14 يناير 2025, 1:42 مساءً
في ساحة معركة متجمدة في منطقة كورسك الروسية، ظهر تحدٍّ جديد يواجه القوات الأوكرانية، هو جنود كوريون شماليون يفضلون الانتحار على الاستسلام. تقارير ميدانية وتفاصيل صادمة تكشف أن هؤلاء الجنود الذين تم غسل أدمغتهم ليكونوا مستعدين للتضحية بأنفسهم، يشكلون تهديدًا غير مسبوق في الحرب المستمرة بين أوكرانيا وروسيا. فهل أصبحت كوريا الشمالية لاعبًا رئيسيًّا في هذا الصراع الدامي؟
الواقع المرير
فبعد معركة شرسة في منطقة كورسك الثلجية، عثرت القوات الأوكرانية على جثث أكثر من عشرة جنود كوريين شماليين. ومن بين القتلى كان هناك جندي لا يزال على قيد الحياة، لكن المفاجأة كانت أن هذا الجندي، بدلًا من الاستسلام، فجّر نفسه بقنبلة يدوية عند اقتراب القوات الأوكرانية منه. هذه الحادثة ليست معزولة، بل هي جزء من نمط متزايد يشير إلى أن جنود كوريا الشمالية يلجؤون إلى الانتحار لتجنب الأسر.
ووفقًا لشهادات منشقّين سابقين: يتمّ غسل أدمغة الجنود الكوريين الشماليين ليكونوا مستعدين للتضحية بحياتهم في أي لحظة. "كيم" جندي سابق انشقّ إلى كوريا الجنوبية في عام 2022، أكد لـ"رويترز" أن هؤلاء الجنود يتمّ تدريبهم على الولاء المطلق للزعيم "كيم جونغ أون"، حتى لو كان الثمن هو حياتهم. وأضاف "كيم" الذي عمل في روسيا لسنوات ضمن مشاريع عسكرية كورية شمالية، أن الجنود يعتبرون الأسر خيانة عظمى.
تشير تقديرات أوكرانية وغربية إلى أن كوريا الشمالية أرسلت حوالي 11,000 جندي لدعم القوات الروسية في منطقة كورسك. وقد تكبّد هؤلاء الجنود خسائر فادحة؛ حيث قُتل أو أُصيب أكثر من 3,000 منهم. وعلى الرغم من أن موسكو وبيونغ يانغ نفتا في البداية هذه التقارير، إلا أن تصريحات لاحقة لمسؤولين من الجانبين أشارت إلى أن وجود جنود كوريين شماليين في روسيا قد يكون حقيقة واقعة.
وقود المدافع
والجنود الكوريون الشماليون الذين يتم تدريبهم على القتال في ظروف قاسية، يبدو أنهم غير مستعدين لتحديات الحرب الحديثة، مثل الهجمات بالطائرات المسيرة. تقارير استخباراتية كورية جنوبية تشير إلى أن هؤلاء الجنود قد يتم استخدامهم كـ"وقود للمدافع" من قبل روسيا؛ حيث يتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية دون تدريب كافٍ على التكتيكات العسكرية المتطورة.
وأكثر ما يثير القلق هو الأدلة المتزايدة على أن الجنود الكوريين الشماليين يتلقّون أوامر بالانتحار في حال تعرضهم لخطر الأسر. مذكرات عُثر عليها مع جنود قتلى تؤكد أن السلطات الكورية الشمالية تشدد على أهمية التدمير الذاتي بدلًا من الوقوع في الأيدي المعادية. هذه التكتيكات تذكرنا بأساليب استخدمتها كوريا الشمالية في حروب سابقة، مثل الحرب الكورية وحرب فيتنام.
والولايات المتحدة حذّرت من أن مشاركة كوريا الشمالية في الحرب الأوكرانية قد تجعلها أكثر قدرة على خوض حروب مستقبلية ضد جيرانها. الخبراء يرون أن هذه التجربة قد تعزز قدرات بيونغ يانغ العسكرية، خاصة في ظلّ التقنيات الحديثة التي يتم اختبارها على أرض المعركة.
مصير الأسرى
وأوكرانيا أعلنت عن استعدادها لتسليم الجنود الكوريين الشماليين الأسرى إلى زعيمهم "كيم جونغ أون"، بشرط أن يتم تبادلهم بأسرى أوكرانيين محتجزين في روسيا. لكن بالنسبة للجنود الكوريين الشماليين: العودة إلى وطنهم قد تكون عقابًا أقسى من الموت؛ حيث يعتبر الأسر خيانة تستوجب أشدّ العقوبات.
وفي ظلّ هذه التطورات يبدو أن الحرب الأوكرانية لم تعد صراعًا محليًّا بين كييف وموسكو، بل تحولت إلى ساحة اختبار لقوى إقليمية وعالمية تسعى لتعزيز نفوذها. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستستمر كوريا الشمالية في لعب دورها كحليف استراتيجي لروسيا، أم أن التكلفة البشرية ستجبرها على إعادة حساباتها؟