أطلقت الحكومة المصرية خطة لزيادة أسعار الأدوية بشكل مستمر حتى نهاية عام 2025، في خطوة مدمرة للمواطن المصري، وهو ما يعكس تقاعسًا مستمرًا وفسادًا غير خافٍ عن تحمّل المسؤولية تجاه الشعب.
حيث تم الإعلان عن اتفاق بين هيئة الدواء وغرفة صناعة الأدوية على تعديل أسعار الأدوية بشكل شهري، لتشمل زيادة تصل إلى 100 صنف من الأدوية شهريًا، في خطوة تفتقر إلى أي مبرر واقعي أو شفافية.
زعم المسؤولون أن الهدف من هذه الزيادة هو تقليل الأثر الفعلي على المستهلكين، لكن هذه الزيادة في الحقيقة لا تهدف سوى لتحميل المواطنين أعباء إضافية غير مبررة، حيث أن الغرض الحقيقي من هذه السياسة هو الحفاظ على مصالح أصحاب الشركات الكبرى في صناعة الأدوية، بينما يتم التضحية بمصلحة المواطن الذي يعاني بالفعل من تدهور الوضع الاقتصادي.
بموجب هذه الخطة، ستستمر الزيادة في أسعار الأدوية حتى نهاية 2025، إذ ستشمل زيادات متواصلة على الأدوية التي يتزايد الطلب عليها، بما في ذلك أدوية الأمراض المزمنة والمكملات الغذائية والفيتامينات.
فالزيادة التي تصل إلى 50% على بعض الأدوية، والتي لم تشهد زيادات في الأسعار من قبل، ستضيف عبئًا ثقيلًا على المواطن الذي يكافح في مواجهة غلاء الأسعار الذي لا يتوقف في جميع مناحي الحياة.
هذه الزيادة لم تقتصر على الأدوية فقط، بل شملت أيضًا خدمات الكشف الطبي التي تقدمها اللجان الطبية التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحي، حيث كانت المفاجأة الكبرى أن أسعار الكشف الطبي قد شهدت ارتفاعات متوالية في الأشهر الأخيرة.
في سبتمبر 2023، قامت اللجان الطبية برفع رسوم الكشف الطبي العادي من 15 جنيهًا إلى 50 جنيهًا، وهي زيادة غير مبررة وتزيد من العبء على المواطن الذي يعاني من محدودية الدخل.
وتفاقمت الأمور بعد ذلك حيث أعلنت الهيئة العامة للتأمين الصحي عن زيادات جديدة في أسعار الكشف الطبي، ليصل سعر الكشف العادي إلى 500 جنيه، والكشف المستعجل إلى 600 جنيه، والكشف في اللجان الاستثنائية أيضًا إلى 600 جنيه.
أما بالنسبة للكشف للأجانب، فقد وصل السعر إلى 700 جنيه، بينما حافظت الهيئة على سعر نموذج الكشف الطبي عند 50 جنيهًا.
هذه الزيادات كشفت بوضوح عن إصرار الحكومة على تحميل المواطن الفقير والمتوسط تكاليف إضافية في وقت يعاني فيه معظمهم من أزمة اقتصادية خانقة.
والمثير للسخرية أن الحكومة حاولت التراجع عن هذه الزيادات في البداية، حيث قامت بحذف منشور رسمي على صفحة اللجان الطبية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” والذي كان يشير إلى رفع أسعار الكشف الطبي، لكنها عادت لتوضح بعد ذلك، من خلال منشور آخر، أن الأسعار قابلة للزيادة بحسب “رؤية اللجنة” وهو ما يعني ضمناً أن الزيادات ستكون متواصلة وتختلف بحسب الحالة.
وهكذا تظهر الحكومة بصورة متخبطة وغير مسؤولة، لا تستطيع حتى الحفاظ على استقرار الأسعار في قطاع حساس مثل الصحة، بل تفرض زيادات على الخدمات التي هي أساسًا غير متاحة لجميع المواطنين بسبب ارتفاع تكاليفها.
ما هو أخطر في هذا السياق هو الزيادات المتواصلة في أسعار الأدوية التي تؤثر على ملايين المرضى في البلاد. فقد أعلنت الحكومة عن زيادة بنسبة تتراوح بين 20% و25% على أدوية الأمراض المزمنة، وفي نفس الوقت، فرضت زيادة تصل إلى 50% على أسعار الأدوية المكملات الغذائية والفيتامينات.
هذه الزيادات تنعكس بشكل مباشر على الفقراء، الذين يشكلون غالبية الشعب المصري، وتتركهم في مواجهة مع الواقع المرير، حيث يصبح العلاج أمرًا مكلفًا ويصعب تحمله.
هذه الخطة الحكومية تأتي في وقت غير مناسب بالمرة، ففي حين أن الشعب يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، حيث ارتفعت أسعار كافة السلع والخدمات بشكل متسارع في السنوات الأخيرة، فإن الحكومة بدلاً من اتخاذ خطوات جدية لمعالجة الوضع، تستمر في زيادة الأسعار بشكل دوري لتزيد من الأعباء المعيشية على الفقراء والمحتاجين. وهي بذلك تكشف عن فشل ذريع في إدارة الأزمة الاقتصادية التي لا تلوح في الأفق أي بوادر لحلها.
إن هذه السياسات التي تتبناها الحكومة تؤكد بوضوح عدم مبالاتها بمعاناة الشعب، بل على العكس، تظهر أن الحكومات المتعاقبة تعمل بشكل مستمر على تحميل المواطنين أعباءً إضافية في إطار سياسات غير مدروسة ولا تراعي التحديات الاقتصادية التي يواجهها الشعب.
حيث لا يمكن أن نعتبر هذه الزيادات في أسعار الأدوية والخدمات الصحية سوى محاولة متعمدة لتغطية الفشل الحكومي في إدارة قطاع الصحة والاقتصاد بشكل عام.
هذه الإجراءات تأتي في وقت يزداد فيه الضغط على المواطنين الذين باتوا يواجهون صعوبة في تأمين أدويتهم الضرورية.
حتى الأدوية التي كانوا يعتمدون عليها لعلاج أمراضهم المزمنة أو لتحسين صحتهم أصبحت خارج متناولهم، بينما تواصل الحكومة فرض سياسة اقتصادية تزيد من ثقل الأعباء الملقاة على عاتق المواطن.
في ظل هذه السياسات التي تتبناها الحكومة، يصبح من الواضح أن المسألة لا تتعلق بمشاكل اقتصادية فقط، بل هي بمثابة استغلال حقيقي لحاجة المواطنين.
ففي الوقت الذي كانت فيه الحكومة مطالبة بتقديم دعم حقيقي للأسر الفقيرة والمتوسطة، نجدها تواصل اتخاذ قرارات تزيد من معاناتهم.
هذه الزيادة المستمرة في أسعار الأدوية والخدمات الصحية لا تكشف فقط عن فشل الحكومة في توفير حلول، بل تكشف أيضًا عن فساد مستشري داخل القطاع الصحي، الذي أصبح يمثل عبئًا إضافيًا على المواطنين بدلاً من أن يكون أداة لحمايتهم من الأمراض وتحسين صحتهم.
فإن خطة الحكومة لزيادة أسعار الأدوية حتى نهاية 2025 لا تمثل مجرد خطوة فاشلة في التعامل مع الأزمة الاقتصادية، بل هي عملية ممنهجة لاستغلال المواطنين ورفع الأعباء عليهم في ظل تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط