دخل مصير اتفاق وقف إطلاق النار الهش في غزة مرحلة الخطر بعد أن اتهمت حركة حماس دولة الاحتلال بانتهاك شروط الاتفاق.
وجاء رد فعل قادة الاحتلال غاضباً بعد قرار الحركة الفلسطينية بتأجيل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بسبب هذه الانتهاكات.
وقال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إنه سيستأنف الحرب إذا لم يتم إطلاق سراح المزيد من الأسرى يوم السبت.
وأضاف في خطاب مصور يوم الثلاثاء: “إذا لم تعد حماس رهائننا بحلول ظهر يوم السبت فإن وقف إطلاق النار سينتهي، وسيعود جيش الدفاع الإسرائيلي إلى القتال المكثف حتى يتم هزيمة حماس في النهاية”.
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وهو داعم بقوة لنتنياهو، فقال أن الإسرائيليين يجب أن “يطلقوا العنان لكل الجحيم” إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى بحلول الموعد النهائي يوم السبت.
غير أن أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أعلن أن قيادة الحركة “رصدت خروقات العدو وعدم التزامه ببنود الاتفاق، في الوقت الذي أوفت فيه المقاومة بكل التزاماتها”.
هل انتهكت دولة الاحتلال وقف إطلاق النار؟ وبأي طرق؟ هذه هي التفاصيل:
– استمرار الغارات الدموية على غزة
على الرغم من وقف القتال رسمياً، فقد شن جيش الاحتلال مراراً وتكراراً غارات جوية وأطلق النار على الفلسطينيين منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
كما أفاد الفلسطينيون بسماع أصوات طائرات بدون طيار للاحتلال بشكل منتظم في سماء القطاع.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة يوم الثلاثاء أن 92 فلسطينياً استشهدوا وأصيب 822 برصاص جيش الاحتلال منذ بدء الهدنة.
وبالإضافة إلى هذه الهجمات، تقول حماس أن دولة الاحتلال أجّلت كذلك عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة، وهي إحدى الالتزامات الرئيسية لاتفاق وقف إطلاق النار.
– عرقلة المساعدات الإنسانية
تتمثل إحدى النقاط الرئيسية التي ركزت عليها اتهامات حماس في أن دولة الاحتلال تواصل عرقلة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وبموجب الاتفاق، من المفترض أن تسمح دولة الاحتلال لـ 600 شاحنة مساعدات بالدخول إلى القطاع الفلسطيني يومياً.
ويوم 6 فبراير/شباط ذكر توم فليتشر، كبير مسؤولي المساعدات في الأمم المتحدة أن 10 آلاف شاحنة دخلت قطاع غزة منذ بدء وقف إطلاق النار.
غير أن المتحدث باسم بلدية غزة قال لوكالة الأناضول أنه “لم يصل إلى القطاع سوى 100 إلى 150 شاحنة في أفضل الأحوال”، من بين 600 شاحنة كان من المفترض أن تدخل يومياً.
وأوضح المكتب الإعلامي لحكومة غزة أنه لم تصل سوى 8500 شاحنة من بين 12 ألف شاحنة مساعدات كان من المفترض أن تصل إلى القطاع بحلول 7 فبراير/شباط.
ونقلت رويترز عن مسؤول مطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار أن “دولة الاحتلال رفضت طلبات من الأمم المتحدة وقطر وآخرين للسماح بإدخال وحدات سكنية مؤقتة إلى غزة لإيواء النازحين كما هو منصوص عليه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار”.
وتقول حماس أن دولة الاحتلال منعت دخول 60 ألف منزل متنقل و200 ألف خيمة بالإضافة إلى الآلات الثقيلة المستخدمة لإزالة الأنقاض.
غير أن دولة الاحتلال تنفي صحة هذه الاتهامات، قائلة أن أكثر من 100 ألف خيمة دخلت غزة.
