السبت 7 ديسمبر 2024 09:34 مساءً
الكنيسة بدأت استعداداتها لـ«الاحتفال» الأبرز
البابا كيرلس ترأس أول قداس بـ«المرقسية» عام 1969 مقابل 41 قداساً لـ«البابا شنودة».. و«5» للبطريرك الحالى
البابا تواضروس فى رسالته الأولى تحت «حكم الإخوان»: عندما يخطئ الرأس يخطئ كل من خلفه
«زاخر»: «السيسى» أول رئيس يقدم التهنئة من داخل الكنيسة.. وزيارته أعادت العلاقة لتاريخها السوىّ
«ميلاد المسيح» تستعد لاستقبال سادس احتفالاتها.. و«سرجيوس»: الباب مفتوح للجميع وفق الالتزام بقواعد الحضور
بدأت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية استعداداتها لترتيب احتفالات عيد الميلاد المجيد المزمع إقامتها فى السادس من يناير المقبل، وفقاً للتقويم الشرقى.
ويستعد البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، لرئاسة قداس عيد الميلاد المجيد بـ«كاتدرائية ميلاد المسيح» بالعاصمة الإدارية الجديدة، للعام السادس على التوالى.
وحسبما أعلن القمص سرجيوس سرجيوس وكيل البطريركية، فإن أجواء الاحتفال عادية، دون أى استثناءات تحيط بها، لافتاً إلى أن الكنيسة طبعت دعوات حضور القداس، وستوزعها على الوزراء، وكبار الشخصيات العامة، والأقباط بنهاية ديسمبر الجارى.
وعلى ذلك، تبقى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ذكرى فى سياق احتفالات الكنيسة بعيد الميلاد المجيد، بعد نحو نصف قرن من إقامة القداس الرسمى بها، والذى تضمن على مدار سنوات، رسائل البطاركة عبر تاريخ الكنيسة.
واحتفلت الكنيسة الأرثوذكسية بعيد الميلاد المجيد لأول مرة بـ«كاتدرائية ميلاد المسيح» بالعاصمة الجديدة فى السادس من يناير عام 2018 بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، كأول رئيس يحضر القداس داخل الكاتدرائية.
نشأة الكاتدرائية المرقسية
وتعد الكاتدرائية التى تقع على مساحة 15 فداناً، بزيادة «فدانين» عن نظيرتها بـ«العباسية»، الوحيدة التى تحمل اسم «ميلاد المسيح» بمنطقة الشرق الأوسط، وتستوعب نحو 8200 مصلٍّ، وتتزين جدرانها بنحو 73 أيقونة تحكى حياة السيد المسيح، والقديسين المصريين، وتتضمن مقراً بابوياً، صالة استقبال، قاعة اجتماعات، مكاتب إدارية، ومتحف لتاريخ الكنيسة القبطية.
وقبل وعد الرئيس عبدالفتاح السيسى للأقباط خلال قداس عيد الميلاد عام 2017 بنقل الاحتفال إلى كاتدرائية العاصمة الجديدة فى العام التالى، ارتبط احتفال عيد الميلاد المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية على امتداد 3 فترات بابوية من «البابا كيرلس السادس»، مروراً بـ«البابا شنودة»، وحتى «البابا تواضروس الثانى»، والذى ترأس بها منذ تجليسه عام 2012 خمسة قداسات.
تاريخياً، وحسب رواية متخصصين، تعد الكاتدرائية المرقسية بالعباسية خامس مقر «بابوى» للكرسى المرقسى، بعد انتقاله من مدينة الإسكندرية إلى الكنيسة المعلقة بمصر القديمة (1040-1077)، ثم كنيسة العذراء بـ«حارة الروم» (1660-1799)، إلى أن أسست الكنيسة المرقسية بالأزبكية، وظلت مقراً للاحتفالات حتى عام 1964، وافتتحت كاتدرائية العباسية عام 1968 بحضور الرئيس جمال عبدالناصر، والإمبراطور الإثيوبى هيلاسيلاسى، وأقيم قداس عيد الميلاد بها برئاسة البابا كيرلس عام 1969.
ومن بين 35 مكتباً هندسيا اختير «د. عوض كامل» ضمن مسابقة أجرتها الكنيسة لتنفيذ المبنى على مساحة 6200 متر، مصممة على الطراز البيزنطى، والبازيليكى بطول 109 أمتار، وشارك فى تنفيذها نحو 700 عامل فنى، ومائتى صانع، وألف عامل.
ومثلما افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى كاتدرائية ميلاد المسيح عام 2019، إبان حضوره قداس عيد الميلاد المجيد، وضع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حجر أساس كاتدرائية العباسية فى الرابع والعشرين من يوليو عام 1965، على صندوق خشبى مأخوذ من مقر البطريركية القديمة بالأزبكية، وافتتحها فى الخامس والعشرين من يونيو 1968.
