أخبار عاجلة

حسين عمار يكتب: نظرة على دور الصليب الأحمر

الصليب الأحمر بين الإنسانية والقوانين الدولية.


لم تكن صدفة أو مواقف عابرة لا يُلقي الإنسان لها بالا، تلك الهيئة التي كان عليها موظفي الصليب الأحمر في وقائع التسليم الأول والثاني والثالث للأسرى التي تمت ولا زالت تتم بين الاحتلال الصهيوني والمقاومة الفلسطينية. فشتان الفرق بين من كانوا في غزة يتسلمون أسرى الاحتلال بوجوه سيطر عليها الوجوم وحركات انفعالية وغضب على الوجوه مرسوم، وبين من كانوا هناك في سجن عوفر يتبادلون أطراف الحديث مع حراس السجن في وئام وانسجام وألفة ظهرت على وجوه ضاحكة في انتظار استلام الأسرى الفلسطينيين.

ثم نجد نفس هذه الوجوه وقد سادت عليها القسوة مع الأسرى وتعنيفهم داخل الباصات وكأنهم ليسوا ناجين من جحيم اعتقال غير إنساني وضحايا تعذيب جسدي ونفسي بحاجة إلى الدعم والاستيعاب.

ثم تدور بنا الأيام مسرعة لنصل إلى مرحلة تسليم ٤ جثامين للاحتلال كانت طائراتهم الحربية هي من قتلتهم في الأسر أثناء عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي مارسه الاحتلال على مدار ١٥ شهرا أمام مرأى ومسمع العالم المتحضر والذي ينتمي له موظفي هيئة الصليب الأحمر، ليُطهروا أثناء مراسم تسليم الجثامين فيضا غزيرا من الإنسانية وكرما محمودا من احترام الكرامة الإنسانية من خلال موكب مهيب وعمل سواتر تحجب التوابيت عن الكاميرات احتراما للميت.

لنتذكر مع تلك المشاهد منكرا وقع بهم عند تسليم مئات الجثث من الأطفال والنساء والشيوخ ضحايا توحش الاحتلال وقد وضعهم الاحتلال الدموي في اكياس زرقاء داخل شاحنات نقل بضائع حيث ألقوا الجثث فوق بعضها البعض وكأنها أكياس قمامة وليسوا ضحايا أبرياء – حتى وإن كانوا عسكريين فلأجسادهم حرمة وكرامة يجب احترامها والتعامل معها وفق مانص عليه القانون الدولي الإنسان واتفاقيات جنيف الأربع والتي تعمل من خلالها ووفق نصوصها منظمة الصليب الأحمر- تذكرت كيف كان التعامل مع هذه الجثث بدءً من استباحة الاحتلال لها قبل التسليم ثم وضعها في الأكياس الزرقاء وتحميلها في الشاحنات وكيف سلموها لوزارة الصحة في غزة وكيف حُملت كالذبيحة أمام المقبرة الجماعية التي أُعدت لهم ودُفنوا فيها.

  • لم يراع حينها من الهيئة الدولية ولم نلمس من موظفيها أي مسعى أو محاولة لاحترام جثث الفلسطينيين، تحقيقا لأبسط القيم الإنسانية وقواعد احترام جثامين القتلى مدنيين أو عسكريين حتى في مشهد ظهرت فيه المؤسسة الدولية وكأنها تخلت عن قيمها وتحللت من قواعد حددت لها وظائف وأدوار إنسانية مع كل البشر دون تفرقة أو تمييز.

ليستمر مسلسل السقوط المدوي لهيئة الصليب الأحمر وممارسة التمييز العنصري وتحيزها الفج الغير إنساني مع طرف يمثل احتلال وقوة لا تتوقف عن ارتكاب كافة صور التوحش والإبادة والتطهير العرقي في وجه طرف يعاني من الاحتلال ويواجه آلة قتل من أجل مطالبته المشروعة بالحياة على أرضه وتخليصه من محتل مختل. ممارسات لا تمناها من هيئة دولية يقع على عاتقها مهمة مقدسة بجعل الحروب اقل ايلاما على العسكريين والمدنيين وحماية التراث الإنساني ومتابعة مدى التزام الأطراف المتحاربة بقواعد القانون الدولي واحترام القيم الإنسانية، ولكن الدنيا لا تأتي بالتمني.

واقع مرير ومُركب في قسوته في ظل سيطرة مفهوم الإنسانية الانتقائية على عقول ونفوس الغرب بكل مؤسساته المحلية كانت أو الدولية، إنسانية قائمة على الفصيلة لا الفضيلة، فإذا كنت من المنتمين لها شُملت بالحماية حيا وميتا أما إن كنت غير ذلك فقد خرجت في قاموسهم عن الجماعة الإنسانية!

أزعجتهم ٤ توابيت هي أصلا من مظاهر تكريم الموتى وتعبر عن احترام الموتي، فحرصوا على إبعادها عن عدسات المُصورين، في حين أنهم نفسهم لم يجدو حرج في تسليم مئات الجثامين كالذبائح في اكياس بعد وضعهم في شاحنات فوق بعضهم البعض قبل رميهم في مقابر جماعية!

إن مثل هذه الإنسانية الإنتقائية القائمة على الفصلية تمثل جريمة تمييز عنصري في حد ذاتها وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتقوم فس جوهرها على غريزة حيوانيّة، فالإنسانية عنوان ينضو تحت رايته كل إنسان.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السيارات : فولفو ES90 الكهربائية الأولى وS90 المحدثة ستصل في 5 مارس
التالى نتنياهو يأمر بتنفيذ عملية قوية بالضفة الغربية بعد انفجارات بقرب تل أبيب