الأحد 8 ديسمبر 2024 09:17 صباحاً
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الشريعة الإسلامية حرمت المخدرات بجميع أنواعها على اختلاف مسمياتها، سواء كانت طبيعية أوكيمائية، وذلك لأنها أثبتت آثارها السيئة ومفاسدها على الإنسان وبيئته ونسله؛ سواء أكانت تلك المفاسد تحدث عن طريق الشرب أو الشم أو الحقن.
تجارة المخدرات
كما حرمت الشريعة تعاطيها وإحرازها، والمتاجرة فيها، وجلبها من مكان لآخر، والتستر على مروجيها، وزراعتها أو صناعتها لغير غرض طبي نافع، كما حرموا الجلوس في المجالس التي تتعاطى فيها المخدرات.
ومن فضل الله تعالى ورحمته بعباده أن أحل لهم الطيبات وأن حرَّم عليهم الخبائث، أحل لهم الطيبات التي تتعلق بمأكلهم ومشربهم وملبسهم وغير ذلك مما يتعلق بمختلف شؤون حياتهم، وحرَّم عليهم الخبائث التي يترتب على الوقوع فيها ما يؤدي إلى الضرر بهم في دينهم وفي دنياهم، وهناك نصوص كثيرة من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم تؤكد هذا المعنى وتقرره.
فمن الآيات القرآنية قوله تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللهِۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [البقرة: 172-173].
ومن الأحاديث النبوية ما رواه الإمامان البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَام».
المخدرات بمختلف أنواعها من الخبائث
وتأتي على رأس الخبائث التي حرمها الله تعالى "الـمُخَدَّرَات)"، بشتى صورها وبمختلف أنواعها وأسمائها، وقد عرفت بأنها المادة التي يؤدي تعاطيها إلى حالة تخدير كلي أو جزئي مع فقدان الوعي بصورة قد تختلف من شخص إلى آخر.
وقد قسمها الخبراء حسب مصدرها إلى:
مخدرات طبيعية: وهي المشتقة من نباتات الخَشْخاشُ، والقُنَّب، والكوكا؛ كالحشيش والأفيون والمورفين والكوكايين.
ومخدرات كيميائية: كالعقاقير المهبطة والمنشطة.
أضرار المخدرات على الإنسان والأسرة والمجتمع
وقالت الإفتاء إن العلماء تكلموا قديمًا وحديثًا عن أضرار المخدرات، وذكروا أن من أضرارها الصحية أنها تؤثر في أجهزة الجسم فتضعفها بعد أن كانت قوية، وتغرس فيها الكسل والبلادة بعد أن كانت نشطة ذكية.
وقال بعض العلماء: المدمن على تعاطي المخدرات يصاب جسمه بالوهن والضمور وشحوب الوجه وضعف الأعصاب وغالبًا ما ينتهي الإدمان بصاحبه إلى الجنون. انظر "المجلة الجنائية القومية" المجلد الثالث العدد الأول.
كما أن لها أضرار الاقتصادية أيضًا، وذلك لأنها تجعل متعاطيها يضيع الكثير من أمواله في هذه السموم التي تفسد عليه معيشته، وقد يبيع ضروريات حياته، وقد يأخذ قوت أولاده، ويعتدي على مال زوجته، وقد يترك أهله جياعًا، وقد يقترض من غيره قروضًا لا طاقة له بسدادها، كل ذلك من أجل شراء تلك المخدرات التي تعود عليه بأسوأ النتائج.
ومن أضرارها الاجتماعية أنها على رأس الأسباب التي تؤدي إلى تفكك الأسرة، وإلى شيوع ما هو أبغض الحلال إلى الله تعالى -وهو الطلاق-، وإلى عدم الشعور بالمسؤولية نحو الأبناء، وكيف يكون عند متعاطي المخدرات شعور بالمسؤولية نحو أسرته وهو يفقد هذا الشعور نحو نفسه، ومن القواعد المقررة أن "فاقد الشيء لا يعطيه".
وتعمل المخدرات في إضعاف الوازع الديني في النفوس، ومتى ضَعُفَ أقدمت البشرية على اقتراف ما نهى الله عنه بلا خوف أو حياء واستحبت العمى على الهدى وسارت في طريق المعاصي والشهوات والرذائل متبعة في ذلك الهوى والشيطان وكانت عاقبتها الخسران والبوار.
وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: 37-41].