وحسب فترات البطاركة، لم يتسن للبابا كيرلس السادس سوى رئاسة ثلاثة قداسات لعيد الميلاد المجيد بكاتدرائية العباسية فى الفترة من «1969» وحتى «1971»، فى حين ترأس البابا شنودة الثالث ما يقرب من 41 قداساً، مقابل 5 قداسات للبطريرك الحالى البابا تواضروس الثانى.
رسائل قداس «عيد الميلاد» الأول بالكاتدرائية
رسائل القداس داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية احتفظت بطبيعتها خلال فترات البطاركة - حسب رؤية كمال زاخر منسق جبهة العلمانيين الأقباط-، رغم اختلاف الظرف التاريخى فى بعض الأحيان.
وتضمنت أولى الرسائل البابوية خلال احتفال عيد الميلاد بـ«كاتدرائية العباسية» مضموناً روحياً خالصاً، فلم يتطرق البابا كيرلس السادس لأبعد من تهنئة الأقباط بعيد الميلاد المجيد (يناير 1969)، عطفاً على تذكير بالجوانب الإنسانية فى الميلاد، ومعجزة ظهور العذراء مريم التى كانت آنذاك، وأثر ذلك فى المحبة، والوحدة الوطنية.
لكن فادى يوسف -ناشط قبطى- اعتبر أن عيد الميلاد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية ارتبط فى ذهن شباب الأقباط بصورة مصر التى تتبلور فى حضور مختلف قيادات الدولة، والشخصيات العامة السياسية، والدينية، معتبراً أنها خلال سنوات البابا شنودة حملت حاضنة للشباب، وبدت كنافذة على الشأن العام من خلال التقاء كبار رجال الدولة، ورموزها بالمجالات كافة إبان القداس، واستقبالات المقر البابوى.
رسائل البابا شنودة
وترأس البابا شنودة الثالث قداس عيد الميلاد المجيد لأول مرة فى عهد الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك عام 1985، بعد توقف استمر نحو 3 سنوات، وأربعة أشهر، فى أعقاب قرار الرئيس الراحل محمد أنور السادات بعزله فى سبتمبر 1981.
القداس الذى أعاد الأضواء الإعلامية لـ«الكاتدرائية المرقسية بالعباسية»، واعتبره مقربون من البطريرك الراحل حدثاً تاريخياً، حمل رسائل صريحة لـ«الباب شنودة» جاءت فى إشادة البطريرك بحكمة الرئيس، فى ضوء عظته التى حملت عنوان «حكمة الميلاد».
وقال «زاخر» لـ«الوفد» تعقيباً على تضمين عظة قداس عيد الميلاد رسائل دينية، وسياسية: إن الأمر يختلف من عصر لآخر، بتغير النظم السياسية، ومن ثم تغير تعاملها مع الأقباط والكنيسة، مشيراً إلى أن تعاطى الكنيسة معها كان يتغير بتغير الفعل.
ولم تلجأ الكنيسة إلى تحميل عظة «قداس عيد الميلاد» رسائل بعينها إلا إذا صبغ التوجه الدينى بصبغة سياسية مثل ما حدث فى فترات سابقة.
ملاذ الأقباط
ومع عودة البابا شنودة الثالث مرة أخرى لـ«المقر البابوى» بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، سطرت عزلة الأقباط -فى فترة ما بعد تنصيب الرئيس الراحل محمد أنور السادات - مطلع سبعينيات القرن الماضي- تاريخاً لانغلاق شباب الأقباط داخل الكاتدرائية، وإطلاق صيحات الغضب خلف أسوارها إبان أحداث طائفية خلال فترة حكم الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، أبرزها «أحداث الكشح» الثانية عام 2000، وأزمة «وفاء قسطنطين» عام 2004، وأحداث نجع حمادى عام 2010، وغيرها، مما استدعى اندلاع تظاهرات قبطية داخل أسوار الكاتدرائية المرقسية، انعكست على رسائل بابوية حملتها عظات البطريرك الراحل.
هذه الأحداث المتلاحقة منذ فترة التسعينيات، جعلت من الكاتدرائية، وتحديداً مقرها البابوى طرفاً فى القضايا الخاصة بالأقباط، وظلت هكذا طوال فترة «مبارك» -حسب تصريحات هانى لبيب- كاتب صحفي- غير أن نقاشات هذه الفترة جرت بشكل مؤسسى يرتكز الحقائق، والمعلومات - على حد وصفه.
ولم تكن الكاتدرائية تسعى لأن تكون حاضنة للشباب خارج السياق الروحى -على حد قول المفكر القبطى كمال زاخر- غير أن الأقباط بشكل عام، وليس الشباب فقط، لجأوا إلى الكنيسة كغطاء بديل، بعد إقصاء السلطة السياسية - آنذاك- للأقباط من المشهدين العام، والسياسى.
آخر رسائل البطريرك الراحل فى عيد الميلاد
أما رسائل البابا شنودة - سواء فى قداس عيد الميلاد بكاتدرائية العباسية، أو فى عظات أسبوعية- فإنها انبثقت عن خبرته العمل العام قبل رهبنته، وتجاربه، حسب رؤية «مؤسس جبهة العلمانيين الأقباط»، لافتاً إلى أن البطريرك الراحل وجد نفسه محملاً بحماية رعيته فى مواجهة انحياز السلطة السياسية خلال فترتى «السادات، ومبارك» للتيارات المتطرفة، ومغازلتها - على حد قوله.
