أخبار عاجلة

د.أيمن نور يكتب: فاتني القطار

‏في رحلتي الأخيرة، انطلقت من بروكسل بعد أيام حافلة باللقاءات في البرلمان الأوروبي، مرورًا بيومين في باريس، حيث تشرفت بلقاء مثمر مع حفيد المفكر عبد الرحمن الكواكبي، الدكتور سلام الكواكبي، بالإضافة إلى بعض الشخصيات الفكرية والسياسية المصرية البارزة، وصولًا إلى أمستردام للقاء زملائي في حزب غد الثورة وقناة الشرق. وبينما كنت أستعد لركوب القطار، فاتني القطار.

‏قد تبدو هذه الحادثة بسيطة، فهناك دائمًا قطار آخر. لكن ماذا عن ⁧‫قطار الإصلاح‬⁩؟ حين يفوته الحكام، لا يكون هناك قطار بديل.

‏في عام 2005، أتيحت للرئيس الراحل ⁧‫حسني مبارك‬⁩ فرصة ذهبية لركوب ⁧‫قطار الإصلاح‬⁩. لكنه، رغم خدمته الطويلة، عبر عقود من العمل في ⁧‫القوات الجوية‬⁩، ثم نائبًا للرئيس، لم يدرك أن الحسابات في السماء تختلف عن الحسابات على الأرض. لقد كان يملك خبرة واسعة في التعامل مع الرئيس، حيث قضى سنوات طويلة في الظل، يراقب، يتعلم، ويشارك في صناعة القرار، لكنه حين بات القرار قراره وحده، فاته القطار. وكما يفقد الطيار السيطرة على طائرته عند ارتباك العوامل الجوية، فقد مبارك السيطرة حين تأخر في اتخاذ القرار، محاولًا اللحاق بالطائرة بعد فوات الأوان. كانت النتيجة اصطدامًا مروعًا بالأرض، وسالت الدماء، وهوت الطائرة بمن فيها، رغم أنه كان الطيار لعقود. ولولا ذلك، لكنا اليوم في ⁧‫جمهورية مبارك الثانية‬⁩، ونتأهب لاستقبال ⁧‫مبارك الثالث‬⁩.

‏قال المفكر ⁧‫عبد الرحمن الكواكبي‬⁩: “من أقبح أنواع الاستبداد استبداد الجهل على العلم”. هذه الكلمات تلخص حقيقة أن التأخير في اتخاذ القرارات المصيرية يؤدي إلى نتائج كارثية.

‏ في ⁧‫تونس‬⁩، تجاهل الرئيس ⁧‫زين العابدين بن علي‬⁩ إشارات التغيير، فكانت ⁧‫ثورة الياسمين‬⁩ هي الرد الحتمي. وفي ⁧‫سوريا‬⁩، أدى تعنت الرئيس ⁧‫بشار الأسد‬⁩ ورفضه للإصلاح إلى حرب أهلية مدمرة، انتهت بهروب مهين له، حيث غادر القصر الرئاسي في ظروف غير مشرفة، تاركًا وراءه كل شيء.

‏التاريخ مليء بالعبر. إن ⁧‫قطار الإصلاح‬⁩ لا ينتظر. والتأخير في ركوبه يزيد من كلفة التغيير، ويجعل الثمن أفدح. فهل من مدرك لهذه الرسالة؟؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

المزيد

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مصر تتوسط لتخفيف حدة التصعيد بين الكونغو ورواندا
التالى الاحتلال يقصف مناطق في جنوب لبنان بالتزامن مع تشييع جثمان حسن نصر الله