10 ديسمبر 2024, 2:52 مساءً
وسط انهيار سريع لنظام الرئيس السوري، بشار الأسد، وجدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسها أمام موجة جديدة من الانتقادات، خاصة بعد أن نسب الرئيس لنفسه الفضل في هذا الحدث الذي وصفه بأنه إنجاز استراتيجي، إذ يرى مراقبون أن هذا التطور يفتح الباب لأسئلة ملحّة حول مدى وعي الإدارة الأمريكية بتداعيات الوضع السوري، حيث يتمركز نحو 900 جندي أمريكي في شمال شرق سوريا، وهي منطقة لا تزال تعاني من الفوضى والصراعات.
وفي خطابه الأخير، أكد بايدن أن سياساته الخارجية أسهمت في تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل وأوكرانيا كان حجر الزاوية في هذا التحول. لكنّ خبراء مثل جون هاناه، الزميل البارز في معهد الأمن القومي الأمريكي، يرون أن تصريحات بايدن تحمل الكثير من المبالغة وتفتقر إلى الواقعية.
نقطة عمياء
وفقاً لآراء الخبراء، فإن فريق بايدن للسياسة الخارجية ربما أظهر "نقطة عمياء" حيال تعقيدات الوضع السوري. سقوط الأسد، الذي فرّ إلى المنفى بعد سيطرة مسلحي المعارضة المدعومين من تركيا على أجزاء واسعة من البلاد، قد يكون لحظة فاصلة في تاريخ سوريا، لكنه يثير مخاوف من ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي مجددًا، مستغلًا الفوضى الأمنية.
وفي حديثه مع شبكة "فوكس نيوز"، وصف هاناه الجهود الأمريكية بأنها غير كافية لتحقيق الاستقرار الحقيقي، قائلاً: "إذا كانت إسرائيل قد اتبعت نصائح إدارة بايدن، لكان الوضع أسوأ بكثير". وأضاف أن دعم بايدن لإسرائيل كان حاسمًا في مواجهة التهديدات الإيرانية، لكنه لم يرتقِ إلى تقديم دعم كامل لإنهاء هذه التهديدات.
انتقادات عديدة طالت إدارة بايدن بسبب ما وصفه محللون بـ"الإخفاقات المتراكمة"، إذ يرى البعض أن إرث إدارة أوباما-بايدن كان مليئًا بسوء التقدير، بدءاً من التقاعس عن الرد على استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية، وصولاً إلى الانسحاب الكارثي من أفغانستان عام 2021.
المعالجة الفورية
في المقابل، يشيد أنصار الرئيس السابق ترامب بسياساته تجاه سوريا، خاصة دعمه للأكراد في مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي. السيناتور ليندسي غراهام حذّر من أن عودة النظيم ستشكل تهديدًا كبيرًا، قائلاً: "لقد ترك أوباما وبايدن فوضى تتطلب معالجة فورية".
ومع انهيار النظام السوري، تتزايد المخاوف من استغلال "داعش" للفراغ الأمني. تقارير حديثة تشير إلى نشاط خلايا نائمة للتنظيم في شمال شرق سوريا، حيث يحتجز الأكراد آلافاً من مقاتليه في ظروف هشة. سينام شركاني محمد، ممثلة المجلس الديمقراطي السوري في الولايات المتحدة، حذرت من خطر التنظيم قائلة: "الوضع الحالي يفتح شهية داعش للعودة بقوة".
وعلى الرغم من تصريحات بايدن حول النجاح، يرى محللون أن نهج الإدارة الأمريكية كان حذرًا للغاية. بنهام بن طالب لو، الخبير الإيراني، وصف تصريحات بايدن بـ"الغريبة"، مشيراً إلى أن واشنطن تجنبت المواجهة مع الأسد وإيران، مما أتاح لإسرائيل أن تأخذ زمام المبادرة الإقليمية.
وفي الوقت الذي تواجه فيه المنطقة تهديدات متصاعدة، يرى المراقبون أن الولايات المتحدة تحتاج إلى استراتيجية شاملة تعالج التداعيات الطويلة الأمد لسقوط الأسد، بما في ذلك تهديد عودة الجماعات الإرهابية.
وبينما تحتفي إدارة بايدن بما تسميه "نجاحاً استراتيجياً"، يظل المشهد في سوريا معقدًا وغير مستقر. سقوط الأسد قد يكون بداية حقبة جديدة، لكن التحديات الأمنية والإنسانية تشير إلى أن الطريق إلى استقرار دائم لا يزال طويلاً.