وكان البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية قد استهل عظته فى قداس عيد الميلاد الأخير له بالكاتدرائية (يناير 2012) بقوله: «نرحب بهذا العدد المميز والمشرف من القيادات العسكرية، الذين نحبهم والذين عملوا بكل جهدهم لرفعة بلادنا».
ونوه خلال كلمته إلى أن العام الجديد جاء وسط أجواء صعبة يقول فيها الناس: مصر إلى أين؟، وأنا أقول: «قطعاً إلى الخير، لا بلون من التفاؤل، بل الإيمان بتدخل الله، الذى يحب المصريين، كل الأمور سوف تؤول إلى الخير والبركة».
أول قداس لـ«البابا تواضروس»
واستمرت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية مسرحاً لاحتفال الأقباط بعيد الميلاد المجيد، وتوالت رسائلها البابوية خلال فترة البابا تواضروس الثانى بعد تنصيبه بطريركاً «نوفمبر 2012».
ويتذكر «فادى» أول قداس لعيد الميلاد المجيد برئاسة «البطريرك 118» فى تاريخ الكنيسة القبطية: جاء هذا القداس بعد فترة انتخابات بابوية عاشتها الكنيسة لمدة 6 أشهر عقب وفاة -نياحة- البابا شنودة، واعتبره شباب الأقباط راحة بعد عناء، وترقب.
ويضيف لـ«الوفد» أن لا أحد ينسى عظة البابا تواضروس الثانى فى أول قداس عيد ميلاد بعد تجليسه إبان حكم «الإخوان» والتى قال فيها نصاً: «عندما يخطئ الرأس، يخطئ كل من خلفه، فالإنسان يحتاج طوال حياته لمن يأخذ بيده للطريق السليم».
غير أن اللافت حسب قول «زاخر» فى مناسبة عيد الميلاد المجيد، وفى السنوات الأخيرة تحديداً، حرص النشطاء الباحثين عن لفت أنظار القيادة السياسية لهم، وكذلك قواعدهم الشعبية فى دوائرهم، بحضور القداس فى صفوف الكاتدرائية الأولى.
وأردف قائلاً: «قد يكون حضور القداس فى هذه الفترة مؤشراً لرضا القيادات الكنسية عنهم».
زيارة «السيسى» للكاتدرائية
واكتسب قداس عيد الميلاد منذ عام 2015 أهمية خاصة بعد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للكاتدرائية المرقسية، وتهنئة الأقباط من داخلها، كأول رئيس مصرى يزور الكنيسة أثناء قداس عيد الميلاد.
وهو ما دفع البابا تواضروس الثانى إلى التأكيد سنوياً على سعادة الكنيسة بالزيارة الرئاسية، وزيادتها بافتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الجديدة.
فوق ذلك قال البابا: إن لحظة افتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح ستسجل فى كتب التاريخ الكنسى، معرجاً على أنه يقرأ يومياً فى الكنيسة، ويسمى «سنكسار».
القداس للجميع.. الكنيسة تبدد مخاوف العزلة
ورغم إشارة الناشط القبطى إسحاق إبراهيم لما اعتبره رسائل سلبية من نقل قداس عيد الميلاد المجيد من كاتدرائية العباسية لنظيرتها «ميلاد المسيح» بالعاصمة الجديدة، أبرزها -على حد قوله- أن الكنيسة أصبحت للأغنياء الذين يتصدرون الصفوف الأولى، وأنها معزولة عن شعبها، نظير بعد المسافة، إلا أن «زاخر» قال: إن العلاقة بين الكنيسة والدولة عادت إلى تاريخها السوى، والرئيس استن سُنة جديدة بمشاركة الأقباط عيد الميلاد بشكل منتظم.
وحسب القمص سرجيوس سرجيوس وكيل البطريركية، فإن إجراءات الحصول على دعوات حضور قداس عيد الميلاد المجيد بكاتدرائية ميلاد المسيح لم تتغير عن سابقتها بـ«كاتدرائية العباسية».
وقال: إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تؤكد دائماً على إتاحة فرصة حضور القداس لكل أبناء الكنيسة وفق تعليمات محددة، أبرزها تقديم البيانات الشخصية إلى الكنيسة التابع لها، أو مكتب وكيل البطريركية بالقاهرة.
وأضاف لـ«الوفد» أن ثمة اشتراطات للدخول، هى إحضار أصل بطاقة الرقم القومى، ودعوة الحضور، مع ضرورة التأكد من ختم الدعوة.
واستطرد قائلاً: «دون ذلك لا يستطيع أحد حضور الأفراد للقداس، مع التأكيد على عدم حضور أى شخص يعانى من أية أعراض مرضية، حفاظاً على صحة، وسلامة الجميع».