09 ديسمبر 2024, 7:37 مساءً
تلعب السعودية منذ اكتشاف النفط لأول مرة على أراضيها عام 1938 دوراً حيوياً وهاماً في استقرار أسعار النفط في السوق العالمية، وذلك بما يحافظ على مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء واستمرار نمو الاقتصاد العالمي لا سيما في الدول النامية ويحقق الرفاهية لشعوب العالم.
تلك القيادة السعودية الحكيمة لأسواق الطاقة تحظى بثقة وتثمين الدول الكبرى، ومنها بريطانيا، كون النفط هو المحرك الرئيس للاقتصاد العالمي من جهة، وكون المملكة ركيزة أساسية في دعم توازن الأسواق واستقرارها وفي موثوقية الإمدادات بصفتها مُصدراً رئيساً للنفط الخام من جهة أخرى.
ونتيجة للثقة التي توليها لندن للرياض كاللاعب الأهم في أسواق الطاقة، فقد كانت حريصة أشد الحرص على تعزيز التعاون الإستراتيجي معها في مجالات الطاقة، بما في ذلك مجال الطاقة النظيفة.
صور التعاون في مجال الطاقة
ففي الاجتماع الذي جرى في شهر مايو الماضي للجانب الاقتصادي والاجتماعي بمجلس الشراكة الإستراتيجي السعودي البريطاني، أكد الجانبين التزامهما بدعم تحولات الطاقة وأمنها عبر الشراكة الثنائية، واتفقا على التعاون المستمر في مجالات الطاقة التقليدية، والطاقة المتجددة، والبتروكيماويات، وكفاءة الطاقة، والهيدروجين الأخضر والنظيف، واحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، والمواد المتقدمة المستدامة، بالإضافة إلى بناء المزيد من الشراكات في مجالات البحث والتطوير المشتركة، والشراكات التجارية في مجال التقنية الخضراء، وهو ما يعكس التزام كل من البلدين بالتحول نحو مستقبل مستدام.
وتجتذب مشاريع الطاقة النظيفة السعودية الكثير من راغبي الاستثمار في هذا المستقبل المشرق من رجال الأعمال البريطانيين، فقد أبدى عدداً من المستثمرين البريطانيين رغبتهم في الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة والبنية التحتية المستدامة في المملكة، وذلك في ظل توجهات رؤية 2030 لاستغلال الطاقة المتجددة والخضراء في تنفيذ عدد من المشاريع الضخمة للمحافظة على البيئة والاستدامة، وذلك خلال مشاركتهم في القمة البريطانية السعودية للبنية التحتية المستدامة التي انعقدت في لندن في يونيو الماضي.
ومن بين صور التعاون بين البلدين يبزر "منتدى الطاقة المتجددة" في لندن، الذي ينظمه مجلس الأعمال السعودي البريطاني المشترك (SBJBC)، ويركز على البحث عن فرص الاستثمار والشراكة في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة، وتعزيز التعاون بين البلدين في مجال التحول إلى الطاقة النظيفة من خلال مشاريع مشتركة وتبادل المعرفة.
ويشمل التعاون السعودي البريطاني أيضاً إطلاق أول مشروع عالمي لإنتاج ألياف الكربون المخصبة بالجرافين في السعودية، والذي تقوده شركة GIM – Graphene Innovation Manchester ومقرها في مدينة مانشستر البريطانية، ومن المتوقع أن يولد هذا المشروع أكثر من 1000 وظيفة في شمال إنجلترا، ويستثمر 250 مليون جنيه إسترليني في مركز للبحث والابتكار في المدينة البريطانية.
وبحسب البيان الذي أصدرته الحكومة البريطانية لزيارة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى الرياض، فإن البلدين يعتزمان الإعلان عن إنشاء معهد دولي مشترك للهيدروجين النظيف، وذلك ضمن جهودهما لتعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق أهداف الطاقة المستدامة، وسيتم دعم المعهد من قبل اتحاد من الجامعات السعودية والبريطانية، بما في ذلك جامعة نيوكاسل، بهدف تطوير الخبرات والمهارات المتقدمة في مجال الطاقة النظيفة وتعزيز سمعة منطقة الشمال الشرقي كقوة هندسية أكاديمية. من المتوقع أن يسهم هذا المعهد في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الابتكار في مجال الهيدروجين النظيف.
وعلق إيد ميليباند وزير الطاقة البريطاني على ذلك قائلاً إن: "هذه الاتفاقيات تظهر كيف تعمل المملكة المتحدة مع دول الخليج لجلب الاستثمار وفرص العمل إلى بريطانيا، مضيفاً أن الطاقة النظيفة يمكن أن تكون مصدراً رئيساً للوظائف في المستقبل".