وذكر سائقو الشاحنات على الحدود بين مصر وغزة لرويترز أن مواد البناء والخيام منعت من الدخول منذ بدء وقف إطلاق النار.
كما وردت تقارير عن احتجاز الإمدادات الطبية والملابس والمشروبات الغازية في انتظار دخول غزة بعد فحصها من قبل مسؤولي الاحتلال.
وبالإضافة إلى ذلك، تقول وزارة الصحة في غزة أن دولة الاحتلال تمنع بعض الفلسطينيين المرضى والجرحى من مغادرة القطاع لتلقي العلاج في الخارج، في مخالفة لما ورد في الاتفاق.
وتقول الوزارة أن من بين المسافرين الممنوعين من السفر مريض سرطان يبلغ من العمر 16 عاماً.
ووفقًا للوزارة، فقد استشهد ما لا يقل عن 24 فلسطينياً متأثرين بجراحهم منذ بدء وقف إطلاق النار.
وأورد المكتب الإعلامي الحكومي أن ما لا يقل عن 100 طفل استشهدوا أيضاً بسبب “المماطلة” من جانب الاحتلال في السماح لهم بالمغادرة لتلقي العلاج.
– نقص الوقود والألواح الشمسية
وفي إطار عرقلة دخول المساعدات الإنسانية، قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة أن 15 شاحنة وقود فقط تدخل يومياً لتشغيل المستشفيات والخدمات الحيوية الأخرى، من أصل 50 شاحنة نص الاتفاق على دخولها.
ويتهم المكتب الاحتلال بمنع دخول مولدات الكهرباء وقطع غيارها والألواح الشمسية وبطارياتها والأسلاك وخزانات المياه وكذلك المواد اللازمة لإصلاح شبكة المياه والصرف الصحي في شمال غزة.
– تأخير الإفراج عن الأسرى
وخلال الدفعة الثالثة من تبادل الأسرى، أخرت سلطات الاحتلال إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين لأكثر من ست ساعات.
كما أفاد مصدر مطلع لوكالة الأناضول أنه تم نقل بعض المعتقلين في عدة حالات إلى غزة دون موافقتهم أو إجراء تنسيق مسبق بشأن ذلك.
كما أفادت التقارير أن سلطات الاحتلال أخرت الإعلان عن قائمة أسماء المعتقلين الذين سيتم الإفراج عنهم.
– تصريحات ترمب وردود فعل الاحتلال
بعد إعلان ترمب عن خطته للسيطرة الأمريكية على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، أصدرت حماس عدة بيانات عبرت فيها عن رفضها الشديد لهذا المقترح.
ويعتقد الصحفيون والمحللون أن تصريحات الرئيس الأمريكي قد تزيد من تعقيد صمود اتفاق وقف إطلاق النار، حيث أن احتلال غزة المحتمل الجديد، إلى جانب طرد سكانها، قد يؤدي إلى المزيد من جولات القتال.
وقد تفاعل المسؤولون في دولة الاحتلال بشكل إيجابي ومندفع مع عرض ترمب، حيث أصدر وزير الدفاع كاتس تعليمات لجيشه بالاستعداد لـ “الرحيل الطوعي” للفلسطينيين.
ووصف نتنياهو مقترح تركب بأنه “ثوري ومبدع” وأنه “سيفتح العديد من الفرص” لإسرائيل.
وسيشكل تنفيذ الخطة انتهاكاً للمراحل المستقبلية لوقف إطلاق النار، والتي تركز على عودة الفلسطينيين النازحين وإعادة إعمار غزة.
وكان أكثر من 47 ألف فلسطيني قد استشهدوا في عدوان الاحتلال على غزة، والذي دمر أيضًا جزءًا كبيرًا من البنية التحتية المدنية للقطاع.
وأعرب الفلسطينيون الذين تحدثوا إلى ميدل إيست آي عن تصميمهم على البقاء في أرضهم، ورفضوا بشدة أي خطة من شأنها أن تجعلهم يتركون منازلهم وأراضيهم مرة أخرى.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط