندسيها للتسجيل، وبالرغم من كل هذا أصر الشيخ محمد صديق المنشاوي على رفضه لولا تدخل اللواء عبدالفتاح الباشا وإلحاحه وافق الشيخ.
مقرئ الجمورية:
واعتمد قارئا بالإذاعة المصرية في 1953م، وكان أول قارئ يتم الاجتماع على اعتماده قبل الاختبارات، وعُين قارئاً بمسجد الزمالك، وسجل القرآن كاملاً فى ختمة مرتلة برواية حفص عن عاصم، بالإضافة إلى ما يزيد على 150 تسجيلاً، واعتادت إذاعة القرآن الكريم أن تبدأ بتلاوة الشيخ المنشاوي فى أول أيام شهر رمضان وقت أذان المغرب، هذا إلى جانب تسجيلات فى المسجد الأقصى وسوريا والسعودية، وأصبح فخرًا للعالم الإسلامى والعربى .
وكان للشيخ المنشاوي ولدان أكبرهما الشيخ محمد صديق المنشاوي، والثاني كان ذا صوت جميل وموهبة حسنة ولكنه مات وهو في مقتبل العمر في حادث، وظل الشيخ المنشاوي حتى مماته وفيًّا لعهده فلا يقرأ خارج حدود مديريته ولا يساوم على أجر ولا يتفق عليه، ولكنه هجر إقليمه مرتين؛ الأولى عندما جاء القاهرة ليقرأ ثلاثة أيام متتالية في مأتم الشيخ رفعت والثانية عندما أقنعه الإعلامي الكبير فهمي عمر، بلدياته بالحضور إلى القاهرة لإجراء اختبار لصوته في الميكروفون، لكن النتيجة جاءت للأسف بالسلب لأن هناك من الأصوات ولسوء الحظ كالوجوه، فبعض الوجوه الجميلة لا تصلح للتصوير وينطبق هذا على الأصوات ولسوء حظنا أن الشيخ المنشاوي من هذا النوع.
إعجاب الرئيس جمال عبد الناصر بصوته:
ويُروى أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يحب صوت المنشاوي، وطلبه للقراءة في مأتم والده بالإسكندرية، وبعد انتهاء العزاء دعا عبد الناصر الشيخ للمبيت في الغرفة المجاورة، وفي الصباح دعاه لترتيل آيات من الذكر الحكيم
تكريمات المنشاوي :
كرمته عدة دول من الدول الإسلامية منها إندونسيا؛ حيث قلده الرئيس أحمد سوكارنو وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى في منتصف الخمسينات، ووسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا في منتصف الستينيات، كما منح وسامًا فى احتفال ليلة القدر عام 1992، وبنُي مسجد باسمه في منطقة عين شمس.
حياته الاسرية :
تزوج مرتين الأولى ابنة عمه وأنجب منها أربعة أولاد وبنتين ومن الثانية خمسة أولاد وأربع بنات، وحرص على حفظهم للقرآن، وفى عام 1966 أصيب بمرض دوالي المريء وعالجه الأطباء بالمسكنات ونصحوه بعدم الإجهاد وخاصة الحنجرة، إلا أنه رغم مرضه ظل يقرأ القرآن بصوت مرتفع.
المنشاوي والشعراوي :
قال عنه الشيخ محمد متولى الشعراوى: "من أراد أن يستمع إلى خشوع القرآن فليستمع لصوت المنشاوي. إنه ورفاقه الأربعة مصطفى إسماعيل، وعبد الباسط، والبنَّا، والحصرى، يركبون مركباً، ويُبحرون في بحار القرآن الكريم، ولنْ تتوقف هذه المركب عن الإبحار حتى يرث الله الأرض ومن عليها".
وفاته:
في عام 1966، أصيب الشيخ المنشاوي بمرض في المريء نصحه فيه الأطباء بعدم إجهاد حنجرته، إلا أنه أبى إلا أن يكمل رحلته في تلاوة القرآن الكريم، وظل يتلو القرآن الكريم حتى رحل عن عالمنا في يوم الجمعة 5 ربيع الثاني 1389 هـ، الموافق 20 يونيو 1969.