الأحد 12 يناير 2025 12:18 مساءً
في تفسيره لسورة البقرة، الآيتين 247-248، تحدث الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، عن قصة اختيار طالوت ملكًا على بني إسرائيل، وما تحمله من دروس عميقة حول معايير القيادة وأسس بناء المجتمعات.
القيادة لا تقاس بالمال بل بالكفاءة
أشار جمعة إلى أن بني إسرائيل اعترضوا على اختيار طالوت ملكًا بحجة افتقاره إلى سعة المال، متجاهلين أن القيادة الحقيقية تعتمد على العلم والكفاءة، وليس على الجوانب المادية. وبيّن أن النبي الذي اختاره الله لتوجيههم، أوضح أن طالوت يتمتع بعلم واسع وجسم قوي، مما يجعله جديرًا بقيادة الأمة.
وأوضح أن العلم في هذا السياق لا يعني المعرفة النظرية فقط، بل العلم الذي يوقظ القلب ويصل الإنسان بالله تعالى.
فالعلم الحقيقي هو الذي يربط الإنسان بربه ويجعله يدرك مسؤولياته تجاه مجتمعه وأمته.
المحسوبية تهدم الأمم
سلط الدكتور جمعة الضوء على رفض بني إسرائيل لطالوت بسبب خلفيته الاجتماعية والمادية، مشيرًا إلى أن هذا الرفض يعكس ميلهم لتقديم "أهل الثقة" والمحسوبية على "أهل الكفاءة".
وأكد أن هذا النموذج ما زال يتكرر في المجتمعات التي تنهار بسبب تقديم الولاءات الشخصية والمجاملات الاجتماعية على الكفاءة والخبرة.
وأضاف أن المجتمعات التي تعتمد على العدل وتقديم الأكفاء هي التي تبني الحضارات القوية والمستدامة. فالعدل والكفاءة هما أساس النجاح، بينما يؤدي الظلم والمحسوبية إلى انهيار الأمم.
دروس من الآيات
أوضح جمعة أن قصة طالوت تضعنا أمام تحدٍ كبير في اختيار القيادات داخل مجتمعاتنا اليوم.
إذا أردنا بناء حضارة قوية، فعلينا تجاوز المظاهر السطحية والخلفيات الاجتماعية، والتركيز على الكفاءة والعدل كمعيارين أساسيين للقيادة.
وختم حديثه بالتأكيد على أن القرآن الكريم يقدم نموذجًا عمليًا لتوجيه المجتمعات نحو النهضة من خلال تقديم الأكفاء، داعيًا إلى استخلاص العبر من هذه القصة القرآنية لبناء مجتمعات عادلة ومستقرة.