29 ديسمبر 2024, 3:06 مساءً
في ظل قيادتنا الرشيدة -حفظها الله- وإطار رؤية المملكة 2030 بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي تهدف إلى تحسين مستوى الخدمات الصحية وتعزيز استخدام التكنولوجيا في القطاع الطبي، شهدت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة تحولًا كبيرًا في مجال الطب والرعاية الصحية. تم التركيز بشكل خاص على تطوير البنية التحتية الحديثة للمستشفيات، واستقطاب أطباء ومختصين من جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى تطبيق برامج تعليمية وتدريبية عالية المستوى لرفع كفاءات العاملين في القطاع الطبي.
وفي هذا الإطار، قام وزير الصحة فهد الجلاجل بجولات ميدانية يشكر عليها، شملت معظم مناطق المملكة؛ هذه الجولات تضمنت تفقّد المشاريع الصحية والتدشين المباشر للمنجزات التطويرية؛ بهدف تحسين منظومة العمل الصحي وتعزيز جودة الرعاية الطبية المقدمة للمستفيدين، كما قامت السعودية بابتعاث أعداد كبيرة من أبنائها للحصول على تخصصات طبية دقيقة، مما ساهم في تعزيز القدرات المحلية وزيادة الكوادر المؤهلة في المجالات الطبية المتقدمة. هذه التحولات جعلت المملكة وجهة رائدة في الطب في المنطقة، مع زيادة الاستثمار في الصحة العامة والمشاريع الطبية الكبيرة.
لكن على الرغم من هذا التقدم، لا تزال هناك تحديات تتعلق بدقة التشخيص وضرورة التأكد منه قبل إبلاغ المرضى بحالاتهم الصحية. بعض المرضى وذويهم يعانون من صدمات نفسية بسبب التشخيصات السريعة أو غير الدقيقة، مما يؤدي إلى تفاقم حالتهم النفسية والجسدية.
حدثني صديق عن حالته قبل أسبوع، حيث تم تشخيصه بمرض خطير دون التأكد من النتائج الطبية. يقول إنه شعر بصدمة كبيرة عند سماع الخبر، خاصة أن الطبيب أبلغه بذلك دون أي مقدمات أو تهيئة نفسية. لكنه لم يقتنع بالتشخيص وقرر مراجعة مستشفى آخر، ليكتشف أن التشخيص كان خاطئًا تمامًا. يضيف صديقي: "كيف لمن لا يتحمل مثل هذه الصدمات النفسية، ككبار السن أو المرضى ذوي الحالات الحرجة، أن يتجاوز مثل هذه المواقف؟".
للأسف، هذا النوع من التشخيصات غير المؤكدة قد يتسبب في أضرار بالغة للمرضى، ويؤدي إلى شعورهم بالقلق والضغط النفسي الذي قد يستمر لفترات طويلة.
لا شك أن التشخيص تُبنى عليه خطة العلاج بشكل كامل، ما يجعل دقته أمرًا بالغ الأهمية. أي خطأ في التشخيص قد يؤدي إلى تناول علاج غير مناسب، مما يسبب مضاعفات خطيرة للجسم. كما أن العلاج الخاطئ قد يؤدي إلى تفاقم المرض أو حتى انتقاله إلى حالة صحية أخرى، مما يعرض حياة المريض للخطر. وعلى صعيد آخر، فإن التشخيص الدقيق يعزز الثقة بين الطبيب والمريض، ويسهم في تحقيق كفاءة أعلى باستخدام الموارد الطبية.
التكنولوجيا الحديثة تلعب دورًا محوريًا في الحد من الأخطاء التشخيصية. يمكن الاعتماد على أنظمة الذكاء الاصطناعي وتقنيات تحليل البيانات الكبيرة لتحسين دقة التشخيص وتقليل احتمالية الأخطاء الكارثية. على سبيل المثال، يمكن للتقنيات الرقمية المتقدمة توفير صور طبية أكثر وضوحًا أو تقديم اقتراحات دقيقة بناءً على بيانات المرضى. ومع ذلك، يظل القرار النهائي في يد الطبيب، وهو ما يؤكد ضرورة تواكب التدريب الطبي مع التحولات التكنولوجية.
إن التسرع في تقديم أخبار طبية غير مؤكدة قد يتسبب في أضرار كبيرة لا تُغتفر. لذا، يجب على الأطباء التحلي بالحذر، والتأكد من دقة التشخيص قبل إبلاغ المرضى أو ذويهم بمعلومات قد تؤثر على حياتهم بشكل سلبي.
هذه المسألة تتطلب تكثيف التوعية للأطباء وتحسين مهارات التواصل لديهم، مع فرض غرامات مالية وعقوبات على الأطباء الذين يرتكبون أخطاء في التشخيص أو يفزعون المرضى بإبلاغهم بأخبار غير دقيقة. وتشمل العقوبات أيضًا منع الطبيب من ممارسة المهنة لفترة معينة أو سحب رخصته الطبية إذا كان الخطأ جسيمًا أو أسفر عن ضرر نفسي أو جسدي للمريض.
ختامًا..
حفظ الله الجميع من كل مكروه.. الأطباء ليسوا مجرد معالجين جسديين، بل مسؤولون أيضًا عن صحة المرضى النفسية. يجب أن يكون التشخيص الدقيق جزءًا أساسيًا من مهاراتهم، ويخضعوا لتدريب مكثف على التعامل مع الأخبار الصعبة. إن تطوير الطب في بلدي العظيم يتطلب تكامل التحولات التكنولوجية مع البعد الإنساني في الرعاية الصحية، لضمان تقديم رعاية شاملة تعزز صحة المريض النفسية والجسدية، مع احترام الحالة النفسية لذوي المرضى الذين يعانون نفس المعاناة.